نشر موقع اليوم السابع مقالاً تحت عنوان :( يعنى إيه نحتفل بمناسبتين فى يوم واحد.. عيد الشرطة و25 يناير.. وكيف نساوى بينهما؟! ) للكاتب الحفي ” درندراوي الهواري ” كان نصها كالتالي :
فى صباح يوم الجمعة، 25 يناير 1952، أى منذ 66 عاما، بالتمام والكمال، استدعى القائد البريطانى بمنطقة القناة «البريجادير أكسهام»، ضابط الاتصال المصرى، وسلمه إنذارًا شديد اللهجة، تتضمن ضرورة أن تسلم قوات الشرطة المصرية بالإسماعيلية أسلحتها للقوات البريطانية، وتخلى المقرات التى تعسكر فيها، ثم ترحل نهائيا عن منطقة القناة، وتعود للقاهرة، تحت زعم أن الشرطة المصرية تأوى وتتستر على الفدائيين المصريين الذين ينفذون عملياتهم الفدائية ضد قوات الاحتلال البريطانى.
وكان رد محافظة الإسماعيلية حاسما وقويا، برفض الإنذار البريطانى، وأبلغت وزير الداخلية حينذاك، «فؤاد باشا سراح الدين» الذى وافق بدوره، على قرار محافظة الإسماعيلية، وطلب من قواته المتمركزة فى مبنى المحافظة، وقسم الشرطة بالصمود والمقاومة وعدم الاستسلام.
قرار الرفض، أثار غضب وسخط القائد البريطانى فى القناة، وأعطى أوامره لقواته ودباباته وعرباته المصفحة بمحاصرة قسم شرطة الإسماعيلية، وطلب من مأمور القسم تسليم أسلحة ضباطه وجنوده، ورفض المأمور، وبدأت المقاومة الباسلة.
وأسفرت المعركة عن استشهاد 50 شرطيا مصريا، وإصابة 18 كما قتل 18 من بين القوات البريطانية، ذات التدريب والتسليح المتطور، ما مكنها من الاستيلاء على المبنى، ومنذ ذاك التاريخ، أصبح 25 يناير عيدا للشرطة، يسرد قصة كفاح رجال، ضحوا بأرواحهم من أجل مصر، ومواجهة قوات الاحتلال الغاشمة، كما تحول أيضا، عيدا قوميا لمحافظة الإسماعيلية.
وبعد 59 عاما بالتمام والكمال، قرر خليط من مرضى التثور اللاإرادى، ونشطاء السبوبة ونخب العار، وكل خصوم نظام مبارك، تقليد تونس، والخروج فى مظاهرات، يوم 25 يناير 2011 احتجاجا فى بداية الأمر على ما زعموا بوجود انتهاكات شرطية، وفشلت المظاهرات فى هذا اليوم، رغم أعدادها الكبيرة.
خروج العدد الكبير من الأبرياء، يسيرون خلف مرضى التثوراللاإرادى، أملا فى تقليد تونس، دفع جماعة الإخوان الإرهابية، إلى الخروج من جحورهم، ومحاولة القفز على المشهد الثورى، بعد الدعوة للخروج يوم الجمعة 28 يناير 2011.
وبالفعل خرج الإخوان فى حشود من بعد ظهر الجمعة فى مسيرات كبيرة حينها، ونظرًا لحالة التعب الشديد التى أصابت رجال الشرطة وانتشارهم فى الشوارع دون نوم لعدة أيام، نجح الإخوان فى إحداث الفوضى، واقتحام السجون، وإشعال الحرائق فى أقسام الشرطة، وعاشت حينها مصر يوما من الخوف والرعب بما لم تشهد مثيلا له عبر تاريخها الطويل.
إذن حراك يوم 25 يناير لم ينجح، وعاد الجميع لمنازلهم، والنجاح كان يوم 28 فبراير 2011 واستطاع الإخوان والمتعاطفون معهم، وبدعم من حماس ومنبر قطر الحقير، قناة الجزيرة، من السيطرة على ميدان التحرير فى القاهرة، والأربعين بالسويس، والقائد إبراهيم بالإسكندرية، ورفع سقف المطالَب من إقالة حبيب العادلى إلى إزاحة النظام بأكمله.
ونظرًا للخوف، وعدم اعتياد المصريين لمشاهد مثل هذا الحراك الفوضوى، تخلى مبارك عن الحكم، ورحل، وأسندت إدارة البلاد للمجلس العسكرى، برئاسة المشير حسن طنطاوى، ونائبه سامى عنان، والأخير ارتمى فى حضن جماعة الإخوان، وأن كل نصائحه، السياسية، صبت فى مصلحة الجماعة الإرهابية.
إذن، ووفقا للمعطيات، وبناء على التآريخ، الذى لا يعترف إلا بسرد الأرقام، فلا يمكن لأى مؤرخ، منصف ولديه أدواته العلمية، أن يؤرخ لنجاح الثورة يوم 25 يناير، وإنما إلى يوم 28 يناير، ولا يعنى أن الخروج يوم 25 يناير، يٌؤرخ لها منذ هذا اليوم، ولكن التآريخ، لا يعترف إلا بنجاح الحراك، فى ساعته وتاريخه.
ويمكن فقط أن يشير المؤرخون، إلى 25 يناير باعتباره تاريخا لحراك، لم يكتب له النجاح، واستطاعت الشرطة تفريقه، وعاد الجميع لمنازلهم، ثم خرجوا برفقة الإخوان، وكل منتخب العالم فى الإرهاب، يوم 28 يناير، ونجح الحراك، وانسحبت الشرطة، وانهارت مؤسسات الدولة، حتى نزل الجيش الشوارع الساعة الخامسة، بعد عصر ذاك اليوم، وكان مشهد مدرعات ودبابات الجيش، إنذارا بأن الحدث جلل، ولم يعتاد المصريون رؤيته فى الشوارع من قبل.
ومن ثم، فإن يوم 25 يناير هو عيد للشرطة، سجل فيها رجال الداخلية، ملحمة بطولية، ضد جيش الاحتلال، دفاعا عن الأرض والعرض والمقدسات، ولا يمكن أن نؤرخ لحراك 25 يناير، باعتباره ثورة، تزاحم الملحمة البطولية لرجال الشرطة، فهمًا متقاطعتين تماما.
أعلم أننا نعيش زمن خلط أنساب المفاهيم، وانتهاك صارخ وخشن لشرف الحكمة، فأصبح يتساوى من سطروا وقادوا ملحمة بطولية للدفاع عن الوطن، بجماعات إرهابية وفوضوية وخونة وعبدة اليورو والدولار، الذين دمروا الوطن، واستباحوا عرضه وشرفه، وأعطوا الفرصة لكل أعداء البلاد للنهش فى جسدها، وتدمير وتخريب مؤسساتها ومنشآتها العامة!!
من هنا، فإن يوم 25 يناير هو عيد منفرد للشرطة، وإذا أردتم تحت ضغوط الخوف، أن تجعلوا عيدا لثورة يناير، فليكن يوم الجمعة 28 يناير، وليس 25 يناير، على الأقل يتذكر الناس حجم الخراب والدمار وحالة الرعب الذى سكن قلوب ملايين المصريين، وحرق وقتل وسلب ونهب، منظم للممتلكات العامة، والخاصة، فى ذاك اليوم، ولا يمكن أن نشوه يوم 25 يناير من كل عام، باعتباره “جاكيت دبل فيس.. أو بالعربى.. بوجهين»..!!
ولَك الله يا مصر…!!