الركن الإسلاميعاجل

دعاء الريح ومنافعها لأهل الأرض

الريح جند من جنود الله سبحانه وخلق من خلق الله تعالى لا يراها البشر، ولكنهم يحسونها، ويرون أثرها، تكون رحمة وتكون عذابا بأمر خالقها.

والريح آية في حال كونها رحمة من الله تعالى يرحم بها عباده ﴿ وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ ﴾ [الرُّوم:46] وفي الآية الأخرى ﴿ أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ البَرِّ وَالبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَئِلَهٌ مَعَ اللهِ تَعَالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [النمل:63].

وكما أن الريح آية عظيمة من آيات الله تعالى في حال كونها عذابا؛ فقد عدد الله عز وجل جملة من آياته الدالة على قدرته سبحانه، وذكر منها آية إهلاك عاد بالريح ﴿ وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ العَقِيمَ * مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ ﴾ [الذاريات41: 42].

وللرياح منافع عظيمة لأهل الأرض، وبفقدها تموت الأرض ومن عليها؛ فالرياح هي سبب الغيث المبارك بأمر الله تعالى، وهي البشرى بين يديه ﴿ وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا ﴾ [الفرقان:48] وفي الآية الأخرى ﴿ اللهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ﴾ [الرُّوم:48] فهم يستبشرون بها لما يعقبها من الرحمة والغيث المبارك الذي تكون به حياتهم، وحياة أنعامهم وأشجارهم وزرعهم، ونماء أموالهم، ورغد عيشهم.

والرياح هي التي تسوق السحب في السماء أمثال الجبال إلى حيث يأمر الله تعالى، فيسقي به من يشاء من عباده ﴿ وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ المَاءَ ﴾ [الأعراف:57] وفي الآية الأخرى ﴿ وَاللهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ﴾ [فاطر:9].

والرياح تلقح السحب بأمر الله تعالى فينزل الماء، وتلقح الزرع والشجر فيهتز خضرا مثمرا، وتنقل البذور من أرض إلى أرض حتى إذا سُقيت اكتست خضرة وربيعا، ومهما عمل البشر وبكل إمكانياتهم فهم أعجز من أن يزرعوا صحارى تمتد مد الناظرين بساطا أخضر بأنواع النبات الطيب في مشارق الأرض ومغاربها، ولكن الرياح تفعل ذلك بأمر الله تعالى وقدرته وتدبيره ﴿ وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ ﴾ [الحجر:22] قال عبيد بن عمير الليثي رحمه الله تعالى:(يبعث الله تعالى المثيرة فتقم الأرض قما، ثم يبعث الله تعالى الناشئة فتنشئ السحاب، ثم يبعث الله تعالى المؤلفة فتؤلف بينه، ثم يبعث الله تعالى اللواقح فتلقح السحاب).

وتعد الرياح سبباً لدورة المياه حول الأرض، ولولا ذلك لأسن الماء، ولم تنتفع به الأحياء، بل إن كل الأحياء على الأرض لو فقدت الرياح لهلكت، يقول كعب الأحبار رحمه الله تعالى: (لو حبست الريح عن الناس ثلاثا لأنتن ما بين السماء والأرض) وهي فيها ما لا يحصى من منافع العباد، وتسير بالسحب التي فيها حياة الأرض، وتذروا البذور، وفيها أرزاق العباد والحيوان والطير، وقد أقسم الله تعالى بها ﴿ وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا * فَالحَامِلَاتِ وِقْرًا ﴾ [الذاريات:1-2] فالذريات هي الرياح، والحاملات هي السحب، وفي سورة أخرى ﴿ وَالمُرْسَلَاتِ عُرْفًا * فَالعَاصِفَاتِ عَصْفًا ﴾ [المرسلات: 1- 2] وابن عباس رضي الله عنهما لما وصف جود النبي صلى الله عليه وسلم استعار الرياح المرسلة في وصفه فقال رضي الله عنه (فلرسول الله صلى الله عليه وسلم حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة) متفق عليه. وما هذا الوصف من ابن عباس رضي الله عنهما إلا لأن الريح ينتج عنها خير عظيم للأرض ومن عليها.

أدعية الرياح والمطر
روى الإمام مسلم في صحيحه من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا عصَفت الريح قال: (اللهم إني أسألك خيرها، وخير ما فيها، وخير ما أرسلت به، وأعوذ بك من شرها، وشر ما فيها، وشر ما أرسلت به).

وروى الإمام أبو داود في سننه وابن ماجه في سننه بإسناد حسن من حديث أبي هريرة قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (الريح من رَوْح الله تعالى، تأتي بالرحمة، وتأتي بالعذاب، فإذا رأيتموها فلا تسُبُّوها، واسألوا اللهَ خيرَها، واستعيذوا بالله من شرها)، معنى من رَوْح الله – بفتح الراء – قال العلماء: معناه: من رحمة الله بعباده، كما بين الإمام النووي في كتابه المجموع.

وروى الإمام الترمذي في سننه من حديث أُبَي بن كعب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تسبُّوا الريح، فإذا رأيتم ما تكرهون، فقولوا: اللهم إنا نسألك من خير هذه الريح، وخير ما فيها، وخير ما أُمِرت به، ونعوذ بك من شر هذه الريح، وشر ما فيها، وشر ما أُمِرت به).

عن ابن عباس رضي الله عنه، أن رجلًا لعن الريح عند النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ((لا تلعنوا الريح؛ فإنها مأمورة، وإنه من لعن شيئًا ليس له بأهل رجَعت اللعنة عليه))؛ (رواه الترمذي، وصححه الشيخ الألباني).

روى الإمام مسلم في صحيحه عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: ما رأيت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم مستجمعًا ضاحكًا حتى أرى منه لهواته، إنما كان يتبسم، قالت: وكان إذا رأى غيمًا أو ريحًا، عُرِف ذلك في وجهه، فقالت: يا رسول الله، أرى الناس إذا رأوا الغيم فرحوا رجاء أن يكون فيه المطر، وأراك إذا رأيته عرفت في وجهك الكراهية، قالت: فقال: يا عائشة، ما يؤمنني أن يكون فيه عذابٌ، قد عُذِّب قومٌ بالريح، وقد رأى قومٌ العذاب فقالوا: هذا عارضٌ ممطرُنا).

مما ورد في السنة النبوية المطهرة أن يقال عند أول : (اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ صَيِّبًا هَنِيئًا)، فعن عائشة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى المطر قال: “اللهم اجعله صيبا هنيئا”، ومعنى ذلك أي: أنزله علينا مطرًا نازلًا. (هنيئا) أي: نافعًا موافقًا للغرض غير ضار، قال المنذري: وأخرجه النسائي وابن ماجه.

ثالثًا ما يقال عند رؤية المطر: مما جاءت به السنة النبوية المطهرة أن يقال عند رؤية المطر: رحمة؛ فعن عطاء بن أبي رباح أنه سمع عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا رأى المطر: “رحمة” أي: هذا رحمة.

رابعًا مما جاءت به السنة النبوية الشريفة الوقوف تحت المطر:

وإصابة المطر للجسد؛ فعن ثابت الْبُنَانِيِّ، عن أنس قال: قال أنس أصابنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مطر، قال: فحسر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبه، حتى أصابه من المطر، فقلنا: يا رسول الله، لم صنعت هذا؟ قال: “لأنه حديث عهد بربه تعالى” ومعنى “حسر”: كشف أي: كشف بعض بدنه، ومعنى “حديث عهد بربه” أي: بتكوين ربه إياه، معناه: أن المطر رحمة، وهي قريبة العهد بخلق الله تعالى لها فيتبرك بها.

خامسًا: الدعاء عند ومن ذلك أيضًا أنه يستحب الدعاء نزول المطر؛

فعن عَنْ أَبِي حَازِمٍ عن سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “وَوَقْتَ الْمَطَرِ” أي: إن وقت يُعد من الأوقات التي ترجى فيها الإجابة، فيدعو الإنسان ربه بكل ما يرجو. ثالثا دعاء الرعد سبحان الذي يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: “الرعد ملك من الملائكة موكل بالسحاب بيده أو في يده مخراق من نار يزجر به السحاب والصوت الذي يسمع منه زجرة السحاب إذا زجره حتى ينتهي إلى حيث أمره”، وعن ابن عباس، رضي الله عنه، إن الرسول قال: “الرعد ملك من ملائكة الله موكل بالسحاب معه مخاريق من نار يسوق بها السحاب حيث شاء الله”.

زر الذهاب إلى الأعلى