نشر رئيس تحرير الأهرام محمد عبدالهادى مقالا فى العدد الصادر غدًا بجريدة الأهرام تحت عنوان “شموخ الأهرام.. ومنصة البرلمان” رد فيه على تصريحات رئيس البرلمان، على عبدالعال، أمس، ضد الأهرام، ورفض عبدالهادى فى مقاله، اتهامات رئيس النواب، وقال: لا يقبل الأهرام التعالى فى لغة خطاب رئيس البرلمان، لأنه مؤسسة وصحيفة عابرة للزمن، لا يأخذ دروسا فيما يصح أو لا يصح من أى مسئول، ولكنه يقبل أن يرسل المسئول بما لديه من ردود للنشر، إعمالا والتزاما بحق الرد المنصوص عليه فى القوانين المنظمة للمهنة.
وفيما يلي نص المقال:
يبدو أن مفهوم العلاقة بين الصحافة وسلطات الدولة غائم ومرتبك لدى بعض المسئولين فى الدولة. فهناك من يرى دور الصحف القومية تابعا ومأمورا ممن يملك السلطة، سواء كانت تنفيذية أو تشريعية، ويغيب عن أذهانهم، أن الصحافة مملوكة للشعب المصرى، وليست تلك الملكية العامة التى تضعها تحت رحمة سلطة.
وقد جاءت تصريحات رئيس البرلمان، د.على عبدالعال، أمس الأول، عن قلعة الصحافة الحصينة، وحامل لواء التنوير على مدى أكثر من 140عاما، بأسلوب لا يليق، لا برصانة الصحيفة ولا بثقل موقعه.
لن يضير الأهرام شيء من هجوم رئيس البرلمان، إلا أن كلماته حملت مغالطات، يجب تنبيه الرأى العام بشأنها:
أولا:.. وبداية.. يؤكد الأهرام احترامه للمجلس، ومقام رئيس برلمان مصر الرفيع.
ثانيا: رئيس مجلس النواب رجل قانون، كان ينبغى أن يدقق معلوماته، ولا يلقى بالاتهامات جزافا تجاه مؤسسة عريقة، وأن يلتزم المبدأ الذى أرساه سابقوه ممن شغلوا هذا المقام الرفيع، وهو أن ما ينشر فى وسائل الإعلام يتم الرد عليه فى وسائل الإعلام، وألا يسمح باستغلال المجلس ومنصته للرد أو الهجوم على وسائل الإعلام.
ثالثا: رئيس مجلس النواب رجل قانون، يعلم أن حق الرد مكفول، وأن تجاهل استخدام حق الرد على ما ينشر فى وسائل الإعلام الذى كفله القانون، واستخدام منصة المجلس للهجوم، به شبهة إساءة استعمال السلطة.
رابعا: نظن أن د. على عبدالعال، الذى يرأس مؤسسة دستورية تمثل الشعب، وهى مجلس النواب، حريص على احترام أحكام الدستور، التى منها نص المادة (72) التى تنص علي: “تلتزم الدولة بضمان استقلال المؤسسات الصحفية، ووسائل الإعلام المملوكة لها، بما يكفل حيادها وتعبيرها عن كل الآراء والاتجاهات السياسية والفكرية والمصالح الاجتماعية، ويضمن المساواة وتكافؤ الفرص فى مخاطبة الرأى العام”، الأمر الذى يستوجب عدم إقحام مجلس النواب، كمؤسسة دستورية، للنيل من استقلال وحيادية المؤسسات الصحفية، وتعبيرها عن كل الآراء والاتجاهات.
خامسا: أن ما صدر عن د. على عبدالعال، من شأنه أن يسيء إلى حرية الرأى والتعبير، وهو ما لا يمكن أن يقبله هو نفسه أو تقبله مؤسسة تمثل الشعب حريصة على احترام الدستور والقانون وتطبيق أحكامهما.
سادسا: أن المؤسسات الصحفية مملوكة للدولة، وتلتزم الدولة وفقا للدستور برعايتها، شأنها شأن مجلس النواب.
سابعا: أوحى رئيس البرلمان بتصريحاته، عما سماه الدور المنوط بالمؤسسات الصحفية القومية فى الفترة المقبلة، بأن هناك ما يتم تدبيره فى اتجاه سيطرة قادمة، وهو ما يخالف الحقيقة، ويتناقض مع الدستور، الذى يلزم الدولة أن تحافظ على استقلال المؤسسات الصحفية وحيادها.
ثامنا: ليس معنى الملكية العامة، أن يصبح الأهرام تابعا لأى من السلطات المنصوص عليها فى الدستور، ولكنها تعنى السهر على مصلحة المواطن فى المقام الأول.
تاسعا: لا يقبل الأهرام التعالي فى لغة خطاب رئيس البرلمان، لأنه مؤسسة وصحيفة عابرة للزمن، لا يأخذ دروسا فيما يصح أو لا يصح من أى مسئول، ولكنه يقبل أن يرسل المسئول بما لديه من ردود للنشر، إعمالا والتزاما بحق الرد المنصوص عليه فى القوانين المنظمة للمهنة.
عاشرا: الحديث عن تبعية الصحافة القومية لأى سلطة فى الدولة، هو إضرار بتلك السلطة، وخسارة فادحة لصحافة الشعب بكل فئاته وتنويعاته. وقد أثبت الواقع، أن إعادة بناء إعلام الدولة المصرية، من صحافة وإذاعة وتليفزيون، تمثل ركنا أصيلا فى التغيير المنشود وليس العكس. فالإعلام الخاص ليس منوطا به نشر الفكر والثقافة، وليس ذلك من أولوياته بالنظر للطابع التجارى الذى يسيطر على عقول صانعيه، ومن ثم، فإن هدم المؤسسات العامة بادعاء أنها تمثل عبئا ماليا، هو من قبيل المغالطات.
نعم هناك حاجة إلى إصلاح جذرى، وهو ما نرجوه فى عملية تشكيل الهيئات الجديدة المنظمة للمشهد الصحفى والإعلامى.