قال فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، إن الشرع أعطى الرجل الحقَّ فى أن يرى خطيبته وينظر إليها؛ لكى يختبر مشاعره نحوها، هل يميل إليها أم لا؟ وقد كانت وسيلة التعارف إلى عهد قريب عن طريق الخاطبة التى كانت تقوم بدور التقريب بين العائلات؛ لأنه كان لا يسمح للبنات بالتعليم أو الخروج أو الاختلاط بين الرجال والنساء، وكان ذلك فى إطار العادات والتقاليد، وما كانت تقوم به الخاطبة أمر لا يعاب عليه فى زمانه؛ لأنه كان وسيلة من وسائل الزواج.
وأضاف فضيلته، فى حديثه اليومى الذى يذاع قبل المغرب على الفضائية المصرية طوال شهر رمضان المعظَّم: أن الإسلام أباح للشاب وهو يبحث عن شريكة حياته أن ينظر إليها، وفى ذلك جاء فى كتاب المغنى لابن قدامة، وهو العمدة فى المذهب الحنبلى: “ومَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً، فَلَهُ أَنْ يَنْظُرَ إلَيْهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَخْلُوَ بِهَا، لا نَعْلَمُ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ خِلافًا فِى إبَاحَةِ النَّظَرِ إلَى الْمَرْأَةِ لِمَنْ أَرَادَ نِكَاحَهَا-كلمة نكاح فى الفقه تعنى الزواج”، ويعنى ذلك أن هناك إجماعًا على جواز نظر الرجل إلى مَن ستكون شريكة حياته دون أن يخلو بها؛ لأن الخلوة بين رجل وامرأة حرام، ثم يقول ابن قدامة: “وقَدْ رَوَى جَابِرٌ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إذَا خَطَبَ أَحَدُكُمْ الْمَرْأَةَ ، فَإِنْ اسْتَطَاعَ أَنْ يَنْظُرَ إلَى مَا يَدْعُوهُ إلَى نِكَاحِهَا ، فَلْيَفْعَلْ .قَالَ -جابر: فَخَطَبْت امْرَأَةً، فَكُنْت أَتَخَبَّأُ لَهَا، حَتَّى رَأَيْت مِنْهَا مَا دَعَانِى إلَى نِكَاحِهَا، فَتَزَوَّجْتُهَا، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَفِى هَذَا أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ سِوَى هَذَا”.
وساق حديثًا آخر لجواز النظر إلى المخطوبة عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَنَّهُ خَطَبَ امْرَأَةً فَقَالَ النَّبِى -صلى الله عليه وسلم: “انْظُرْ إِلَيْهَا فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا (أى تكون المعيشة هادئة مطمئنة بينكما؛ لأن هذه النظرة تجعل الخاطب يأخذ القرار وهو على بصيرة؛ وهو ما يؤدى إلى استقرار الزواج.
وأوضح الإمام الأكبر، أن الشرع يبيح للرجل أن ينظر إلى وجه المرأة التى يريد أن يخطبها، وهو رأى الجمهور؛ لأن الوجه يجمع محاسن الإنسان سواء أكان رجلا أم امرأة، والكفين والقدمين عند مذهب الإمام أبو حنيفة؛ لأن اليدين والقدمين مؤشر قوى على حيوية البدن وطاقته، وهنا أسأل الذين يوجبون على المرأة تغطية وجهها ويديها ويفرضون عليها النقاب شرعًا – وحديثى عن الشرع ليس عن العادات والتقاليد التى ليس لها فى الإسلام نصيب لا قليل ولا كثير- كيف يستقيم أمر النبى -صلى الله عليه وسلم- بأن ينظر إليها: “فَإِنْ اسْتَطَاعَ أَنْ يَنْظُرَ إلَى مَا يَدْعُوهُ إلَى نِكَاحِهَا، فَلْيَفْعَلْ”، وقوله -صلى الله عليه وسلم: “انظر إليها” والأمر بالنظر إنما يكون بالعينين لا بجارحة أخرى،كيف يستقيم الأمر بالنظر مع ما يقولون بأن تغطى المرأة وجهها وكفيها؟، وأين هذا العقل الذى يستطيع أن يفهم هذا التناقض؟! منوهًا إلى أنه ثبت فى عهد النبى -صلى الله عليه وسلم- أن المرأة كانت تكشف وجهها ويديها، ومن هنا صح أمر النبى -صلى الله عليه وسلم- بنظر الرجل إلى المرأة قبل أن يختار زوجة أو شريكة للحياة.