جريمة
صور| «درب المئذنة».. أهالي ينتظرون الموت
حجارة متناثرة، بيوت مهدمة، أزقة ضيقة، مبان في طريقها إلى التهاوي، القمامة أعلى من أسقف البيوت، أطفال ونساء تجلسن بالشارع هربا من الغرف الضيقة، التى تضم عشرات الأسر، إنها منطقة "درب المئذنة"، التى تقع بمحيط القلعة بمنطقة مصر القديمة.
انتقلت "التحرير" إلى هناك لمعايشة مشكلات الأهالي، ورصدت خلال ساعات من حياتهم عن قرب حجم المأساة التى يعيشونها، فأحلامهم منزل صغير آمن، وحياة آدمية، ومياه نظيفة، ونزح تلال القمامة التى ملأت المنطقة، وأصبحت الحشرات تأخذ حيزًا أكبر من سكانها.
بدأ عبد الحكيم سلامة، رصد مأساته، موضحًا أن منزله يلاصق الجبل، قائلا: عايش فى المنطقة أكثر من 30 سنة، واتجوزت وخلفت هنا وولادى كبروا، واتجوزوا وخلفوا برضو هنا، صرفت تحويشة عمرى على الترميمات، بس الزمن اتغير والأحفاد بتكبر عايزين عيشة تانية تكون أسهل من اللى عايشينها بعد ما بقينا 14 فرد فى الأسرة"، ونفسي أخرج برا المنطقة وأروح أى مكان تانى بسبب خوفى ليقع فوق رؤوس أبنائى وأحفادى".
معرضين للانهيار
التقط طرف الحديث محسن المعلم، أحد أبناء المنطقة، قائلا: نحن في السنوات الماضية جاءتنا لجان من الحي والمحافظة لمتابعة ومعاينة المنطقة، وما تم هو إصدار أوامر من "حي الخليفة" بإخلاء المنطقة تحت مسمى "الخطورة"، لافتا إن المباني من الممكن أن تهدم في أية لحظة بدون مقدمات، إلا أن الأهالي فوجئوا بمطالبتهم بدفع 15 ألف جنيه، لكي يبدأ الهدم والإخلاء لتك المباني "كإخلاء إداري"، وهو ما نعجزعن دفعه إلى الحي قائلا "نجيب منين الـ15 ألف جنيه، في الوقت الذي يعتبر أغلبنا فيه من الطبقات الفقيرة التي لا تملك سوى قوت يومها، وأغلبنا يعيش على مبلغ 50 جنيها فى اليوم، وطالب الرئيس عبد الفتاح السيسي والحكومة بالنظر إلى أوضاع الأهالي وأخذهم بعين الشفقة.
موضحًا: أن أهالي "درب المئذنة" معرضون في أية لحظة لانهيار منازلهم المشروخة، والذين أصبحت أحوالهم أسوأ بعدما ارتفعت أسعار الماء والكهرباء، لا سيما فيما يتعلق بانتشار الفقر.
من جانبها قالت شادية، أحد سكان المنطقة، إنهم كانوا يعيشون حياةً طبيعيةً قبل 8 أعوام، حتى جاءت تصريحات من المسئولين حول إخلاء تلك المنطقة وإزالة المنازل التي بها وإعطاء أصحاب تلك المنازل تعويضا بمنازل أخرى، إلا أن ذلك لم يحدث، وذهبوا إلى الحى ومجلس المدينة وأبدوا قبولهم للانتقال إلى مناطق أخرى، لكنها كانت بعيدة للغاية على العمل، علاوة على عدم القدرة على دفع ثمن الانتقال إليها، وتحمل أعباء الحياة هناك، قائلة "جوزى شغال يومى وعشرة لا" .
آيلة للسقوط
من جانبها قالت الحاجة أم أيمن، إن تلك المنازل آيلة للسقوط في أي لحظة بسبب أنها قديمة يصل عمرها إلى 100 عام، وبها سكان يحملون حجج لبيوتهم من أيام الحملة الفرنسية، متابعة أن هناك قرار إزالة ولكنها لا تستطيع الانتقال إلى أي مكان،قائلة:"نروح فين ونيجى منين إحنا زي السمك اللى لو خرج من المياه يموت" .
"مأساة الجبل والسيول"
بنبرة يائسة تقول هالة: "أنا فى انتظار الموت"، حيث تروى مأساتها مع الجبل المبنى عليه وحدات سكنية، قائلة: "خايفة الشتا ييجى علىّ وأنا لسه هنا فوق الجبل، لأنى بتعذب أنا وولادى الاثنين فى الشارع، والشقة بتغرق من سيول الجبل اللى بتنزل علينا مع الصخور والرملة والحشرات.
وتحكى: "أصعب موقف مر علىّ مع المطر ساعة ما الجبل نزل علينا السيول وجريت أنا وولادى فى الشارع بعيدا عنه، وسيبنا بيتنا وعفشنا، وكل حاجة، ونسيت معاهم ابنى العاجز من 16 سنة نايم لوحده على السرير لحد ما ولاد الحلال طلعوا فوق فى الغرفة شالوه ونزلوه".
وأضافت أن مشاكلهم مع الجبل والأمطار تتسبب فى حدوث ماس كهربائى يضطرهم إلى ترك منازلهم بالأيام إلى أن تجف، ثم يعودون لها مرة أخرى، وقالت: نعانى من مشاكل كثيرة، وأهمها أننا لا نتمتع بالمياه مثل باقى الخلق، فكل 5 شقق مثلاً يشتركون فى حنفية واحدة، بنجيب المية من 3 الفجر وحتى 9 الصبح، وبعد كده بتقطع.
