عسل «مانوكا»… غذاء ودواء
A A على عكس المتعارف عليه بين العامة، فإن عسل «مانوكا» لا علاقة له بملكات النحل، ولا هو يشفي من كثير من الأمراض، وإنما يعود أصل الاسم إلى أشجار برية في نيوزلندا وأستراليا تتغذى أسراب النحل المستورد من أوروبا عليها. وهناك عناصر مضادة للبكتيريا في هذا العسل، ولكن لم يثبت أن له فوائد طبية، غير طعمه المميز السكري.
الإنتاج العالمي من هذا العسل من نيوزلندا وأستراليا لا يتعدي 1700 طن في السنة. ولكن نظرا لارتفاع أسعاره وزيادة الإقبال عليه، يباع سنويا 10 آلاف طن من العسل تحت اسم «مانوكا»؛ منها 1800 في بريطانيا وحدها. ويتميز العسل الأصلي باللون البني الداكن، وله رائحة زكية، وطعم مميز عشبي ومركب، وبه لمسة مرارة.
ولم تثبت الأبحاث قطعيا أن عسل «مانوكا» له صفات دوائية لعلاج الحروق أو تجلطات الساقين بالمقارنة مع الرباطات الطبية الأخرى. كما أنه لا يقلل من العدوى بعد جراحات القدمين. ولكنه يحتوي على عناصر مطهرة ومضادة للبكتيريا. ويتم ضبط عينات بنسب كبيرة من العسل المستورد في الصين وهونغ كونغ وسنغافورة وبريطانيا لا تنتمي على فئة «مانوكا» رغم أنها تحمل الاسم، بينما يتم الكشف أيضا على عينات يتم خلطها بمواد سكرية بحيث تنخفض فاعليتها.
من ناحية أخرى، يؤكد البعض أن عسل النحل كان يستخدم منذ قديم الزمان في العلاج مضادا للميكروبات، وتم العثور في قبور الفراعنة على جرار من العسل.
وتوجد في الأسواق الآن أكثر من 300 فصيلة من العسل تنتمي إلى كثير من الفئات الطبيعية أو المبسترة أو المصفاة بفلتر أو تلك التي تباع بشمع النحل. ومن يرد عسل النحل الأصلي، فعليه أن يتوجه إلى متاجر المزارع أو محلات المنتجات الصحية أو الإنترنت.
ويحتوي عسل النحل الطبيعي على كثير من المكونات الغذائية مثل الأحماض الأمينية وفيتامين «ب» والكالسيوم والحديد والمنغنيز والفسفور والبوتاسيوم والصوديوم والزنك. أما عسل «مانوكا» فهو يحتوي على 4 أضعاف هذه العناصر، وهو ما يميزه فوق بقية الأنواع الأخرى.
وهناك عنصر فعال مميز يقتصر على عسل «مانوكا» يسمي «عامل مانوكا الفعال» أو «UMF» وتتدرج الفعالية من رقم 5 إلى رقم 15. ومن يشترِ عسل «مانوكا»، فعليه التأكد من وجود 4 عناصر على علبته، وهي الماركة المسجلة لـ«عامل مانوكا الفعال»، وأن تكون دولة الإنتاج هي نيوزلندا، بالإضافة إلى اسم الشركة المنتجة ورقم رخصتها، وأخيرا نسبة فعالية «عامل مانوكا» من رقم 5 إلى 15. ومن دون هذه المعلومات لا يمكن اعتبار عسل «مانوكا» أصليا.
وتعتمد درجة فاعلية عسل «مانوكا» على الرقم الفعال الذي تحصل عليه وتوثقه هيئة اسمها أيضا «UMF» وهي تقيم الفعالية كالتالي:
– من 1 إلى 4: ليست له فعالية طبية.
– من 4 إلى 9: يتساوى في الفعالية مع أنواع عسل النحل الأخرى.
– من 10 إلى 14: فعال في شفاء بعض الحالات وله صفات مضادة للبكتيريا.
– أعلى من 15: فعالية عالية للشفاء، ولا يحتاج المستهلك لأكثر من ملعقة صغيرة في كل مرة يتناول فيها هذا العسل.
مزايا طبية
رغم أن الطب الحديث يعدّ عسل «مانوكا» من أنواع العلاج الطبيعي أو الأهلي، فإن كثيرا من مواقع الإنترنت الطبية تؤكد فعالية عسل «مانوكا» في علاج كثير من الحالات، وتشير إلى أن الطب الحديث ما زال يجري أبحاثه على ما يعرفه الطب الطبيعي منذ آلاف السنين. ومن الحالات التي يعتقد مشجعو الطب الطبيعي أن عسل «مانوكا» يعالجها:
> أحماض المعدة: وهي تنتج عن زيادة إفرازات بكتيريا المعدة التي ينتج عنها أحيانا صعود الأحماض إلى المريء. ويعالج عسل «مانوكا» هذه الحالات بفضل صفاته المضادة للبكتيريا. ولذلك، فإن تناول عسل «مانوكا» يخفض من الحموضة ويستعيد توازن الجهاز الهضمي.
> علاج أمراض الجلد مثل الإكزيما والبثور: وهو علاج لا يستند حتى الآن إلى تجارب أو إثباتات طبية. ولكن من استخدموه لعلاج هذه الحالات يشهدون بفعاليته. وهم يغطون المنطقة المصابة بالعسل لعدة دقائق ثم يغسلونها بالماء والصابون. ويمكن تكرار العلاج مرة يوميا أو يوما بعد يوما من أجل الحصول على أفضل النتائج.
> وقاية من «الميكروبات السوبر»: وهي ميكروبات تنتشر في المستشفيات ودور رعاية المسنين، وسببها «ميكروبات سوبر» اسمها «MRSA» لا تتأثر بأدوية المضادات الحيوية بعد اكتسابها مناعة ضدها. ومؤخرا اكتشف باحث من جامعة كارديف متروبوليتان أن عسل «مانوكا» من شأنه القضاء على أعتى «الميكروبات السوبر»؛ الأمر الذي يمكن أن يعمم استخدامه في المستشفيات لتوفير علاج طبيعي لظاهرة معدية وخطيرة.
> الحروق والتسلخات الجلدية: يتميز عسل «مانوكا» بأنه مضاد للأكسدة ومزيل للالتهاب، وذكرت بعض الأبحاث أن استخدامه يؤدي إلى سرعة علاج الجروح وخفض الألم لدى مرضى الحروق الجلدية مع خفض نسبة الالتهاب. وهو فعال أيضا في حالات التسلخات الجلدية، واستعماله مفيد في حالات تغطية الجروح.
> أمراض الأسنان واللثة: أشارت عدة دراسات حديثة إلى فعالية عسل «مانوكا» في علاج حالات ألم الأسنان ونزف اللثة بفضل خواصه المضادة للميكروبات. وقال باحثون من جامعة ديوندن في نيوزلندا إن عسل «مانوكا» يخفض تكلس الأسنان بنسبة 35 في المائة ويخفض من درجة نزف اللثة. كما أن عناصر الكالسيوم والزنك والفسفور كلها مفيدة لصحة الأسنان.
> علاج التهابات القولون مع المحافظة على القولون من أي أضرار: وذلك في تجارب معملية أجريت على الفئران.
> علاج التهابات الحلق ودعم جهاز المناعة: في عام 2007 جاء في نشرة طبية اسمها «لوكوسايت بيولوجي» أن أحد مكونات عسل «مانوكا» له تأثير إيجابي على نظام المناعة في الجسم. وأضاف بحث آخر نشر في عام 2011 أن عسل «مانوكا» له أيضا تأثير في وقف انتشار البكتيريا التي تسبب التهابات الحلق. ومؤخرا وافق معهد السرطان البريطاني على استخدام عسل «مانوكا» في علاج التهابات الحلق التي يسببها العلاج الكيميائي.
> مكافحة حالات الحساسية: كثير من مستخدمي عسل «مانوكا» أشاروا إلى فوائده في علاج حالات الحساسية الموسمية التي تحدث خلال فصلي الربيع والصيف بسبب حبوب اللقاح المنتشرة في الجو. وفي دراسة على مجموعة من المصابين قال 60 في المائة منهم إن الحساسية تراجعت لديهم بعد تناولهم جرعات من العسل بصفة منتظمة. ولم تكن هناك حاجة لتناول أدوية مضادة للحساسية.
> منشط عام وترياق للجلد: تناول عسل «مانوكا» يوميا ينشط الجسم ويزيد الطاقة ويدعم نوعية المعيشة بفضل كثافة المواد الغذائية فيه. وهو أيضا مفيد للجلد؛ حيث يستعمله البعض لغسل الوجه، كما أنه يضاف إلى الشامبو أحيانا. وهو يضاف إلى المشروبات من أجل تطهير المعدة.
> يساعد على النوم العميق: إضافة عسل «مانوكا» إلى الحليب وشربه قبل النوم يفرز مواد مثل غلايكوجين وميلاتونين اللتين تساعدان الجسم على الاسترخاء والنوم العميق. وهو يساعد أيضا على حماية الجسم من الأمراض التي تنتج عن عدم القدرة على النوم.
ويمكن تناول ملعقة من عسل «مانوكا» يوميا أو إضافته إلى الشاي أو الزبادي. ومن أجل أفضل النتائج لعلاج التهاب الحلق، يمكن إضافة عسل «مانوكا» إلى مشروب القرفة الذي يتمتع أيضا بمواصفات مضادة للميكروبات.
ولكن عسل «مانوكا» ليس فعالا في كل الحالات، وهناك مؤشرات على أنه قد يعرقل الشفاء في حالات تسلخات الساقين الناجمة عن مرض السكري. وهو أيضا غير مناسب للاستخدام لمن يعاني من حساسية ضد النحل. ولا يفيد عسل «مانوكا» في علاج حالات ارتفاع الكولسترول. وهو يحتوي على نسبة عالية من السكر، ولذلك يجب على مرضى السكري الحرص عند تناول أي كميات من عسل «مانوكا».
ويمكن شراء عسل «مانوكا» من أي سوبر ماركت أو متاجر الأغذية الصحية أو عبر الإنترنت، ويجب التعامل مع شركات معروفة، لأن نسبا كبيرة من العسل المتاح في الأسواق مغشوشة أو مضاف إليها مواد سكرية.
ليس الدواء الشافي لكل الحالات
> رغم انتشار استخدام عسل «مانوكا» بين المشاهير وارتفاع ثمنه، فإن الأبحاث الطبية التي تثبت فعاليته محدودة العدد وبعضها مشكوك فيه. والفوائد العلاجية لهذا العسل قد يكون مبالغ فيها ويروجها تجاره من أجل الحصول على مزيد من الأرباح.
وفي أفضل الأحوال، فإن 4 عبوات من كل 5 متاحة في الأسواق لا علاقة لها بعسل «مانوكا»، لأن إجمالي المحصول العالمي الرسمي لا يزيد على 1700 طن سنويا، بينما المتاح في الأسواق يبلغ 10 ملايين طن. من ناحية أخرى، لا يلزم القانون في نيوزلندا منتجي العسل بإجراء فحوصات معملية عليه لتأكيد درجة فعاليته.
ولم تثبت فعالية عسل «مانوكا» في علاج قرحات المعدة، وقيل إن السبب أن المعدة تفكك المواد الفعالة قبل وصولها إلى القرحة. كذلك لا توجد إثباتات طبية قوية بأن عسل «مانوكا» يعالج التهابات الحلق أو البثور الجلدية بالاستعمال الخارجي عليها. واتضح أن معظم الأبحاث التي جرت تم تمويلها من اتحاد منتجي العسل في نيوزلندا.
أيضا ظهر كثير من الأبحاث في
اليونان وكندا وبعض الدول الأوروبية،
وكلها يزعم أن العسل المحلي به صفات
علاجية وغذائية أفضل من عسل
«مانوكا». وإذا كان الأمر كذلك، فإن
عسل «مانوكا» باهظ الثمن، ليس
إلا مصدر دخل جيد لمنتجيه.