سعاد عبد الله: قدرنا في العالم العربي أن نواجه الظروف على مرارتها
لعل النجمة الكويتية سعاد عبد الله هي من أكثر الممثلات في الخليج العربي حرصاً على جمهورها، تسعى وراء النصوص الأفضل وهو ما يجعلها متربّعة على القمّة منذ سنوات طويلة وحتى اليوم. وفي أثناء عرض مسلسلها الجديد «كان في كل زمان» للكاتبة هبة مشاري حمادة، والمكوّن من حلقات منفصلة متصلة الذي يعرض على قناة «MBC1». تؤكد أنها «سعيدة برد فعل الجمهور إزاء العمل الذي يقدم طرحاً اجتماعياً بأسلوب كوميدي حيناً، وتراجيدي أحياناً، من خلال حكايات تتألف من حلقتين وثلاث وأربع، وهدفنا هو كسر لعنة الثلاثين التي حاصرتنا في السنوات الأخيرة»، مستذكرة «أيام كنا نقدّم المسلسلات القصيرة، قبل أن تحكمنا آليات الإنتاج وظروف القنوات التلفزيونية الاقتصادية والمادية، بتقديم أعمال تمتد طيلة شهر رمضان المبارك، ومشينا على هذا المبدأ إلى أن جاءت فكرة الكاتبة هبة مشاري حمادة بأن نجدّد ونركز على قصص قصيرة متنوّعة». وتثني على ذكاء الكاتبة في تقديم بعض الموضوعات بصبغة كوميدية «لأن القضايا التي تطرحها ليست سهلة، وعليها أن تخفف من حدة التعاطي معها ربما رقابياً في الدرجة الأولى، ولا أقصد هنا رقابة وزارة الإعلام فقط بل الرقابة الاجتماعية أيضاً». وتطرح معادلة غريبة تطبق في عالمنا العربي، وتتناولها إحدى حلقات «كان في كل زمان» وهي بعنوان «المهنة: بواقة (حراميّة)»، فتقول: «سلّوم بلع عشرين فلساً فغصّ ومات، وسالم بلع عشرين مليونا وهو حي يرزق»، وأجسد فيها دور «شريفة السارقة»، وفيها رسالة عن أن السارقين الكبار يعيشون حياة الرفاهية والثراء فيما يحاسب السارقين الصغار.
وتتوقف بطلة «زوارة الخميس» و«أمنا رويحة الجنة» عند مدى الصعوبة في التنقل بين شخصية وأخرى، حيث أؤدي أكثر من عشر شخصيات، وهذا الأمر أتعبني كتجربة، ولا أعتقد أنني سأكررها وأنا في هذا العمر، نظراً لكونها تحتاج جهداً جسدياً كبيراً وطاقة ذهنية عظيمة. وتضيف: «من الحكايات المؤثرة في العمل (أم السعف والليف)، التي تضيء في طابع تراثي على حياة إنسانة جادة لكن منبوذة من المجتمع كونها احترقت في طفولتها فأضحت مشوّهة، فصار الأولاد في قريتها يخشونها مع أنها أطيب إنسانة، وأكثر من يعرف التمييز بين الحق والباطل، وأن التشوّه الخارجي لا علاقة له بالتشوّه الداخلي… هذا فضلاً عن قصة تراثية ثانية بعنوان (الخرساء – الطرمة) وتبين إلى أين يصل الإنسان سعياً خلف الانتقام».
وتتوقف النجمة القديرة عند بعض حلقات مسلسلها «كان في كل زمان» لتقول: «ننقل في بعض الحلقات ظاهرة الإرهاب بقلم الكاتبة هبة مشاري حمادة قدمنا حلقتين تناولتا الموضوع في طابع درامي تراجيدي حيناً وكوميديا سوداء (زي وجوههم) أحياناً، سلطنا فيها الضوء على كيف يمكن لسوء فهم بسيط أن يقلب حياة امرأة رأساً على عقب ويبدل كل الحقائق، هي (التهمة الله أكبر) وأخرى بعنوان (قلوبنا معكم وسيوفنا عليكم)، وهاتان القصتان تتحدثان عن ظاهرة الإرهاب وتنظيم داعش الإرهابي». وتشير عبد الله إلى مسلسل آخر يعرض في رمضان عن ظاهرة الإرهاب هو «غرابيب سود»، تقول: إنه «عمل استثنائي يستحق المتابعة نظراً للقضية المهمة التي يطرحها».
وتعتبر عبد الله أن من حظها أن تكرّر التعامل مع بعض الممثلين مثل فاطمة الصفي وفرح الصراف وحمد أشكناني وعلي كاكولي وغيرهم، «إذ أرتاح للتعامل معهم كما أن معظم الممثلين الآخرين يرتبطون بأعمالهم الخاصة»، مؤكدة أنها استفادت في مسلسلها الأخير من مشاركة بعض الوجوه في حكايات معينة ومن بين هؤلاء شجون الهاجري، وإلهام الفضالة ومرام البلوشي ومنى شداد وريم أرحمة. وتعود إلى آخر مسلسل قدمته في رمضان الماضي «ساق البامبو» للمخرج محمد القفّاص، فتقول: إن «الرك على الورق أولاً، فالرواية كانت رائعة ويكفي أنها فازت بجائزة (بوكر) العالمية، ولنا الفخر بأن نتعامل مع الأدب الكويتي والرواية الكويتية، وهذه كانت تجربة مشرفة، وسعود السنعوسي كاتب رائع». وتشرح أنها كانت المرة الثانية التي أقدم فيها مسلسلاً مأخوذاً من رواية بعد «وسمية تخرج من البحر» للكاتبة ليلى العثمان وذلك قبل أكثر من عشرين عاماً.
وعن مشاريعها الدرامية بعد رمضان، تقول: «غالباً ما لا أفكّر في مسلسل قبل انتهائي مما أنجزه، لكن اليوم تلقينا عرضاً لاستكمال مسلسل (نوايا) الذي عرضته (MBC1)، في جزء ثان لكن الصورة حتى الآن ليست واضحة وتحتاج إلى بعض الوقت».
وتشير عبد الله إلى أنها حريصة على متابعة الأعمال الدرامية في مصر بصورة خاصة، موضحة أن «ما لفتني كانت مسلسلات (من دون ذكر أسماء)، (حارة اليهود) و(سجن النسا)، فقد أعجبتني طريقة كتابتها وتنفيذها وأداء أبطالها، والحبكة الدرامية التي تميّزها». وعمّا إذا كانت تجد الوقت لمتابعة الدراما السورية، تقول: إن «الوقت متاح ولنا الشرف في أن نشاهد مسلسلات سورية، لكن في ظل الأزمة السورية المستمرة منذ سنوات، لم نعد نتابع كما في السابق». وتضيف: «لدى السوريين مادة ثرية ومخيفة لكتابة أعمال درامية وسينمائيّة».
وتوجّه عبد الله رسالة قوامها الألم والتفاؤل والتحدي حول الوضع الحالي في العالم العربي، لتردّ على السؤال بسؤال، قائلة: «هل تعتقد أن الوجع انتهى؟ بالعكس فقد ازداد تعقيداً، ولكن قدرنا في العالم العربي أن نواجه الظروف على مرارتها، وأن نصمد ونتفاءل ونتحدى ونتحلّى بالأمل ليعود السلم ويعم مجدداً في بلادنا».