“كذبة أبريل” الخالدة التى اعتادت الشعوب على إطلاقها فى اليوم الأول من شهر إبريل من كل عام ، لخداع بعضهم البعض على سبيل التفكه والمزاح ، فقدت عرشها المعهود فى زمن فوضى انتشار الأكاذيب عبر وسائل التواصل الإجتماعى “السوشيال ميديا” ، وانسحبت بهدوء وودعت العالم أمام ما تبثه يوميا تلك المواقع من سيل لا محدود من الشائعات والأكاذيب بطريقة الدليفرى لكل متصفح.
وكانت مزحة كذبة إبريل قبل أن تدخل البشرية مغامرة “السوشيال ميديا” تقليدا عاما في غالبية دول العالم على اختلاف ألوانهم وثقافاتهم ، تقليد قائم على إطلاق الشائعات والأكاذيب بطريقة تبدو وكأنها صحيحة ، ولهذا فقد أصبح أول أبريل هو اليوم الوحيد المباح فيه الكذب لدى شعوب العالم ، باستثناء الشعبين الإسباني والألماني ، والسبب أن هذا اليوم مقدس في إسبانيا دينيا ، أما في ألمانيا فيوافق يوم ميلاد “بسمارك” الزعيم الألماني المعروف.
انتشار كذبة إبريل على نطاق واسع استغرق وقتا طويلا ، وبدايتها كانت فى إنجلترا بحلول القرن السابع عشر الميلادي ، حيث اشتهر الشعب البريطانى بكذبة ظهرت في عام 1860 في اليوم الأول من شهر إبريل ، حمل فيها البريد إلى مئات من سكان لندن بطاقات مختومة بأختام مزورة تدعوهم “لمشاهدة الحفلة السنوية لغسل الأسود البيض”، في برج لندن صباح يوم الأحد في الأول من إبريل وذلك بالمجان ، مما دفع الجمهور إلى التوجه نحو البرج لمشاهدة الحفلة المزعومة ، ليكتشفوا أنها مزحة.
ويعزو البعض تحديد يوم أول إبريل يوما مباحا للكذب إلى أن شهر أبريل يقع في فصل الربيع ، ومع الربيع يحلو للناس المداعبة والمرح ، إلا إن الواقع يكشف عن عدم وجود حقيقة مؤكدة لأصل هذه العادة، ويطلق على من يصدق هذه الإشاعات أو الأكاذيب إسم “ضحية كذبة أبريل ” ، ويطلق على الضحية في فرنسا اسم “السمكة” ، وفى اسكتلندا تعرف كذبة إبريل بـ “نكتة أبريل” ٠
إلا أن الحال تغير الآن مع التصاعد السريع لوسائل التواصل الاجتماعى فى السنوات الأخيرة ، وباتت قضية استقبال المعلومات عبر هذه الوسائل واقعا ، وأصبحت الملجأ الأول للكثير من الأفراد لمعرفة الأخبار وتداولها قبل التحقق من مصداقيتها ، وهو ما يؤدى لانتشار الأكاذيب والشائعات كالنار فى الهشيم ووصولها لأكبر عدد من المتلقين بسرعة البرق.
وتراجع الهدف من مزحة إبريل فى ظل ازدهار منابر الأكاذيب والشائعات التى التصق معظمها بوسائل التواصل الاجتماعى بسبب تنامى أعداد مستخدمى هذه الوسائل التي تكمن خطورتها فى أنها تنقل كما كبيرا من الشائعات من أرض الواقع المحدود إلى ساحات وامتدادات واسعة.
وتعمل الدول حاليا على مواجهة هذه الشائعات من خلال نشر ثقافة الدقة في الحصول على المعلومة الصحيحة الدقيقة والسريعة من مصادرها لدى عموم رعاياها ولاسيما فئة الشباب، ونشر المعلومات السريعة والمؤثرة والصحيحة والدقيقة حول القضايا التي تشغل المواطن وعلى رأسها قضايا الصحة والتعليم والثقافة والإعلام.
وفيما فقدت كذبة إبريل عرشها ، ظلت العديد من الأحداث التاريخية محتفظة بمكانتها فى هذا اليوم من العام ، ففى يوم الاول من إبريل تقع رأس السنة الآشورية، وفيه تم اختراع النسكافيه ، وشهد هذا اليوم نهاية الحرب الأهلية الإسبانية وبداية نظام فرانكو فى عام 1939 ، وتأسيس ستيف وزنياك وستيف جوبز شركة أبل فى عام 1976.
وفى الأول من شهر إبريل عام 2001 ، أصبحت هولندا أول دولة في العالم تجيز رسميا الزواج المثلي ، وفى عام 2001 اعتقلت سلطات صربيا والجبل الأسود الرئيس اليوغوسلافي السابق سلوبودان ميلوشيفيتش بعد 26 ساعة من حصار مقر إقامته ، وفى عام 2002 أصبحت هولندا أول دولة في العالم تجيز قانونيا الموت الرحيم ، وفى عام 2002 ايضا قام جيش الاحتلال الإسرائيلي بمجزرة في مدينة جنين بالضفة الغربية استمرت حتى 12 أبريل.