نشرت صحيفة المصري اليوم مقالًا للكاتب الصحفي ” عبد المنعم سعيد ” تحت عنوان ( كم كان ثمن الثورة ) جاء فيه التالي :
سعدت كثيرا، عندما أعلن الأستاذ عبدالمحسن سلامة، رئيس مجلس إدارة الأهرام، عن تحول ضخم فى سياسة مؤسسة الأهرام الغرّاء بمقتضاه تتحول المؤسسة إلى شركة قابضة، يطرح ٢٥٪ من أسهمها فى البورصة، ومن ثم يمكن تحقيق التوازن المالى، والقيام باستثمارات تطور الصحيفة، وتجعلها رقمية وذكية.
وقبل يوم من هذا الحدث المهم، جرى الإعلان عن إشهار بوابة الأهرام الإلكترونية بعد تجديدها بآخر مستجدات الزمن من التكنولوجيا. ومصدر السعادة بهذه الأنباء المهمة أنها تعد استئنافا لرحلة بدأت منذ عام ٢٠٠٩ عندما جرى اعتماد مجلس الإدارة ليوم ٢٧ ديسمبر كيوم للأهرام يجرى فيه تقييم تجربة عام، وطرح ما سوف يحدث فى العام التالى. وكانت السعادة أكثر، لأنه منذ ثمانى سنوات كان الهدف هو تحقيق التوازن المالى للمؤسسة وتحويلها إلى مؤسسة إعلامية متعددة الأغراض، تقوم على التطور الرقمى فى المجالات الصحفية والتليفزيونية والإلكترونية. كانت الفكرة تستند إلى أن المؤسسة نجحت تحت قيادة الأستاذين صلاح الغمرى ومرسى عطا الله فى سداد ديونها، أو معظمها، فإنه ممن الممكن لها أن تشكل شركة قابضة لست شركات (النشر والإعلان والتوزيع والطباعة والاستثمار وتكنولوجيا المعلومات «آماك») تطرح منها نسبة فى البورصة، تضمن للمؤسسة التقدم الفنى والمالى، وهى المتعددة الأصول والتى قدرت الآن، وبعد تخفيض الجنيه بما مقداره ١٠٠ مليار جنيه.
والحقيقة أن المسألة لم تكن مجرد أفكار، وإنما كانت مشروعا كبيرا شارك فيه مجلس إدارة الأهرام، والذى كان من أعضائه الأستاذ عبدالمحسن سلامة، ودخل فى دور التنفيذ خلال فترة ٢١ شهرا. لم تكن المسألة سهلة فى ذلك الوقت، فمن ناحية كانت المقاومة عنيفة لكل ما هو جديد، ومن ناحية أخرى أن التحول الرقمى للمؤسسة كان يحتاج لعملية ميكنة واسعة النطاق، حيث كانت كافة الإدارات تعتمد نظما تقليدية فى إدارة أعمالها، فضلا عن أن ١٠٪ فقط من العاملين كانوا يجيدون استخدام أجهزة الكمبيوتر، بينما كانت النسبة فى التحرير ٣٠٪.
ومن ناحية ثالثة فقد كان الضغط هائلاً على إدارة المؤسسة لرفع مستوى معيشة العاملين فور تحقيق فائض فى الموازنة. ورغم كل ذلك فإنه كان لتضافر العاملين، كلٌ فيما يخصه، أثرا بالغا فى انطلاقة المشروع، فقد نجح الدكتور حسن أبوطالب فى إعداد برنامج تدريبى ضخم لتلافى أوجه القصور، وبدأ المهندس مصطفى الخولى عملية الميكنة حتى وصلت قبل نهاية مارس ٢٠١١ إلى ٧٠٪ من الإدارات (فى ذلك الوقت كان عدد العاملين فى الأهرام قرابة ١٠ آلاف عامل وموظف، وألفين من المؤقتين)، وصمم المهندسين عمر سامى وحاتم هزاع خطة كبيرة «لرقمنة» المؤسسة كلها فى عملها وإنتاجها ومخرجاتها المتنوعة، وتكفل الأستاذان عبدالله عبدالسلام وهانى شكرالله بإنشاء بوابة الأهرام الإلكترونية التى سرعان ما أصبحت فى المكانة ٧٢٣ بين المواقع الإلكترونية فى العالم والبالغ عددها بضعة ملايين فى ذلك الوقت. جرى ذلك تحت المتابعة الدقيقة لمدير عام المؤسسة الدكتور طه عبدالعليم والذى قدم تقريرا شاملا عنها فى يوم الأهرام ٢٧ ديسمبر ٢٠١٠، وكذلك أمام الجمعية العمومية الطارئة المنعقدة فى ٢٣ مارس ٢٠١١.
كانت فلسفة التطوير، كما هى الآن، تقوم على أساس الاستغلال الشامل لكافة أصول المؤسسة، وتعبئة مواردها البشرية الضخمة، مع تطوير تكنولوجى يقوم على غرفة أخبار مندمجة فى الدور الرابع، والذى يدعمه دور خامس يوجد فيه أرشيف رقمى لا مثيل له فى الشرق الأوسط كله. وفى خريف عام ٢٠١٠ جرى عرض خطة تطوير الأهرام على مؤتمر الصحافة العالمى المنعقد فى مدينة هامبورج الألمانية حيث تجتمع كافة المؤسسات الصحفية الرئيسية فى العالم من النيويورك تايمز الأمريكية وحتى أساهى اليابانية للتداول فى خطط التطوير، وهناك حازت خطة الأهرام على تقدير الحاضرين.
وأكثر من ذلك فإن تطبيق خطة التطوير هذه، ومع زيادة دخول العاملين بما مقداره ٢٠٪ خلال العام المالى ٢٠٠٩ /٢٠١٠، فإن المؤسسة حققت فائضا قدره ٥٢٥ مليون جنيه، وربحا صافيا قابلا للتوزيع، قدره ١٥٠ مليون جنيه، وخلال العشرة شهور الأولى من العام المالى ٢٠١٠ /٢٠١١ حققت المؤسسة فائضا قدره ٤٦٦ مليون جنيه. كل ذلك توقف مع الثورة، واحتاج الأمر أكثر من ست سنوات لكى تعود الموسسة العريقة إلى نقطة البداية مرة أخرى. خالص التهانى للأهرام والأستاذ عبدالمحسن سلامة.