فى إطار مشاركته فى الجلسة الطارئة للاتحاد البرلمانى العربى التى عقدت اليوم، الخميس، فى العاصمة المغربية الرباط، لمناقشة تداعيات القرار الأمريكى الأخير حول القدس وآليات التصدى له، ألقى الدكتور على عبد العال كلمة حول هذا الموضوع، معلنا عن تضامن مصر مع الشعب الفلسطينى ورفض قرار الرئيس الأمريكى.
وقال رئيس مجلس النواب المصرى فى كلمته: “أود فى البداية أن أتقدم بخالص الشكر والتقدير إلى المملكة المغربية الشقيقة وإلى جلالة الملك محمد السادس والشعب المغربى على حسن الاستقبال وكرم الضيافة، كما يطيب لى أن أعبر عن خالص تقديرى إلى الحبيب المالكى رئيس الاتحاد البرلمانى العربى والأمين العام للاتحاد على حسن تنظيم هذا الاجتماع الذى ينعقد فى هذه اللحظات الدقيقة والصعبة والمأساوية التى يمر بها الشعب الفلسطينى والشعوب العربية والإسلامية”.
وتابع “عبد العال”: “اسمحوا لى أيضا أن أنقل لكم صورة الشعب المصرى عشية قرار الإدارة الأمريكية الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل، أن مصر بكافة أطيافها تشعر بالألم والحزن والمرارة، فأكبر دولة فى العالم وأحد شركاء السلام تستهين بمشاعر ملايين المسلمين والمسيحيين حول العالم والمعلقة قلوبهم بالمسجد الأقصى مسرى رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام وثالث الحرمين الذى يشد إليه المسلم الرحال بعد الحرم المكى والحرم النبوى فى المدينة المنورة”.
وقال رئيس مجلس النواب، إن الولايات المتحدة استهانت بتحذيرات القادة والزعماء العرب الذين رفضوا هذا الإجراء وحذروا من تبعاته ونقلوا لها صوت شعوبهم الرافض ورغم ذلك صمت أذانها عن سماع أصوات الشعوب وانتهكت الحق الفلسطينى وخرقت التعهدات الدولية والقرارات الاممية الصادرة عن الامم المتحدة ومجلس الأمن، مستطردا: “نحن أمام ظرف تاريخى استثنائى يحتم علينا أن نتحمل مسئولياتنا أمام شعوبنا، التى أولتنا ثقتها، لنكون صوتها ولسان حالها، والمعبرين عن مواقفها بكل صدق وأمانة، وهنا أجد لزاما على، أن أعلن بكل قوة إدانة الشعب المصرى هذا القرار الأمريكى اللا مسئول ورفضه أية تداعيات أو آثار قد تترتب عليه، وتضامنه الكامل مع الشعب والقيادة فى فلسطين، ودعمه لكافة المواقف العربية والإسلامية والدولية الرافضة لهذا القرار، والرامية لإبطال مفعول هذا القرار وإلغائه”.
ودعا “عبد العال”، منظمة الأمم المتحدة وكافة المنظمات والتجمعات البرلمانية والإقليمية، وبرلمانات العالم الحر للتدخل العاجل والفعال ضد هذا القرار، انتصاراً لقيم الحق والإنسانية، وإعلاء لمبادئ القانون والعدالة، حفاظاً على السلم والأمن الإقليميين والدوليين، وبترا لكافة حجج الإرهابيين الذين يستغلون هذه الظروف للترويج لمنهجهم المتطرف، واستقطاب مؤيدين ومناصرين لهم.
وأردف: “ولسنا فى حاجة اليوم لإعادة تذكير بالقرارات العديدة الصادرة من مجلس الأمن فى هذا الشأن، فالكل يعلمها ويحفظها عن ظهر قلب، ولقد أدانت مصر كل مظاهر تهويد القدس، والانتهاكات غير المسبوقة التى تتم ضد المسجد الأقصى، ومحاولة تغيير الوضع التاريخى الثابت للمقدسات الاسلامية، وهو ما أيدته منظمة اليونيسكو التى اعتبرت أن إسرائيل-السلطة القائمة بالاحتلال – ليس لها أى سيادة قانونية على القدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية، كما قررت لجنة التراث العالمى فى اليونسكو تسجيل “مدينة الخليل والحرم الإبراهيمى الشريف” على لائحة التراث العالمى المهدد بالخطر، وشكّل القراران دعما كبيرا من المجتمع الدولى للشعب الفلسطينى فى سعيه إلى المحافظة على هويته وتراثه الحضارى أمام الاعتداءات المتكررة ومحاولات الطمس التى يمارسها الاحتلال الاسرائيلى”.
وأكد “عبد العال”، أن مصر لم تقف مع الحق الفلسطينى فحسب، بل دفعت من أرواح أبنائها فى الجيش والشرطة والمدنيين الابرياء ثمن الارهاب والتطرف الذى يتغذى على تلك التصرفات العاصفة بقيمة وروح العدالة، فكل الجماعات الارهابية تتاجر بالقضية، وتجند الشباب تحت زعم تحرير القدس، وهو ما يؤثر على فرص احلال السلام والاستقرار فى الشرق الأوسط.
وقال أن مصر ملتزمة بمبادرة السلام العربية كما طُرحت فى قمة بيروت عام 2002، وتعتبر أن السلام العادل والشامل خيار استراتيجى، وأن الشرط المسبق لتحقيقه هو إنهاء الاحتلال الإسرائيلى لكامل الأراضى الفلسطينية والعربية التى احتُلت عام 1967، وتمكين الشعب الفلسطينى من ممارسة حقوقه غير القابلة للتصرّف، بما فيها حق تقرير المصير وإقامة دولة فلسطين المستقلة كاملة السيادة، وعلى الولايات المتحدة تحمل مسؤولياتها تجاه أمن وسلامة العالم والتراجع عن ذلك القرار الاستفزازى بما يحفظ استقرار المنطقة وتطبيق الشرعية الدولية فيما يتعلق بوضع القدس.
وقال: “إن الحدث الخطير الذى نحن بصدده اليوم، يحتم علينا أن ننظر لواقعنا بتأمل وصدق مع النفس، أليس ما تعانيه أمتنا العربية والإسلامية من انتهاكات لحقوقها وسيادتها نتيجة مباشرة لحالة التشرذم والتفسخ الطائفى والمذهبى والسياسى والاقتصادى…إلخ من صنوف الانقسام والتبعثر؟، هل نستفيق ونسترد الوعى قبل فوات الأوان.. قبل أن يندم الجميع يوم لا ينفع فيه الندم؟ ها هى القدس اليوم تتعرض لخطر كبير آخر، لا يقل عن كارثة احتلالها عام 1967، ولم يكن لهذا أن يحدث لو كانت إسرائيل ومن ورائها الولايات المتحدة الأمريكية ترى أن العرب والمسلمين على قلب رجل واحد، فلعل المحنة الكبيرة التى نواجهها اليوم تكون بداية لمرحلة جديدة من تاريخ أمتنا، نسترد فيها الوعى والوحدة، ومعهما الكرامة والسيادة”.
واختتم رئيس البرلمان المصرى كلمته قائلا: “وفى ختام كلمتى، أنقل رسالة الشعب المصرى لحضراتكم ولإخوانهم فى فلسطين وخاصة القدس الشريف:”رغم كل الظروف، وكل ما يحدث من انتهاكات بحق الشعب الفلسطينى الشقيق، ستظل القضية الفلسطينية قضية العرب والمسلمين والشرفاء الأولى، ولن يغير هذا القرار أو غيره من حقيقة أن القدس عاصمة فلسطين، وهى أرض محتلة يجب أن تعود إلى سيادة أصحابها الفلسطينيين مهما طال الزمن.. نحن معكم، ندعم صمودكم وثباتكم، أنتم حُماةِ المدينة المقدسة، وشعاع الأمل وضمانة الانتصار، ومهما بلغ حجم المحاولات والمخططات، ستبقى القدس عربية القلب والوجدان والروح واللسان”.