خمسون عاماً على حرب يونيو… من دون حل الدولتين
القدس الشرقية التي احتلتها إسرائيل في عام 1967 (أ.ب) تحل الذكرى الخمسون لحرب يونيو (حزيران) من العام 1967، في وقت تتسع الفجوة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، مع فشل المفاوضات والوعود الفارغة وتعثر عملية السلام بسبب السياسات الاستيطانية الإسرائيلية لإلغاء أي إمكانية إقامة دولة فلسطينية.
وتأتي الذكرى وسط شكوك بالتوصل إلى تنفيذ حل الدولتين، والأراضي التي احتلتها إسرائيل في هذه الحرب، والتي ينص حل الدولتين على إقامة دولة فلسطينية عليها وهي الضفة الغربية وقطاع غزة والعاصمة القدس الشرقية.
وتعد الحكومة التي يتزعمها حاليا بنيامين نتنياهو الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل، وتضم مؤيدين للاستيطان دعوا بشكل علني إلى إلغاء فكرة قيام دولة فلسطينية. ويدعو عدد منهم إلى السماح ببقاء الفلسطينيين الذين يرغبون بالبقاء والعيش في «دولة يهودية»، بينما يرى غيرهم وجوب نقلهم إلى دول مجاورة.
ولا تزال نتائج هذه الحرب ماثلة خصوصاً في الخلافات حول المواقع المقدسة في القدس، وصولا إلى الجدار الفاصل في الضفة الغربية المحتلة، والحصار المفروض على قطاع غزة المنكوب منذ عشر سنوات، إضافة إلى المستوطنات التي قسمت الضفة وطوقت القدس الشرقية.
ويحذر البعض من أن إسرائيل في طور الانتحار، مع وجود ميول نحو إقامة ما يشبه دولة «فصل عنصري (أبارتهايد)» في حال التخلي عن فكرة حل الدولتين وضم معظم أجزاء الضفة الغربية المحتلة. ويبدو حل الدولتين ميتا تقريبا مع استمرار البناء الاستيطاني، والانقسامات في صفوف الفلسطينيين بسبب النزاع بين حركة فتح التي يتزعمها الرئيس محمود عباس وحركة حماس الإسلامية التي تسيطر على قطاع غزة. على الرغم من ذلك، يبقى حل إقامة دولتين تتعايشان جنباً إلى جنب، المرجع الأساسي للأسرة الدولية لحل النزاع.
ويقول دان شابيرو، السفير الأميركي لدى إسرائيل في عهد باراك أوباما، في تصريحات: «لا نعلم إن كان حل الدولتين ميتا أم لا، ولكن بالتأكيد فإن تحقيقه يصبح أصعب فأصعب مع كل عام». أضاف: «ربما هناك نقطة يطفح فيها الكيل، لكن ذلك لا يتضح أحيانا إلا بعد تجاوز هذه المرحلة بأشواط».
واندلعت حرب العام 1967 في الخامس من يونيو وانتهت في العاشر منه، ما أدى إلى احتلال القدس الشرقية والضفة الغربية وقطاع غزة وصحراء سيناء المصرية وهضبة الجولان السورية.
وفي نهاية المطاف، وقعت إسرائيل اتفاقية سلام مع مصر ثم الأردن، ولكن الصراع مع الفلسطينيين بقي مستمراً، ونتج عنه اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى في عام 1987 واستمرت حتى عام 1993. الذي شهد توقيع اتفاقات أوسلو، وبموجبها اعترفت إسرائيل بمنظمة التحرير الفلسطينية التي اعترفت بدورها بإسرائيل. وتزامن ذلك مع مصافحة تاريخية بين رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك إسحاق رابين والزعيم الفلسطيني ياسر عرفات.
ولكن اغتيال رابين في الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 1995 بعد أن ألقى خطابا أمام مظاهرة من أجل السلام جمعت عشرات آلاف الإسرائيليين في وسط تل أبيب، ثم اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية في عام 2000 أظهرا صعوبة إحلال السلام وعمق الفجوة بين الطرفين.
وجهود السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين متوقفة بالكامل منذ فشل المبادرة الأميركية حول هذا الموضوع في أبريل (نيسان) من عام 2014.
وأشار استطلاع رأي أجري مؤخرا أن 78 في المائة من الإسرائيليين يعتقدون أنه لا توجد أي فرصة للتوصل إلى اتفاق سلام في المستقبل القريب. وذكر استطلاع آخر أن 60 في المائة من الفلسطينيين يعتبرون أن حل الدولتين أصبح غير قابل للتطبيق.
وتقول النائبة في البرلمان الإسرائيلي عليزا لافي من حزب «يش عتيد» الوسطي إنها لا تزال تدعم حل الدولتين، ولكن «على اسرائيل أن تبقى واقعية، ولا يجب أن تضحي بأمنها»، مشيرة إلى أن مدينة القدس «عاصمتنا وقلبنا»، ومضيفة «علينا العودة إلى طاولة المفاوضات والعثور على حل». إلا أنها تقول: «علينا القيام بذلك مع فهم أنه يتوجب علينا حماية أنفسنا».
وتستذكر عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حنان عشراوي التي كانت تدرس في بيروت وقت اندلاع الحرب في عام 1967 أن هذه الحرب شكلت بداية «الفصل الأكثر إيلاما في حياتي». وتضيف «الأمر ليس مجردا أو قبل ثلاثة آلاف عام، أنت ترى ليس فقط دولة أقيمت على أرضك، وإنها لا تقوم بالتوسع فحسب، بل أيضا تحتجزك كرهينة، وتحرمك من أبسط حقوقك الأساسية».