أخبار مصرحوادث

قتل زوجته ” عرفياً ” ب 8 طعنات أنتقاماً من خيانتها

كعادته كل صباح، توجه الفلاح البسيط إلى أرضه لمباشرة أعمال الزراعة، لكن طرأ على السيناريو اليومي جديد؛ حيث عثر على جوال بداخله جثة ربة منزل في حالة انتفاخ.. لوغاريتم شكل لغزًا، بحث ضباط إدارة البحث الجنائي بمديرية أمن الجيزة عن فك طلاسمه طوال 3 أسابيع كاملة، بداية من تحديد هوية الضحية وصولًا إلى الجاني وكشف ملابسات الجريمة كاملة.

8 طعنات نافذة

منتصف شهر أكتوبر الماضي، تلقى العميد عادل أبوسريع مأمور قسم شرطة الحوامدية، إشارة من غرفة عمليات النجدة بالعثور على جثة في رشاح، وكشفت المعاينة الأولية أن الجثة لسيدة أربعينية، ترتدي كامل ملابسها، بها 8 طعنات نافذة ما بين البطن والظهر والفخذ الأيسر، وأخرى في الرقبة إضافة إلى وجود آثار أنياب حيوان مفترس بالرقبة.

شكّل اللواء علاء الدين سليم مساعد وزير الداخلية لقطاع الأمن العام فريق بحث رفيع المستوى ترأسه اللواء سامح الحميلي نائب مدير مباحث الجيزة، والعميد علاء فتحي رئيس مباحث قطاع الجنوب، بمشاركة ضباط فرقة الجنوب ووحدة مباحث الحوامدية بقيادة المقدم محمد أبو القاسم ومعاونيه الرائد محمد سعيد والنقيب عبدالعزيز فرحات.

أنياب في الرقبة

انتفاخ الجثة مجهولة الهوية كان أول الألغاز أمام رجال التحقيق، ثمة شكوك بكونها حاملا لكن تقرير الطب الشرعي أفاد بأن الانتفاخ نتيجة تلقيها طعنتين نافذتين في البطن، وأن الأنياب إثر تعرضها لنهش حيواني؛ إذ إن المنطقة تشهد نشاطًا ملحوظًا للذئاب في الساعات الأخيرة من الليل.

داخل مكتبه بقسم شرطة الحوامدية، عكف العقيد أحمد نجم مفتش مباحث جنوب الجيزة، على جمع المعلومات، وضع خطة بحث عاجلة ترتكز على فحص بلاغات التغيب في الأقسام القريبة -لكن دون جدوى- وحصر العناصر المسجلة والمعروفة باستقطاب النسوة الساقطات إلى “عشة” بقطعة أرض زراعية بعيدا عن أعين الأهالي.

العشة

اليوم التالي لعمل فريق البحث حمل مفاجأة غير متوقعة، ألقى ضباط الشرطة القبض على أحد العناصر الإجرامية أقر بمحض إرادته “أنا اللي عملت كده ومعايا حد ساعدني” لكن بمناقشته بدت روايته غير منطقية بخلاف الحقيقة، ليتراجع عن أفعاله “يا بيه من الخضة قلت كده.. أنا متعود أجيب ستات في العشة بتاعتي”.

بعد العودة إلى المربع صفر، كثف رجال الشرطة جهود البحث والتحري ونشر أوصاف المجني عليها أملًا في تعرف أحد عليها أو التوصل إلى شاهد رؤية يكون بمثابة طرف الخيط لحل “الجريمة اللغز”.

3 أسابيع من العمل المتواصل لم يتسلل يأس أو ملل إلى مفتش قطاع الجنوب، ثمة يقين يسود تحركاته، وأن الله سيبعث لهم طوق نجاة تنحل معه تلك العقدة، التي جاءت على لسان مخبر سري هو الأشهر في المركز بقوله: “واحدة ست متجوزة من سنتين مش باينة.. وجوزها اتمسك معاها قبل كده في عشة”.

“منال”

منذ عقد من الزمان (10 سنوات) تركت “منال” مسقط رأسها في مدينة طنطا بمحافظة الغربية، حضرت إلى قاهرة المعز للزواج، رُزقت بطفل لكن حياتها الزوجية لم تدم طويلًا، طعنت بعلها في رجولته: “تعالى نطلق ونكتب عرفي علشان أعرف آخد معاش أبويا” ليصل قطار الزوجية بينهما إلى محطته الأخيرة.

سرعان ما تزوجت “منال” من رجل ثان، كُللت زيجتها بطفلين لكن وساوس الشيطان عادت لتسيطر على تصرفاتها، وصور لها أن الضمان الوحيد لاستقرارها والحصول على معاش والدها المتوفى، لتحصل على لقب مطلقة للمرة الثانية في غضون فترة وجيزة.

“ناصر”

منذ عامين، تزوجت السيدة الأربعينية عرفيًا من عامل لبيع المياه “سقا” يدعى “ناصر”، كانت تتردد على منزله في قرية “أم خنان” بمركز الحوامدية بين حين وآخر كما لو أن لقاءاتهما في الظلام حتى إن الأهالي اعتدوا عليها بالضرب في تلك المرات لدى وجودهما سويًا في وضع مخل داخل “عشة” على أطراف البلدة بقطعة أرض ملك صاحب الـ33 سنة، الذي عاد في المساء ليشعل النار في محاصيل أراضيهم و”عششهم” انتقامًا من فعلتهم.

حياة الزوجين أخذت منعطفًا خطيرًا مفعمًا بالعنف، اعتاد “ناصر” تعذيب أطفال رفيقة دربه، ووصل به الحال إلى كسر ذراع أحدهم وإطفاء السجائر في جسد آخر، لتحرر الأم محضرًا في قسم الشرطة ضده، واضطرت إلى ترك ثلاثتهم لدى طليقها الأول الذي يقيم بحي بولاق الدكرور.

أفكار شيطانية

طوال الشهرين الماضيين لاحظ “ناصر” تراجع زيارات “منال” إلى مسكنه، ولدى سؤالها عن وجهتها جاءت إجابتها واحدة دون تغيير “كنت بطمن على أهلي وولادي” إلا أن الرد لم يلق قبولًا لدى العامل وسط هواجس تدور في مخيلته، ارتمى في أحضان الأفكار الشيطانية وقرر كتابة الفصل الأخير من تلك القصة.

بالعودة إلى قسم شرطة الحوامدية وتحديدًا في الطابق الثالث حيث وحدة المباحث، اجتماع مغلق يترأسه العقيد أحمد نجم لبحث ما جاء على لسان المخبر السري، موجهًا بتكثيف التحريات حول السيدة المتغيبة عن منزل زوجها منذ شهرين، واستدعاء الأخير لسماع أقواله.

دقائق معدودة من المناقشة احتاجها رجال التحقيق لفك طلاسم “الجريمة اللغز” أقر “ناصر” بتورطه في جريمة مقتل زوجته عرفيًا والتخلص من جثتها داخل جوال ألقاه برشاح قائلًا: “بتخوني مع طليقها الأولاني شفتها بقميص نوم عنده” ليتنفس رجال المباحث الصعداء مطالبين إياه الإدلاء باعترافات تفصيلية لما اقترفته يداه.

“النسكافيه”

لحظات صمت احتاجها الشاب الثلاثيني لالتقاط أنفاسه واستجماع قواه التي خارت من المفاجأة ليكشف تفاصيل ما جرى ذلك اليوم المشؤوم، مشيرًا إلى أنه اتصل بزوجته بدعوى تصحيح المسار، واقترح عليها التنزه سويًا وتناول الطعام واحتساء مشروبها المفضل “نسكافيه”.

وافقت “منال” على طلب زوجها، حضرت إلى كوبري البدرشين “وقت الظهيرة” استقلت تروسيكل قيادته، وتوجها إلى محل كشري اعتادا الأكل فيه، ثم أحضر لها عبوة نسكافيه: “تعالي نروح العشة هعملك كوباية حكاية على الحطب” لكنها لاحظت وجود ملابس بالصندوق الخلفي فأخبرها: “علشان لو اتأخرنا هناك”.

طعنة في البطن

عندما انسحبت الشّمس إلى مخدعها وراء الغيوم، دار حديث بنبرة عتاب اتفق خلاله الزوجان على فتح صفحة جديدة، لتسترخي “منال” على الأرض ليباغتها “ناصر” بطعنة نافذة في البطن بسكين أعده سابقًا، لتهرول محاولة الإفلات من قبضته لكنه عرقلها.

“عارفة إني أستاهل.. بلاش علشان عيالي” لم تجد كلمات الاستعطاف مستقرًا داخل قلب “ناصر” الذي انهال بالطعنات عليها بدأ بالفخذ اليسرى ثم الظهر وطعنات سريعة في الرقبة، حتى فارقت الحياة جثة ممزقة غارقة في دمائها.

الرشاح

يتوقف الجاني لثوانٍ، يسترجع معها تفاصيل ما جرى بعدها، ليكمل حديثه بالإشارة إلى تبديل ملابسه الملطخة بالدماء، ووضع الجثة داخل جوال، والسير عبر طريق لا يسلكه كثيرون بعيدًا عن النطاق السكني وصولًا إلى الرشاح حيث مكان العثور عليها قائلًا: “كنت عاوز أقطع إيديها بس ملحقتش”.

حرص رجال التحقيق على الحصول على إجابة واضحة للسؤال الأبرز: “عملت فيها كده ليه؟” فأرجع المتهم السبب إلى شكه في سلوكها، واتهامه لها بالخيانة ومعاشرة طليقها، لكن الأخير نفى ذلك جملة وتفصيلًا الأمر الذي أكده أيضًا الجيران بقولهم: “دي ماكنتش بطيقه أصلًا”.

3 أسابيع من العمل الجاد لرجال المباحث انتهت بحل اللغز، والتوصل إلى هوية المجني عليها وتحديد وضبط الجاني، الذي اقتادته القوات إلى مسرح الجريمة لتمثيل الجريمة وسط حراسة أمنية مشددة ومن بعدها نقله إلى سراي النيابة العامة؛ تمهيدا لإحالته إلى المحاكمة الجنائية العاجلة، ليسدل الستار على واحدة من أبشع الجرائم التي أضحت حديث الساعة في مركز الحوامدية.

زر الذهاب إلى الأعلى