أمومة وطفولة

خوف الأم الزائد… حب مُدمّر لشخصية الطفل ومستقبله

خوف الأم على طفلها لحمايته من المخاطر، طبيعي، وهو دافع للتربية، إلا أن المبالغة في الخوف قد تؤثر سلباً في سلوك الطفل وشخصيته. يُوصف الخوف المفرط للأم على طفلها بـ «الحب المدمر لشخصية الأخير»، ويدلّ على إصابة الأم باضطرابات عدّة تؤثر فيها وفي أفراد العائلة ككل.

أسباب مسؤولة عن خوف الأم على طفلها

  • ثمة أسباب تجعل الأم شديدة الوقاية من كل مرض وتجربة بشكل مفرط، ومنها بحسب شروح المعالجة النفسية المجازة لارا زعرور شاهين لـ «سيدتي»:
  • تجارب شخصية سبق أن مرت بها الأم خلال طفولتها. لذا، هي تخاف أن يمر ولدها، بدوره، فيها.
  • النقص في الحنان في حياة الأم، ما يخلق ردة فعل ينتج عنها الاهتمام الزائد بطفلها.
  • رغبة الأم في حماية طفلها من التجارب السلبية أو الفشل والحفاظ على سلامته الجسدية، كما النفسية.
  • المقارنة مع الأمهات الأخريات، خصوصاً إذا كانت الأم صاحبة مركز، أو أم وحيدة.
  • عدم الثقة في أي شخص آخر، ولو كان فرداً من العائلة، في العناية بطفلها بشكل صحيح.
  • الاعتقاد الخاطئ بأن الوقاية الزائدة هي وسيلة للتعبير عن الحب والتفاني.
  • حالة الطفل الوحيد .

الحلول

بعد تعداد الأسباب الأبرز للحالة، تقول المعالجة إنه يتوافر بعض الحلول لمساعدة الأم في التغلب على خوفها الزائد على طفلها، مثل:

  1. تواصل الأم مع شريكها أو أي فرد قريب من العائلة لطرح المخاوف، بشكل واضح وصريح. هذا النوع من الحوارات مُساعد في الفهم المشترك للمخاوف، بالإضافة إلى التخلص من الشعور بالعزلة والضغط النفسي، مع أهمية وضع خطة تنفيذية تربوية مشتركة والعمل على الأهداف سوياً وتحقيق التوازن بين حماية الطفل واستقلاليته. بالمقابل، إيداع المخاوف في الداخل وعدم مشاركتها يزيد من الارتباك والتوتر وينمي المخاوف، وقد يؤدي إلى تكبُّد ضغط نفسي زائد على الأم.
  2. تعلم تقنيات الاسترخاء وممارسة اليوغا وتمرينات التنفس: كل ما تقدم مفيد في الأوقات التي تكون خلالها الأم متوترة، وأيضاً في كل يوم عادي. عندما تدمج التقنيات المذكورة بالروتين اليومي، يمكن أن تحسّن الأم عبرها مستوى القلق والاستجابة للضغوط وأن تزيد من الاستعداد لمواجهة المواقف الصعبة، بشكل هادئ ومتزن. تعزز هذه التقنيات الصحة النفسية والعاطفية للأم، وتساعدها في تحسين علاقتها مع طفلها أيضاً.
  3. تعليم الطفل الثقة وممارستها تدريجياً: يجدر بالأم أن تدرك أن الطفل، بشكل عام، يرى ويشعر، مع الأهل، حتى ولو لم يقل أي أمر واضح، في هذا الصدد، فالأهل هم المرآة التي ينظر الطفل من خلالها إلى نفسه، ونظرته لنفسه ناتجة أيضاً عن نظرة أبويه إليه. الطفل الذي يرى في عين والدته أنه يصعب عليها البعد عنه أو لا يرى الثقة التامة به للاتكال على نفسه، يكبر وينمو وهو مقتنع أنه لا يقدر على مواجهة الحياة أو الصعوبات بمفرده. عندما يشعر الطفل بثقة والدته ودعمها له وتشجيعه على تطوير مهاراته والاستقلالية، يتولد لديه شعور بالقوة، والأخير يمكن أن يتطور نفسياً ومعنوياً، فغالباً هذه الثقة بنفسه تمكنه من مواجهة التحديات بثقة وصلابة أكثر، ما يساهم في بناء شخصية قوية ومستقلة للطفل، ويمكن أن يجعله أكثر استعداداً لتحمل المسؤوليات واتخاذ القرارات بنجاح في المستقبل.
  4. تحديد الحدود: تحديد الحدود والقواعد بوضوح من الأم أساس لتحقيق التوازن الصحي بين الحماية والاستقلالية في تربية الطفل. عندما تكون القواعد واضحة، يمكن للأم أن تحمي طفلها من المخاطر وتوجهه نحو السلوك الصحي، وفي الوقت نفسه تتيح له الفرص لتطوير مهاراته الشخصية والاستقلالية. يساعد تحديد الحدود أيضاً في توجيه الأمور التي يمكن للطفل أن يفعلها بمفرده وما يحتاج إلى مساعدة أو إشراف فيها. بالإضافة إلى ذلك، يتعلم الطفل كيفية احترام القواعد والمسؤوليات، وهذا يساهم في تنمية قدرته على التفكير بمسؤولية واتخاذ القرارات الصائبة.
  5. استشارة متخصص: عند استمرار المشكلة وتأثيرها على الحياة اليومية للأم والطفل، يمكن البحث عن مساعدة من متخصصين في الصحة النفسية للحصول على الدعم والإرشاد.

تأثير خوف الأم الزائد على سلوك الطفل

لخوف الأم المفرط على طفلها تأثيرات عدّة في سلوكه، منها:

  • قلة ثقة الطفل بنفسه: مع الشعور بأنه بحاحة إلى العودة إلى والدته للمساعدة في اتخاذ القرارات بدلاً من اتخاذها بنفسه. مع مرور الوقت، ينمو لدى الطفل شعور بعدم القدرة على التعامل مع التحديات بمفرده وبنجاح، ما يؤدي إلى نقص الثقة الهائل بالقدرات الشخصية.
  • صعوبة التكيف وقلة المرونة: الطفل الذين يتعرض لحماية زائدة قد يجد صعوبة وقلة مرونة في التكيف مع المواقف الجديدة والتحديات، فهو يفضل أن يظل في منطقة الراحة، وأن يتجنب التعرض للمواقف غير المألوفة؛ أي يتفادى أي تجربة جديدة ويبتعد عن الفضول عن العالم حوله. مع مرور الوقت، يمكن للطفل أن يفتقد الفرص لتطوير نفسه ومهارات البحث والاستكشاف، وقد يصبح أقل استعداداً لمواجهة التحديات والمتغيرات.
  • التأخر في تطوير مهارات الاستقلال: اتخاذ القرارات ومواجهة المشكلات أمور تعدّ جزءاً مهمّاً من تطور الطفل. حينما تتدخل الأم، بشكل زائد ودائم، لاسيما في اتخاذ القرارات، وبحل المشكلات بالنيابة عن طفلها، يمكن أن يسبب ذلك تأخراً في تطوير مهارات الطفل الاستقلالية والشخصية. فقد يصبح الطفل معتمداً بشكل هائل على الآخرين في مساعدته. الطفل، في العموم، بحاجة إلى الفرص لاتخاذ القرارات والتعامل مع التحديات بمفرده، إذ يمكن لهذه الخبرات تعزيز تطوير مهارات الاستقلال والاعتماد على النفس. إذا كان الطفل معتمداً بشكل هائل على الآخرين في اتخاذ القرارات والتواصل بشكل عام، فقد يكون من المهم تقديم الفرص له لتطوير هذه المهارات ببطء ودعم مناسب.
  • علاقات اجتماعية متأزمة: الحماية الزائدة يمكن أن تؤثر سلباً في علاقات الطفل بأصدقائه ومن حوله، حيث يمكن أن يصعب عليه التفاعل بشكل طبيعي وصحي وتطوير علاقات صحية.
  • القلق والاكتئاب: في بعض الحالات، قد يؤدي الخوف والحماية الزائدة إلى رفع مستويات القلق والاكتئاب. عندما يشعر الطفل بأنه تحت إشراف وحماية شديدين، على الدوام، وخصوصاً من الأم، يبدو قلقاً بشأن تجاربه الشخصية والقدرة على التعبير عن نفسه. لذا، من المهم التعامل مع هذه القضايا بجدية وتقديم الدعم النفسي والعاطفي للطفل الذي يعاني من هذه الصعوبات الناتجة عن التجارب الشخصية مع الأهل. إذا كان مستوى كل من القلق والاكتئاب يزداد، ينبغي البحث عن مساعدة من متخصص في الصحة النفسية.
  • يجدر بالأم أيضاً، أن تسعى للتوازن بين الحماية ومنح الفرصة للطفل للتجربة والتعلم من خلال التحديات، كما التشجيع على التحلي بالثقة بالنفس وتطوير مهارات الاستقلال لدى الأطفال منذ سن مبكرة.
زر الذهاب إلى الأعلى