قطر تعلن الولاء لإيران.. فهل تقاطع العرب؟
تواجه قطر حملة شرسة من الدول العربية والعالمية جراء تطبيعها مع إيران العدو الرئيسي للمجتمع الدولي، لكن ما تنتهجه من خطوات إيجابية تجاه طهران، يؤكد دفء العلاقات بين البلدين المتناقضين على الصعيد الإسلامي، حتى بلغت ذروتها، ووصل الأمر إلى إنشاء ممر ملاحي بحري يربط بين قطر ومحافظة بوشهر جنوبي إيران.
مساعد رئيس منظمة تنمية الصناعة والمناجم والتجارة الإيرانية، أبو القاسم محمد زادة، أكد تلك الخطوة، مشيرًا إلى أنها تهدف لتنمية الصادرات غير النفطية، موضحًا في الوقت ذاته أنه سيتم استغلال ذلك الممر في عمليات تصدير البضائع المختلفة والتي تجري حاليًا من موانئ ديّر وبوالخير وكناوة إلى قطر.
مصالح إيران مع قطر على المستوى الاقتصادي والتجاري زاد مؤخرًا، بعد فرض المزيد من العقوبات الدولية، وصل بعضها إلى حد المقاطعة، إلا أن طهران تسعى جليًا إلى تعويض خسائرها عبر البوابة العربية، والتي تتوقع أن تتسبب في زيادة صادراتها من السلع غير النفطية ومكثفات الغاز في العام الإيراني الجاري 10.6 مليار دولار، وأن يتجاوز حجم تصديرها لمستخرجات المناجم 117 مليون دولار.
ويبدو أن طهران ترى في تعميق العلاقات والتعاون مع قطر على المستويات السياسية والأمنية والاقتصادية فرصة لإيجاد موطئ قدم لها في مجلس التعاون لمواجهة السعودية والإمارات.
الأمر الذي دفع قطر إلى الإعلان عن زيادة كبيرة في إنتاج الغاز الطبيعي المسال، ليترك لنا التساول حول تداعيات هذه الزيادة على الأسواق العالمية و دول الجوار؟
ويبدو أن الغاز الطبيعي المسال هو السلاح المتبقي لدى الدوحة باعتبارها من أكبر الدول المنتجة له، حيث سعت إلى زيادة إنتاج الغاز بنسبة 30% من حقل الشمال العملاق، الذي تتقاسمه مع إيران بنسبة 20%.
تلك الخطوة، قد تنهي الجدل القائم حول الأسباب الخفية وراء إنشاء خط ملاحي بحري بين الدوحة وطهران.
بعض الخبراء قالوا: إنه "في حين اتهام دول خليجية لقطر بالتعاون مع إيران، فإن إجراءاتهم العقابية قد تدفع الدوحة صوب مزيد من التعاون مع طهران في إنتاج وتصدير الغاز من الحقل المشترك، وهذا يعني أن الدوحة بحاجة لمساعدة طهران أكثر من أي وقت مضى، خاصة وأن تكلفة إنتاج الغاز المسال في قطر هي من بين الأقل في العالم".
أما أوليفر ساندرسون، محلل الغاز في تومسون صرح في وقت سابق "أن إيران تعتزم زيادة الإنتاج في حقل بارس الجنوبي، مما يعني إمكانية أن يتم زيادة الإنتاج من جانبهم عبر الحقل دون الإخلال بالتوازن الجيولوجي".
التناقض الذي ظهر على قطر في أفعالها مع العرب وعلاقاتها مع المرشد الأعلى، يؤكد أن مطالب الدول المقاطعة لن تلقى أي ترحيب نظرًا لمتانة العلاقات الاستراتيجية والعسكرية بين البلدين "السني والشيعي"، رغم وجود هناك تأكيدات على أن إيران تسعى لتدمير المنطقة العربية والمجتمع الإسلامي، بل وتقف أيضًا وراء الجماعات الإرهابية كالقاعدة وطالبان والإخوان المسلمين وحزب الله.
فما تنتهجه الدوحة من أفعال معادية للدول العربية، قد يضعها تحت وصاية خامنئي وحرسه الثوري، وذلك بعد أنباء أشارت إلى وجود قوات من "الباسيج" التابعة لإيران في الأراضي العربية لحماية الأسرة الحاكمة.
ليس هذا فحسب، بل عكفت طهران على فتح أجواءها لخطوط الطيران القطري مجانًا دون تحقيق أي إيرادات مالية، في الوقت الذي طالبتها بحفظ الجميل، وفقًا للرئيس التنفيذي للمطارات والملاحة الجوية في إيران، رحمت إله مه آبادي.
وأشار "آبادي" إلى أن إيران أرادت من فتح أجوائها أمام الطيران القطري رفع الحصار الذي واجهته بعد قرار مجموعة من الدول الخليجية والعربية فرض عقوبات قاسية عليها، داعيًا الدوحة إلى عدم نسيان الموقف والدعم الإيراني منها حتى في حال تمت تسوية الأزمة مع الدول الخليجية".
المفاجأة أن تصريحات الجانب الإيراني لاقت قبولًا من الجانب القطري، وهو ما دفع وزير خارجية قطر محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، بالقول اليوم: إنه "من الضروري أن نتعايش مع إيران كوننا نتشارك حقلًا للغاز"، مؤكدًا على أهمية تقوية العلاقات معها.
وأشار الوزير القطري إلى أن دول الحصار تضع العربة أمام الحصان، وتطلب منا التخلي عن سيادتنا وحلفاءنا مقابل رفع حصارهم، إلا أننا لن نرضخ لتلك التهديدات، حيث أن "الدوحة" هي من تتصدى للإرهاب ومن تقوم بتنسيق المعلومات مع الحلفاء في الحرب ضد الإرهاب.
بتلك التصريحات، نرى أنه لا بديل لقطر عن التطبيع مع إيران ومعاداة الدول المقاطعة، لتنهي بذلك وتيرة التلاحم العربي، وتبدأ حقبة جديدة من الصراعات التي كان يخشاها العرب منذ الأزل.