جهود كبيرة يقوم بها أبطال قوات حرس الحدود فى حماية الحدود المصرية سواء البرية أو البحرية، فهم خط الدفاع الأول لمصر، الأمر الذى يلقى على عاتقهم مسئولية كبيرة، أثبتوا على مدار تاريخهم أنهم على قدر تلك المسئولية.
وتعد قوات حرس الحدود من أعرق وأقدم أسلحة القوات المسلحة، حيث مرت بأربع مراحل منذ إنشائها عام 1878 حيث كانت عبارة عن إدارتين هما (إدارة السواحل- إدارة الحدود ).
وشهدت “إدارة السواحل” عدة مراحل منذ شأتها، فالمرحلة الأولى التى تمتد فى الفترة من(1878- 1952)..شهدت إنشاء إدارة خفر السواحل بمصلحة الجمارك التابعة لوزارة المالية وأضيفت إليها مراقبة قناة السويس، وكان هذا فى الفترة من عـام 1878- 1890، وفى عام 1939 صدر مرسوم ملكى بفصل إدارة خفر السواحل عن وزارة المالية وضمها لوزارة الحربية، وفى عام 1946 أنشأ السلاح البحرى المصرى وتشكلت قواته من بحرية خفر السواحل، كما شهد عام 1947 ضم حرس الجمارك إلى مصلحة خفر السواحل وأصبحت اسمها مصلحة خفر السواحل وحرس الجمارك .
وجاءت المرحلة الثانية لـ”إدارة السواحل” فى الفترة ما بين (1952- 1969)، حيث شهدت فى عام 1952- 1953 ضم مصلحة مصايد الأسماك إلى مصلحة خفر السواحل وأصبحت مصلحة السواحل والمصايد.
وجاءت المرحلة الثالثة والأخيرة لـ”إدارة السواحل” عام 1969، حيث صدر قرار جمهورى بنقل اختصاصات مصلحة السواحل بشأن أعمال حرس الجمارك إلى مصلحة أمن الموانئ بوزارة الداخلية .
أما “إدارة الحدود” فشهدت أيضا عدة مراحل، تعتبر المرحلة الأولى من (1917- 1952)، حيث شهدت فى الفترة ما بين عامى “1917 و1922” صدور قرار مجلس الوزراء بإنشاء مصلحة أقسام الحدود التابعة لوزارة المالية، وشكلت من وزارة الحربية والداخلية والسواحل وإلحاق مصلحة الحدود على وزارة الحربية.
واختصت بأعمال إدارة أقسام الحدود والمجالس البلدية والقروية والمحافظات الصحراوية .
وصدر المرسوم الملكى بضم مصلحة الحدود إلى لواء الحدود الملكى وأنشئ سلاح الحدود فى عـام 1946، أما عـام 1952 فشهد صدور أمر عسكرى بإعادة تنظيم سلاح الحدود .
وتم نقل الأعمال الخاصة بالمجالس البلدية والقروية إلى الوزارات المختصة فى عام 1953، وفى عام 1962 تم نقل إدارة المحافظات الصحراوية- عدا محافظة سيناء- من إدارة الحدود إلى وزارة الداخلية ثم إلى الحكم المحلى بعد ذلك .
وبعد معارك يونيو 1967، أعيد تطوير وتنظيم إدارة الحدود إلى (أفواج سيارات ووحدات مراقبة جوية بالنظر ومركز بحث وإنقاذ أرضى) .
وقد تم الإعلان عن تشكيل قيادة قوات حرس الحدود “دمج إدارتى الحدود والسواحل”، وذلك فى الفترة من (1972 حتى الآن).. ففى عام 1972- 1973 تم دمج إدارتى الحدود والسواحل لتكون تحت إشراف قيادة واحدة هى قيادة قوات حرس الحدود، وفى عام 1974 صدر قرار جمهورى بإنهاء اختصاص قوات حرس الحدود بالأعمال الإدارية والمدنية لمحافظة سيناء، وفى عـام 1984 صدرت تعليمات تنظيم بنقل تبعية عناصر المراقبة الجوية بالنظر من قوات حرس الحدود إلى قيادة قوات الدفاع الجوى، كما شهد عام 1988 صدور تعليمات بإعادة تنظيم أفواج حرس الحدود وسرايا الهجانه لتكون كتائب حرس الحدود .
واشتركت قوات حرس الحدود فى العديد من المعارك ونفذت الكثير من التعليمات التى حققت فيها نجاحات هائلة، تعتبر أبرزها الحرب العالمية الثانية.. ففى 13 فبراير عام 1941، تمكنت فصيلة من الألاى الأول سيارات من إحباط محاولة تخريب لخط سكة حديد (مطروح / الإسكندرية) بمنطقة فوكه، وتم أسر جنود ألمان من قوات المحور، وفى 15إبريل عام 1941 قامت فصيلة حرس حدود من الآلاى الأول سيارات بتوجيه نيرانها على إحدى طائرات قوات المحور فأسقطتها وقامت بأسر طياريها بموقع الجراولة شرق مطروح .
كما تأتى معارك 1967 ضمن أبرز المعارك التى شاركت فيها قوات حرس الحدود، حيث شهدت العديد من الأعمال البطولية ومنها اكتشاف قوة الضفادع البشرية التى حاولت التسلل إلى ميناء الاسكندرية الشرقى والقبض عليهم، الإسهام فى عودة القوات المرتدة من سيناء باستخدام مراكب الصيد الآلية، اشتراك أفراد من قوات السواحل فى معركة “رأس العش”، اكتشاف المدمرة “ايلات” بمعرفة بحرية السواحل مما أدى إلى ضربها بالصواريخ وإغراقها، تأمين الممر الملاحى من المطرية إلى بورسعيد بعد قطع الطريق البرى (بورسعيد / دمياط)، المساهمة فى إنقاذ الطيارين المصريين والقبض على طيارى العدو الذين سقطوا فى مناطق اختصاص حرس الحدود.
كما كان لقوات حرس الحدود دور كبير فى حرب أكتوبر 1973، حيث قامت بالإبلاغ عن (2153) طائرة معادية بواسطة نقاط المراقبة الجوية بالنظر التابعة لسلاح حرس الحدود وتحقيق السيطرة على سماء المعركة، تمكنت نقاط التأمين والمراقبة بقوات حرس الحدود من اكتشاف تسلل قوات معادية فى الثغرة ما بين (ج2 , ج3) وقامت بالإبلاغ عنها، تمكن الفوج الأول حرس حدود من ايقاف العدو جنوب السويس ومنعه من اختراق وتدمير جزء كبير من معداته الفوج، حيث تصدى للعدو وقاتل عناصر دباباته ومنعه من التقدم غربا .
وتعتبر أبرز الشخصيات، التى خدمت بقوات حرس الحدود، هم الرئيس الراحل محمد نجيب “رئيس الجمهورية الأسبق”، حيث تولى قيادة اللواء حدود فى الفترة من 1942 إلى 1943، ثم مديرا لسلاح الحدود الملكى فى الفترة من 1950 إلى 1952.
ويعتبر الرئيس الراحل محمد أنور السادات “رئيس الجمهورية الاسبق” من أبرز الشخصيات أيضا التى خدمت بقوات حرس الحدود، حيث عمل ضابطا بكتيبة اللاسلكى للحدود فى الفترة من 1941 إلى 1942.
وتضم الشخصيات التى خدمت فى قوات حرس الحدود أيضا، محمد عبد القادر حاتم (وزير الإعلام الأسبق) حيث خدم بإدارة الحدود فى الفترة من 1940 إلى 1945، والمشير محمد عبد الغنى الجمسى (وزير الدفاع الاسبق)، والذى عمل ضابطا بمخابرات إدارة الحدود فى الفترة من 1941 إلى 1945، وتولى منصب مساعد المدير للمخابرات بإدارة الحدود فى الفترة من 1952 إلى 1954 .
ويحمل الدور، الذى تقوم به قوات حرس الحدود فى تأمين الحدود المصرية أهمية كبيرة، خاصة فى ظل التهديدات التى تواجهها مصر على الاتجاهات الإستراتيجية المختلفة .. حيث تقع مصر فى الركن الشمالى الشرقى من إفريقيا وتبلغ مساحتها حوالى مليون كيلو متر مربع وتمتاز جغرافيتها بالبساطة النسبية كما يغلب عليها الطابع الصحراوى على كافة الاتجاهات الإستراتيجية (الشمالى الشرقى- الغربى- الجنوبي).
فالتهديدات على الاتجاه الشمال الشرقى، تتمثل فى الأنفاق مع استمرار زيادة (أعماقها- أطوالها- تحصيناتها)، وذلك على امتداد الشريط الحدودى المواجه لقطاع غزة الزراعات المخدرة (بانجو- خشخاش) بجنوب سيناء، فضلا عن وجود قناة السويس أهم مجرى ملاحى عالمى وبها “كوبرى السلام- المعديات- نفق الشهيد أحمد حمدي” مع احتمال تعرضها لبعض العدائيات لتعطيل الملاحة . وتتلخص أهم أعمال التهريب فى تهريب (الأسلحة- الذخائر- المواد المخدرة- المواد العضوية المستخدمة فى تصنيع العبوات الناسفة) مع اقتران تنفيذ تلك الأعمال بالعنف .
أما التهديدات على “الاتجاه الغربي”.. فتمتد حدود الاتجاه الاستراتيجى الغربى لأكثر من (2500) كم ويعتبر هذا الاتجاه أكثر الاتجاهات الاستراتيجية عموما فى معدلات التهريب نظراً للآتى: مواجهة الاتجاه إلى أوروبا مما يسهل الوصول إليها بعبور البحر المتوسط بطرق غير شرعية، وجود هضبة السلوم وبحر الرمال الأعظم (الذى تنتشر به الكثبان الرملية) على الحدود الغربية مما يساعد على زيادة معدلات التسلل والتهريب، وامتداد منخفض القطارة (أهم وأكبر منخفض بجمهورية مصر العربية) داخل عمق الاتجاه والذى يساعد على الإخفاء “الاستتار” استعادة الكفاءة، للعناصر القائمة بالتسلل والتهريب. وتتلخص أهم أعمال التهريب والتسلل فى تهريب (الأسلحة- الذخائر – البضائع غير خالصة الرسوم الجمركية – الهجرة غير الشرعية) .
أما التهديدات على الاتجاه الجنوبى. . فتتمثل فى استنزاف الثروات القومية للدولة بانتشار أعمال التنقيب عن المعادن “الذهب” باستخدام الأجهزة والوسائل التقليدية مع العمل على تطوير تلك الوسائل باستمرار نظراً للعائد المادى الكبير، وتتلخص أهم أعمال التهريب فى تهريب “الأسلحة- الذخائر- السلع التموينية (الأرز )- الماشية والأغنام، وغيرها”.
وتعتبر الجرائم الحدودية.. هى الجرائم التى تقع على حدود الدولة وتختص قوات حرس الحدود بضبطها واتخاذ الإجراءات القانونية حيالها تنفيذاً للمادة (25) من قانون الإجراءات الجنائية والمادة (21) من قانون الأحكام العسكرية والتى من خلالهما خولت سلطة الضبطية القضائية لضباط وضباط صف قوات حرس الحدود ويمكن تقسيم الجرائم.
وتقوم قوات حرس الحدود بالعديد من المهام.. حيث تباشر القوات (بحكم تمركزها على حدود الدولة) مجموعة من المهام يمكن تقسيمها من حيث طبيعتها إلى الآتى .. “مهام ذات طابع عملياتى”، وتحدد واجباتها ونطاق مسئوليتها وأسلوب تنفيذها أوامر العمليات التى تصدر من القيادة العامة للقوات المسلحة .
وهناك “مهام ذات طابع قانونى”، وتحدد واجباتها ونطاق مسئوليتها وأسلوب تنفيذها القوانين والقرارات والتعليمات التى تصدر من السلطات المختصة عسكرية أو مدنية لتأمين المناطق الحدودية .
كما تتولى مهمة تنظيم المراقبة والاستطلاع والإنذار على حدود وسواحل الدولة، فضلا عن فرض سيادة وسيطرة الدولة ومقاومة ومنع التسلل البرى والبحرى لعناصر التخريب والتهريب عبر حدود وسواحل الدولة .
كما تتولى قوات حرس الحدود مهمة تأمين المسطحات المائية للبحيرات الداخلية والبواغيز والساحل القريب بالتعاون مع القوات البحرية .
وتقدم المساعدة لقطاع السياحة فى مراقبة الأنشطة السياحية المختلفة أثناء عبورها للحدود الدولية والمياه الإقليمية ومتابعتها بالمناطق الحدودية (رالى سباقات السيارات والدراجات- سباقات اليخوت- الرحلات الصحراوية) .
كما تعاون قطاع (التعدين- الزراعة- الرى) فى تأمين البعثات بالمناطق الصحراوية على الحدود البرية وسواحل الدولة .
وتقوم بالاشتراك مع وزارة الداخلية فى القضاء على الزراعات المخدرة فى شبه جزيرة سيناء .
وتعمل قوات حرس الحدود أيضا على الحفاظ على الثروة السمكية من خلال مباشرة تنفيذ قانون الصيد (124 لسنة 1983) من خلال السيطرة على مراكب الصيد من نقاط السروح (تفتيش المراكب) المتواجدة على سواحل (البحر المتوسط / الأحمر / قناة السويس / البحيرات) .
وتقوم القوات بدور أيضا فى الحفاظ على البيئة من خلال مباشرة تنفيذ قانون البيئة (رقم 4 لسنة 1994)، فضلا عن تأمين وإدارة المنافذ الحدودية غير الشرعية لحماية الثروة القومية للدولة فى المناطق التى يصعب على أجهزة الدولة الوصول إليها لتنفيذ مهامها.
وتتولى مهمة عناصر حرس الحدود بالمنافذ غير الشرعية، تأمين المنفذ وإحكام السيطرة عليه بالتنسيق مع إدارة المخابرات الحربية من خلال مراجعة أوراق الأفراد العابرين للمنفذ والتأكد من مطابقتها للأوراق الرسمية للأفراد، حصر الأفراد الذين انتهت مدة إقامتهم من واقع الدفاتر والإبلاغ عنها، التأكد من سلامة الأفراد العابرين وانهم غير مدرجين ضمن الأفراد المرحلين والممنوعين من الدخول إلى الأراضى المصرية، مراقبة العناصر العاملة فى المنفذ والإبلاغ الفورى عن أى مخالفات تفتيش العربات والبضائع المحملة عليها .
وتقوم قوات حرس الحدود بدور كبير فى مواجهة أعمال التهريب لحماية الاقتصاد والأمن القومى من التأثيرات السلبية لتلك التهريبات، فالتهريب لا يقل خطورة عن الإرهاب وهو الشريان الرئيسى المغذى للإرهاب المسلح .
وتعتبر كافة أعمال التهريب والتسلل أكثر الأعمال خطورة على الأمن القومى واقتصاد الدول، حيث يتم تهريب الأسلحة والذخائر والمتفجرات التى تستخدمها الجماعات الإرهابية فى تفكيك الدول وزعزعة الأمن القومى لها وغالبا ما يتم بمساعدة دول أخرى.
ويشارك التهريب أيضا فى تسلل عناصر شديدة الخطورة (إجرامية / تكفيرية) بغرض تنفيذ أنشطة تخل من أمن واستقرار الدول، فضلا عن تهريب المواد المخدرة والتى تستخدم فى تدمير الشباب والقضاء على الفئة المنتجة بالدول .
كما يعتبر التهريب من أخطر الأمراض التى تهدد الصناعة الوطنية فى الوقت الحالى نظراً للخسائر الكبيرة التى يتكبدها الاقتصاد المصرى من جراء ذلك، بالإضافة إلى رداءة تلك المنتجات واحتمالات إصابة من يستخدمها بأمراض عديدة .
وتتسبب البضائع المهربة فى إفقاد الدولة المليارات سنويا نتيجة للتهرب الجمركى خاصة بعد تزايد حجمها عقب اندلاع ثورة 25 يناير وما أعقبها من انفلات أمنى.
كما يساعد التهريب على ملء الأسواق بالسلع الرديئة مجهولة المصدر، والتى أدت إلى إضعاف الصناعات المحلية وتشريد آلاف العمال بسبب إغلاق المصانع وزيادة مشكلة البطالة .
وتعدد وسائل وطرق التهريب سواء من خلال المناطق الحرة أو السماح المؤقت أو من خلال التحايل على القوانين ادى إلى وجود البضائع المهربة داخل السوق المحلى وبيعها بأسعار منخفضة عن سعر المنتج الوطنى يؤدى إلى تدمير الصناعة الوطنية .
كما يعتبر تأثير تهريب البضائع غير خالصة الرسوم الجمركية والمهربات (سلاح- ذخيرة- مخدرات- عملات) لا يتوقف فقط على قيمتها المالية بل يتطرق أيضا إلى أثار اجتماعية واقتصادية سلبية من شأنها المساس بالأمن القومى، فضلا عن الهجرة غير الشرعية والتى تعمل على التقليل من الشأن الخارجى للدول بالمجتمع الدولى .
وتكشف إحصائية المهربات والمضبوطات، الدور الكبير الذى تمثله قوات حرس الحدود فى مكافحة الإرهاب والحفاظ على الأمن القومى وحماية الاستقرار الداخلى لتهيئة الظروف المناسبة لدفع عجلة التنمية وتحقيق الرخاء الاقتصادى.
وتعتبر قوات حرس الحدود هى جزء من القوات المسلحة التى هى من نسيج هذا الشعب ويقوم أفرادها بتأدية مهامهم فى مختلف الاتجاهات وفى ظل مختلف الظروف واضعين نصب أعينهم رفعة هذا البلد وتحقيق الرخاء لشعبه الكريم .