يعد اغتيال رئيس المكتب السياسى لدى حركة حماس، إسماعيل هنية، في العاصمة الإيرانية طهران فجر الأربعاء بعد حضوره حفل تنصيب الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزكشيان ليس الأول من نوعه داخل الجمهورية الإسلامية، حيث اعتاد جهاز الاستخبارات الإسرائيلي “الموساد” على تنفيذ عمليات اغتيال داخل إيران لعقود طويلة.
وتظهر أنشطة الموساد داخل إيران مدى تغلغل الأول فى جنبات نظام الثورة الإسلامية الذى وصل إلى سدة الحكم في عام 1979، فإذا كان هناك مبرر لنجاح إسرائيل في اغتيال مسؤولين من طهران خارج القطر الإيراني، مثل الجنرال محمد رذا زاهيدى القائد البارز في فيلق القدس التابع للحرس الثورى الإيراني، والذى قضى نحبه إثر ضربة جوية إسرائيلية للمجمع الدبلوماسي الإيراني في دمشق في أبريل، مثل انتشار أذرع الموساد في الساحة الدولية، فما هو تفسير نجاح الدولة العبرية في اقتناص العديد من المسؤولين داخل إيران.
فالدولة العبرية لم تكتف باستهداف قادة الحرس الثورى وقادة المليشيات التابعة لطهران مثل حزب الله في كل من سوريا ولبنان وأقطار أخرى، وكانت سوريا- ولا تزال- أكثر ميدان شهد عمليات استهداف من قبل الدولة العبرية لأفراد تابعين للحرس الثورى الإيراني، حيث اغتالت ستة ضباط تابعين للحرس الثورى منذ اندلاع حرب 7 أكتوبر.
في الفترة الممتدة بين 2010 حتى 2020 اغتالت إسرائيل 5 علماء بارزين في البرنامج النووي الإيراني داخل الجمهورية الإسلامية، أولهم عالم فيزياء الجسيمات بجامعة طهران “مسعود على محمدى” الذى كان يعد واحد من أبرز علماء الملف النووي الإيراني قبل اغتياله في 12 يناير 2010 أمام منزله الكائن بالعاصمة طهران. منفذ اغتيال “محمدى” كان مواطن إيرانى يدعى “مجيد جمالى” الذى اعترف قبل إعدامه في عام 2012 أنه نفذ العملية بعد تدريبه على يد الموساد في تل أبيب.
بعد مرور شهور من اغتيال “محمدى”، اغتالت الدولة العبرية عالم فيزياء نووية أخر داخل الجمهورية الإسلامية في نوفمبر 2010 وهو العالم “مجيد شهريارى” الذى قتل فورا إثر تفجير سيارته بعد أن زرع بداخلها قنبلة من قبل فردين كانا يستقلا دراجة بخارية وفقا لتحقيقات الأمن الإيراني. وكان يصحب شهريارى عالم أخر هو “فريدون عباسى” وزوجته، حيث أصيبا في الحادث بجروح خطيرة، وكشفت التحقيقات أن تفجير القنبلة تم عن بعد.
في يوليو 2011 شهد طهران اغتيال أخر لواحد من أفراد الملف النووي الإيراني، وهو مهندس الكهرباء “داريوش رضائى نجاد”، الذىى حصدت روحه نيران أطلقها فردين مجهولين كان يستقلا دراجة بخارية في قلب العاصمة الإيرانية. ونفى المسؤولين الإيرانيين أي صلة تجمع بين “ريزاى نجاد” والملف النووي الإيراني، إلا أن تقارير غربية زعمت مسؤوليته عن محولات الجهد العالى التي من شأنها توفير الطاقة التفجيرية المطلوبة لتشغيل الرؤوس النووية.
وظهرت بصمات الدولة العبرية في اغتيال أخر استهدف مسؤول وحدة تخصيب اليورانيوم في مدينة نطنز في 11 يناير عام 2012، وهو المهندس “مصطفى أحمدى روشان” الذى قتلته قنبلة فجرت من بعد لتحصد روحه، هو والسائق الخاص به في شمال طهران. وعرف “روشان” الذى قضى نحبه وهو في ال32 ربيعا من عمره بإسهاماته وأوراقه البحثية التي نشرت في العديد من المراكز العملية المرموقة.
ولتأكيد اختراقها لأروقة الدولة الإيرانية مرة أخرى، استهدف الموساد رئيس البرنامج النووي الإيراني “محسن فخرى زاده” الذى كان على قوائم عقوبات الأمم المتحدة، ورغم الحراسة المكثفة وتغيير أماكن إقامته بشكل دورى، إلا أنه لم يمر الكثير من الوقت لينضم زاده إلى رفاقه من العلماء الإيرانيين المغتالين، حيث قتله سلاح نارى موجه بالأقمار الصناعية في كمين بأحد طرق مدينة آبسرد بإقليم طهران في 27 نوفمبر عام 2020. واعترف الرئيس السابق لجهاز الموساد “يوسى كوهين” في حوار تلفزيونى عام 2021 بإقدام إسرائيل على العملية التي اعتبرتها الجمهورية الإيرانية “فعل إرهابى”.