في الخامس من أغسطس، أعادت إدارة ترامب فرض أول رزمة عقوبات أمريكية على إيران، على أن تفعّل رزمة ثانية أكبر بعد الخامس من نوفمبر، أي بعد مرور 180 يوماً على قرار ترامب انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي.
في حينه، سيعاد فرض عقوبات على صادرات إيران النفطية وفق ما يشير إليه، في مجلة “فورين أفيرز”، بيتر هاريل، زميل مساعد في مركز الأمن الأمريكي الجديد، ومحامٍ يقدم المشورة بشأن الامتثال لعقوبات، وشغل منصب مساعد وزير الخارجية الأمريكي لمكافحة التهديدات المالية من عام 2012 2014، الأمر الذي سيكون له أثر مدمر على الاقتصاد الإيراني. وذلك ما يثبته تصريح لحبيب الله بيطراف، نائب وزير البترول الإيراني حيث قال، في يونيو، إن الحكومة الإيرانية جنت ما يقدر بـ 50 مليار دولار من مبيعات النفط في النصف الأول من السنة المالية 2017، وأن البترول ومنتجات نفطية يشكلون نسبة 70٪ من إجمالي صادرات إيران. ومع انخفاض قيمة العملة الإيرانية أكثر من 50٪ منذ سحب ترامب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، وفي ظل توسع الاحتجاجات ضد الحكومة الإيرانية، فإن قطع أكبر مورد مالي عن طهران قد يضر بشدة بحكومتها التي تواجه تحديات كبرى.
تقليص حجم الصادرات
وبرأي الكاتب، إذا أفلحت جهود إدارة ترامب، فقد تضمن تقليص حجم صادرات إيران النفطية. ولكن ذلك يتطلب من الإدارة التنسيق مع أسواق النفط العالمية بالإضافة لممارسة لعبة ديبلوماسية متعددة المستويات تشمل حكومات وشركات عالمية. كما يحتاج ترامب لاتباع ديبلوماسية ماهرة مع الصين، أكبر مستورد للنفط الإيراني، والتي اتخذت قراراتها بشأن البترول الإيراني في إطار تصاعد توترات تجارية أمريكية- صينية.
التحدي الأول
وحسب الكاتب، سوف تواجه إدارة ترامب أول تحد يتمثل في كيفية الحد من أثر إعادة فرض عقوبات على النفط الإيراني على إمدادات الطاقة العالمية. فقد أنتجت إيران قرابة أربعة ملايين برميل من النفط يومياً في 2017، بمعدل 4٪ من إجمالي الإنتاج العالمي، وصدرت 2,1 مليوني برميل يومياً. وقد تكون لسحب تلك الكمية من الأسواق بسرعة آثار كبيرة على أسعار البترول.
إقناع
وأما التحدي الثاني الذي سيواجهه ترامب فيتمثل، برأي الكاتب، في إقناع أبرز مستهلكي النفط الإيراني في التوقف عن شرائه، أو تخفيض حجم مشترياتهم، على الأقل. وقد فضلت إدارة أوباما، عند فرضها عقوبات نفطية في 2012 و2013، التفاوض مع حكومات أجنبية من أجل خفض وارداتها.
وربما تثمر مفاوضات إدارة ترامب مع حكومتي اليابان وكوريا الجنوبية، اللتين استوردتا مئات الآلاف من براميل الخام الإيراني في 2017، على رغم رفض الحكومتين وقف استيراد الخام الإيراني، ومطالبتهما إدارة ترامب بالسماح لهما بالاستمرار في استيراده بكميات أقل. ولكن إدارة ترامب تمسك بورقة هامة لأن كلاً من طوكيو وسيؤول بحاجة لدعم واشنطن في التصدي لخطر الأسلحة النووية الكورية الشمالية، ولمقاومة النفوذ الصيني المتنامي في آسيا.
موقف مختلف
وحسب كاتب المقال، يبدو الموقف الديبلوماسي مختلفاً في أوروبا، حيث تعارض حكوماتها انسحاب إدارة ترامب من الصفقة النووية، كما ترفض تخفيض حجم وارداتها من إيران. ورغم ذلك، قد تجد إدارة ترامب نجاحاً أكبر عند التعامل مع شركات أوروبية كبرى تستورد الخام الإيراني، ومنها إيني وساراس الإيطاليتان، وريبسول الإسبانية وتوتال الفرنسية وهيلنيك اليونانية. فإن جميع تلك الشركات تحتاج للدولار من أجل تمويل عملياتها، ولتوقيع عقود مع شركات تأمين دولية. ولا يريد أي منها المخاطرة بالتعرض لعقوبات نتيجة شرائها النفط الإيراني.