تشهد فرنسا غدا الأحد الجولة الثانية والأخيرة من الانتخابات التمهيدية لليسار الفرنسى لاختيار المرشح الذى سيخوض غمار الانتخابات الرئاسية المرتقبة بعد ثلاثة أشهر وذلك وسط توقعات بفوز وزير التعليم الأسبق بونوا أمون أمام منافسه رئيس الوزراء السابق مانويل فالس.
وتصدر بونوا أمون (49 عاما) الجولة الأولى من الاقتراع الأحد الماضى، التى شارك فيها 7 مرشحين ضمن ما يسمى “بالتحالف الشعبى الجميل” الذى يضم الحزب الاشتراكى وبعض أحزاب اليسار.
وحاز أمون على 36.03% من الأصوات فى مقابل 31.43% لمانويل فالس (54 عاما) و17.52% من الأصوات لوزير الاقتصاد الأسبق ارنو مانتبور (54 عاما).
وأظهر استطلاع للرأى أجراه معهد “ايلاب” للدراسات أن بونوا أمون كان أكثر إقناعا من مانويل فالس فى المناظرة التلفزيونية التى جمعت بينهما مساء الأربعاء الماضى، وحصل أمون على 60% من الاّراء الإيجابية فى مقابل 37% لفالس فى المسح الذى شمل 1215 مشاهدا للمناظرة.
وحصل أمون على دعم منافسه فى الجولة الأولى ارنو مانتبور الذى دعا أنصاره إلى التصويت له بكثافة، كما وقعت مارتين أوبرى القيادية بالحزب الاشتراكى وعمدة مدينة “ليل” ومعها 20 من القيادات بالحزب على بيان مشترك لدعوة الناخبين للتصويت لأمون “لتوحيد صفوف اليسار وقيادة فرنسا نحو مجتمع أكثر عدالة وقوة واستدامة”.
وكان الخلاف قد برز خلال المناظرات التلفزيونية التى جمعت بين مانويل فالس – الذى يمثل الجناح اليمينى للحزب الاشتراكى – وبونوا أمون الذى يجسد الجناح اليسارى.
ودعا بونوا أمون لمنح راتب عام أدنى قدره 750 يورو لجميع الفرنسيين لتقليل الفوارق الاجتماعية وتدارك تقلص فرص العمل بفرنسا فى السنوات القليلة المقبلة للحفاظ على القدرة الشرائية للفرنسيين وحمايتهم من الفقر، كما يسعى لتقليص ساعات العمل القانونية من 35 ساعة حاليا بالأسبوع إلى 32 ساعة مع الحفاظ على نفس الراتب.
فيما انتقد مانويل فالس بشدة اقتراح أمون، واصفا إياه بـ “غير الواقعي” و”بالخيالي” ومتهما منافسه بإثقال الديون الفرنسية التى تجاوزت 2000 مليار يورو، ووعد بإلغاء الضرائب المفروضة على ساعات العمل الإضافية لكى يتسنى للفرنسيين أن يعملوا أكثر إذا رغبوا بذلك، لكن بالمقابل رفض إلغاء مدة العمل القانونية الحالية والتى تصل إلى 35 ساعة بالأسبوع.
كما ظهر الخلاف بين المرشحين حول العلمانية ومسألة ارتداء الحجاب من قبل النساء المسلمات الفرنسيات، حيث أكد فالس ضرورة الدفاع عن العلمانية بقوة ومنع ارتداء الحجاب فى الأماكن العامة، ووعد بمحاربة كل الجمعيات الإسلامية المتطرفة وذلك من أجل حماية مسلمى فرنسا من الإسلام السياسى والأفكار الدخيلة على المجتمع الفرنسى.
أما بونوا أمون فقد شدد على أهمية العلمانية فى العيش المشترك، قائلا إن قانون 1905 المتعلق بالعلمانية هو قانون يمنح حق التدين، ودعا إلى “عدم منع امرأة مسلمة متدنية من ارتداء الحجاب إذا كانت هى التى ترغب بذلك”.
ويرى المراقبون أن مرشح اليسار، أى كان، سيحتل المركز الخامس فى الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية فى أبريل القادم، والتى من المتوقع أن يتصدرها المرشح المحافظ فرانسوا فيون (حال ثبتت براءته من اتهام تعيين زوجته فى وظيفة وهمية) ومرشحة اليمين المتطرف مارين لوبن بالإضافة إلى المرشحين المستقلين وهما ايمانويل ماكرون وزير الاقتصاد السابق مؤسس حركة “إلى الأمام” التى لا تنتمى لليمين ولا لليسار وجون لوك ميلونشون زعيم اليسار المتطرف الذى يرى أن الحزب الاشتراكى فقد مصداقيته من خلال محاولة إخفاء أدائه الليبرالى بعبارات وشعارات يسارية.
وكان قد صوت الأحد الماضى فى الجولة الأولى للانتخابات التمهيدية لليسار نحو 1.65 مليون ناخب فى مقابل أكثر من 4 ملايين لأحزاب اليمين والوسط فى نوفمبر الماضى وهو ما عكس تراجع شعبية اليسار فى الشارع الفرنسى وذلك إلى جانب الانقسامات داخل الحزب الاشتراكى التى اتسعت فجوتها على خلفية بعض السياسات التى انتهجتها حكومة مانويل فالس وأثارت خلافات داخل الحزب لتعارضها مع قيم اليسار وكان أبرزها مشروع قانون إسقاط الجنسية الفرنسية من مزدوجى الجنسية المدانين بالإرهاب وقانون العمل الذى رأى معارضوه أنه منحاز لأرباب الأعمال على حساب العاملين.