لم يكن يوم 25 من يناير يومًا عاديًا فى تاريخ مصر، ولكنه شهد على بسالة وشجاعة رجال الشرطة المصرية، التى لم تنقطع حتى الأن، والسطور التالية تسرد قصة شهيدين من الشرقية جمعتهما صداقة فى الدنيا والآخرة، الشهيدين “محمد أحمد ثابت” و” محمود منير” سجلا بأورواحهما الطاهرة أسماءهما فى سجلات البطولة والفداء على أرض سيناء الغالية.
الشهيدان من أبناء مركز فاقوس بمحافظة الشرقية، جمعتهما صداقة منذ أن كانا طالبان فى الثانوية العامة بفاقوس، وبعدها تعاهدا على الدخول سويا كلية الشرطة، وكانا يسافرن سويا فى الإجازات إلى أن تخرجا من الكلية دفعة عام 2010، بتفوق ليبدأ حياتهما الشرطية، التى لم تكن طويلة حيث استشهد “ثابت” بعد 3 سنوات من التخرج، و” منير” بعد 6 سنوات.
النقيب “محمد أحمد ثابت” وابن قرية الكيلانية بمركز فاقوس بمحافظة الشرقية، وعمل فى بداية تخرجه بمركز أبوصوير والقنطرة غرب، ثم قام بنفسه بتقديم طلب بوزارة الداخلية للعمل بسيناء، وبعدما مضى عاما أصبح معاونا لمباحث نخل، كان الابن الوحيد لأسرته ليس لدى الأسرة غيره، وكان يستعد للارتباط بفتاة يحبها وطلب من والدته خطبتها له عند أول إجازة يحصل عليها من عمله فى مديرية أمن شمال سنياء، ويوم استشهاده اتصل بوالدته هاتفيا لكى يطمئن عليها وطلب منها أن ترسل له وجبة غداء عبارة عن محشى ورق عنب وترسل له كمية كبيرة تكفيه هو وأصدقائه، مع أحد أقاربه من الشرقية كان متوجها إلى سنياء، وقال لها لن أتغدى إلا لما ترسلى لى الطعام وأغلق هاتفه معاها وهو يودعها، حيث كان على موعد مع الشهادة، بعد مكالمته لها فى يوم 16 – أبريل سنة 2013، أثناء قيامه برئاسة الكمين الأمنى المكلف بتأمين طريق نِخل، بالمرور بدائرة قسم شرطة نِخل، وأثناء ذلك تعرضت القوات لهجوم من قبل بعض العناصر الإرهابية، والذين بادروا قوة الشرطة بوابل من النيران الكثيف، حيث بادلهم الشهيد مع القوات النيران إلا أنهم تمكنوا من الهرب بعد استشهاد الضابط أثناء تأدية واجبه الوطني، وكانت وفاته بمثابة شرارة البداية بمركزفاقوس، لجمع توقعات حملة تمرد، لإقالة “محمد مرسى” وجماعته الإرهابية، حيث نظم المئات من شباب مركز فاقوس، المسيرات الحاشدة، للمطالبة برحيل”مرسى” وجماعته، وذلك مع رفعهم صور للشهيد “محمد أحمد ثابت” وذلك تعاطفا مع أسرة الشهيد التى فقدت نجلها الوحيد.
الشهيد البطل النقيب”محمود منير” ابن مركز فاقوس، الذى حمل جثمان صديق عمره ورفق حياته الدراسية، ملفوفا بالعلم المصرى، من شمال سيناء إلى مسقط رأسه بالشرقية، واحتضن والدة الشهيد، وقال لها “مش هأسيب تار أخويا” وأوفى بالوعد مع والدة الشهيد، حيث كانت فترة عمله فى سيناء الثلاث سنوات، قد انتهت وكان عليه أن يعود للعمل فى مديرية أمن الشرقية، فرفض وقال لن أترك سيناء قبل ما أخد تارى حتى لو رجعت الشرقية شهيد يكون أشرف لى ألف مرة” وظل يعمل معاون لمباحث قسم العريش.
وكان هو الثانى على موعد مع الشهادة فى شهر مارس عام 2016، فى واقعة كمين الصفا مع 11 من ضباط وأفراد الشرطة على يد عناصر تفكيرية، وظل يبادلهم الرصاص إلى أن نفذت ذخيرته وتم إصابته بطلقة بالساق اليمنى وظل يزحف حتى أخذ سلاح أحد الضباط الذى استشهد أثناء الهجوم، وقتل 2 من التكفريين إلى أن تم إصابته بطلق بالقلب أودت بحياته وقام التكفريين يقذف الكمين بقبائل الهاون، لتصعيد روحه الطاهرة إلى خالقها بجوار صديق عمره.