من المقرر أن يواجه قادة أجهزة الاستخبارات الأمريكية الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب اليوم الجمعة بما توفر لديهم من أدلة على اتهامهم روسيا بمحاولة غير مسبوقة لعرقلة الانتخابات الأمريكية من خلال قرصنة ملفات منافسيه الديموقراطيين.
ويأتي الاجتماع وسط تزايد التوتر بين قادة تلك الأجهزة ورئيسهم المقبل الذي رفض أي تلميح بأن موسكو تدخلت في الانتخابات لصالحه.
وصرح الرئيس الأمريكي بارك أوباما لشبكة “إن بي سي” في شيكاغو أمس الخميس “أملي أنه عندما يتم إطلاع الرئيس المنتخب على التقرير ويتمكن من دراسة المعلومات الاستخباراتية وعندما يتم تشكيل فريقه ويتيقنون من مدى حرفية وفعالية هذه الأجهزة فإن التوتر الحالي سيتراجع”.
مواجهة مع ترامب
وبعد أن أثار ترامب الشكوك أول مرة في وقت سابق من الشهر الماضي بشأن هذه الأجهزة، طلب أوباما منها تقديم تقرير شامل حول الهجمات المعلوماتية والاتهامات بالتدخل الروسي في الانتخابات، وتم إطلاع أوباما على التقريرأمس ومن المقرر أن يعقد قادة أجهزة الاستخبارات جلسة مع الرئيس المنتخب اليوم لإطلاعه على تفاصيل التقرير.
ويتوقع أن يشارك في الجلسة مدير الاستخبارات الوطنية جيمس كلابر، ورئيس وكالة الأمن القومي مايك روجرز، ورئيس مكتب التحقيقات الفدرالية (إف بي آي) جيمس كومي، ورئيس وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) جون برينان.
وصرح كلابر أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ أمس أن لديه ثقة عالية في النتائج التي تم التوصل إليها، وأضاف أن “الروس معروف عنهم أنهم يتدخلون في الانتخابات سواء في انتخاباتهم أو انتخابات غيرهم”.
وتابع “لقد انطوت الحملة على جوانب متعددة، وكانت القرصنة إحدى جوانبها واشتملت كذلك على الدعاية الإعلامية الكلاسيكية والتضليل ونشر المعلومات الكاذبة”.
وقال كلابر وروجزر ونائب وزير الدفاع لشؤون الاستخبارات مارسيل ليتر، في بيان مشترك إن “كبار المسؤولين الروس وحدهم قادرون على إعطاء الإذن للقيام بهذه العملية التي سرق خلالها القراصنة ملفات ورسائل بريد إلكتروني تعود لمسؤولي الحزب الديموقراطي، وبعد ذلك تم نشر تلك الملفات عبر موقع ويكيليكس ما تسبب بالحرج للحزب الديموقراطي وأضر بمرشحته الخاسرة هيلاري كلينتون”.
وقال كلابر إن “روسيا لعبت كثفت الهجمات المعلوماتية بزيادة عمليات التجسس الإلكتروني وتسريب البيانات المسروقة عن طريق هذه العمليات واستهداف أنظمة بنى تحتية حساسة”.
ونفى ترامب الذي تعهد بالتقارب مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعد توليه منصبه في 20 يناير(كانون الثاني)، تلك الاتهامات مراراً.
وسخر الرئيس الجمهوري عبر تويتر من أخطاء الاستخبارات السابقة التي ارتكبتها وكالة الاستخبارات الأمريكية المركزية (سي آي إيه) ومكتب التحقيقات الفدرالي (إف بي آي) وغيره من أجهزة الاستخبارات وتحداها بأن تثبت بأن عمليات القرصنة والتسريبات هي من عمل حكومة بوتين.
وفي وقت متأخر من مساء أمس تساءل مرة أخرى “كيف ولماذا هم متأكدون إلى هذه الدرجة بشأن عمليات القرصنة؟”، زاعماً أن اللجنة الوطنية الديموقراطية منعت مكتب الإف بي آي من الدخول إلى خوادمها.
آخر اطلاعات الاستخبارات
وذكر مسؤولون أمريكيون على اطلاع على التقرير لشبكة “سي إن إن”، أنه تم تحديد هوية الأشخاص الذين وفروا الرسائل الإلكترونية المسروقة من روسيا إلى ويكيليكس، وذكرت صحيفة “واشنطن بوست”، أن أجهزة الاستخبارات الأمريكية رصدت اتصالات من مسؤولين روس كبار تشير إلى أنهم احتفلوا بانتصار ترامب على أنه فوز لموسكو.
وسيتم مطلع الأسبوع المقبل نشر نسخة غير سرية من التقرير الذي سيقدم إلى الرئيس بعد إزالة تفاصيل حساسة منه، وقال كلابر “أعتقد أن الناس يجب أن يطلعوا على أكبر قدر ممكن من المعلومات عن هذه المسألة”.
إلا أن الجلسة المرتقبة التي حضرها قادة أجهزة الاستخبارات أمس لم تقدم أية أدلة جديدة على الاتهامات، وعندما طلب أعضاء مجلس الشيوخ المشاركون في الجلسة مزيداً من الأدلة، قال كلابر أنه لا يستطيع أن يفعل ذلك علناً خشية أن يضر بمصادر وعمليات أجهزة الاستخبارات.
وأضاف “لقد استثمرنا المليارات وعرضنا حياة العديد من الأشخاص للخطر للحصول على مثل هذه المعلومات”.
وستأتي جلسة اليوم لاطلاع ترامب على التقرير وسط مخاوف من أن علاقاته تسممت بالفعل مع أجهزة الاستخبارات التي تعد جزءاً مهماً من مؤسسة الأمن القومي، وأثار ترامب المزيد من الخلافات أول أمس الأربعاء عندما ردد ما قاله مؤسس ويكيليكس جوليان أسانج بأن أي شخص حتى لو كان مراهقاً عمره 14 عاماً يمكن أن يكون وراء عمليات القرصنة.
انتقاد ترامب لأسانج
وبعد تعرضه لانتقادات قوية من السياسيين في الحزبين بسبب تصديق ترامب لأسانج أكثر من تصديقه للسي آي إيه والإف بي آي، دافع ترامب عن نفسه أمس الخميس، وقال على تويتر “الإعلام يكذب ليجعل الأمر وكأنني ضد الاستخبارات في حين أنني بالفعل من أكبر المعجبين بها”.
وأضاف “الإعلام الكاذب يود أن يقول أنني اتفق مع جوليان أسانج، وهذا خطأ، أنا فقط أنقل ما قاله، وعلى الناس أن يقرروا ما هي الحقيقة”.
ورداً على ذلك قال كلابر دون الإشارة إلى ترامب “هناك اختلاف بين التشكيك الصحي والاستخفاف بأجهزة الاستخبارات”، وأضاف “لقد تلقيت العديد من التصريحات المعربة عن القلق من نظراء خارجيين، حول الاستخفاف بأجهزة الاستخبارات، وإن ثقة الناس بأجهزة الاستخبارات مهمة للغاية”.