تخوض السفيرة مشيرة خطاب مرشحة مصر على منصب المدير العام الجديد للمنظمة الدولية للعلوم والثقافة «اليونسكو» خلفًا لمديرة المنظمة الحالية إيرينا بوكوفا، منافسة شرسة مع 6 مرشحين آخرين على نفس المنصب، أبرزهم حمد بن عبد العزيز الكوارى من قطر وأودريه أزولاى من فرنسا، من أجل الفوز بالمنصب.
ورغم حصول مرشحة مصر على المركز الثالث فى نتائج الجولة الأولى للانتخابات التى أجريت بالعاصمة الفرنسية باريس أمس الإثنين، بمجموع أصوات 11 صوتا، بعد المرشح القطري الذى حصل على المركز الأول بـ19 صوتا وتلته المرشحة الفرنسة بـ13 صوتا، فإن فرص وحظوظ فوز خطاب بالمنصب لا تزال قائمة رغم الصعوبات العديدة التى تواجهها، لا سيما فيما يتعلق بالتربيطات الانتخابية وتراجع بعض الدول الإفريقية عن وعودها بدعم مرشحة مصر ومزاعم البعض بوجود رشاوى انتخابية يتم إنفاقها من أجل فوز المرشح القطري بالمنصب، فى الوقت الذى أبدى فيه البعض مخاوفه من تكرار سيناريو 2009، بعد خسارة وزير الثقافة الأسبق فاروق حسني فى انتخابات منظمة اليونسكو، بعد حصوله على 29 صوتا مقابل 31 صوتا للدبلوماسية البلغارية إيرينا بوكوفا، فى انتخابات وصفها الكثيرون بـ”المسيسة”، والتى قال حينها وزير الثقافة الأسبق بأنها لعبة قام بها يهود أمريكا بمساعدة الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الغربية التي دائما ما تتشدق بالديمقراطية والشفافية، وأن ما حدث خيانة بكل المقاييس تم طبخها في نيوريوك قبل الانتخابات بأسبوع.
ردود أفعال مخيبة للآمال
يقول السفير حسين هريدي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن ردود الأفعال المصرية على نتائج الجولة الأولى للتصويت، جاءت مُتسرعة ولم تكن فى محلها على المستوى الرسمي، ويضيف هريدي، أنه كان من الأجدى لمصر أن تتعامل بإيجابية مع نتائج التصويت، وأن توجه الشكر للدول الـ11 التى صوتت لمصر وأن تقول إنها تتمنى أن تبذل كل الدول جهودا كبيرة من أجل دعم التصويت للمرشحة المصرية، قائلا “إذا افترضنا جدلا فوز المرشح القطرى فعلينا أن نتعامل معه إعلاميا ورسميا وعدم تشويه فوزه، بغض النظر عن جنسيته”. “يصعب التنبؤ بالنتائج ويجب أن نتعامل بإيجابية أكبر مع نتائج التصويت، ومصر أكبر من أي منصب”، يقول هريدي، مشيرا إلى أن رد الفعل عقب نتائج الجولة الأولى جاء مخيبا للآمال، ولا يليق بمصر على الإطلاق أن تستفز مشاعر الدول الأعضاء بالمجلس التنفيذي بالقول إن عملية التصويت تجرى بالبيع والشراء حتى لا تخسر أصوات تلك الدول.
انقسامات الولاء فى إفريقيا
تجربة “فاروق حسني” “المنافسة الحقيقية وفرص الفوز بمنصب اليونسكو لم تظهر ملامحهما بعد”، هكذا قال الدكتور جابر عصفور وزير الثقافة الأسبق وأحد مستشاري الحملة الانتخابية للسفيرة مشيرة خطاب، تعقيبا على تساؤل “التحرير” حول رؤيته لنتائج الجولة الأولى من الانتخابات، مشيرا إلى أن نتائج الجولة الأولى من التصويت دائما ما ترتبط باختبارات القوى والتحالفات الانتخابية والتربيطات وسرعان ما تنتهى، مشيرا إلى أن الأمم المتحدة والدول الكبرى دائما ما تترك تلك العملية دون تدخل من أجل معرفة الواقع فى تلك المنافسة وفرص كل مرشح.
ويضيف عصفور، أنه إذا قرأنا التاريخ جيدا فسنجد أن بوكوفا الدبلوماسية البلغارية حصلت فى الجولة الأولى على 5 أصوات فى انتخابات 2009 وفى الجولتين الثانية والثالثة بدأت فى إحداث الفارق وانتهى الأمر بفوزها، رغم حصول فاروق حسني فى البداية على أعلى الأصوات، لذلك لا يجب أن نأخذ نتائج الجولة الأولى باعتبارها مقياسا أو معيارا حقيقيا لفوز مرشح بعينه بالمنصب. “المنافسة غالبا ما ستكون بين مصر وفرنسا، وقطر تتعامل بمنطق غني حرب وأنها ستسدد كل الديون فى هذا السياق والدول الأوروبية لن تقبل بهذا المنطق”، يقول وزير الثقافة الأسبق، مشيرا إلى أن هناك أصواتا لم تحدد موقفها بعد، مضيفا أن العرب خاضوا الانتخابات وهم حاليا فى أسوأ أحوالهم وليسوا كتلة واحدة.
وأشار إلى أن الولايات المتحدة ليست ضد مصر مثلما كانت فى فترة وزير الثقافة الأسبق فاروق حسني، منوها بأن الجولة الخامسة هى ما ستحسم نتائج التصويت فى العملية الانتخابية. وعن الدور الإسرائيلي يقول عصفور إن نسبة كبيرة من الأصوات التى حصل عليها المرشح القطري جاءت بدعم إسرائيلي بسبب العلاقة التى تربط البلدين، مضيفا: بعض الدول الإفريقية تفضل منح أصواتها لفرنسا، منوها بأن انقسامات الولاء فى إفريقيا معروفة لدى الجميع. يكمل عصفور: “بعض مندوبي الدول الإفريقية يحصلون على (أموال من تحت الترابيزة) بحسب تعبيره، وليسوا على مستوى النزاهة المطلوبة” متابعا: “إذا حصل مرشح قطر على المنصب فسيكون لأول مرة تنتصر الأموال على المبادئ، ولكن لا أعتقد ذلك، وفرنسا لن تقبل أن تخسر فى عقر دارها. “سوابق قطر السيئة فى فضيحة رشوة الفيفا والتى يحاكم على أثرها من حصل على الرشوة، لن تفلح مع أعضاء اليونسكو فى تلك المرة”، يقول جابر عصفور، موضحا أن فرنسا والدول الكبرى لن يتركوا الفرصة لفوز قطر بالمنصب، والمنافسة ستنحصر بين مرشحة مصر وفرنسا.
رشوة قطر لشراء أصوات أعضاء المكتب التنفيذي
وعن فرص المرشح القطري بعد حصوله على أعلى الأصوات فى نتائج الجولة الأولى، يقول الكاتب الصحفي شريف الشوباشي، إن الكواري وصل للذروة، ولن يستطيع الحصول على عدد أصوات أكبر من ذلك، منوها بأن المرشح الذي سيفوز بالمنصب ينبغي أن يحصل على 30 صوتا، وأن حصول مرشحة مصر على 11 صوتا يعني أن فرصها فى الفوز موجودة ولكن ليست الأوفر حظا، بحسب قوله.
ويضيف: إن قطر تحاول تقديم رشاوى لأعضاء المكتب التنفيذي، مدللا على ذلك بمحاولة المرشح القطري منذ نحو 4 أشهر دعوة 58 عضوا بالمكتب التنفيذي إلى قطر بتذاكر طيران درجة أولى وإقامة فى قطر للاطلاع على ما تقدمه قطر من نشاط ثقافي، واستجاب للدعوى ما لا يزيد على 16 شخصا، وهم من أعطوا أصواتهم له أمس، ولكن التساؤل الذى يطرح نفسه: “إلى أي مدى سيظلون متمسكين به؟ هذا أمر مشكوك فيه”. “أعتقد أن المرشحة الفرنسية الأكثر حظا بسبب دعم الدول الغربية لها داخل المنظمة”، يقول الشوباشي، مؤكدا أن الدولة الأوروبية وحدها تمثل 40% من منظمة اليونسكو وهو ما يعطيها ثقلا ضخما للغاية، منوها بأن فرنسا لم تقم بترشيحها إلا بعد التشاور مع الدول الأوروبية الأخرى، رغم أن هناك اتفاقا غير مكتوب بأن دولة المقر لا تقدم مرشحا، ولكن فرنسا خرقت هذه القاعدة. وأشار إلى أن المتعارف عليه أن المرشحة الفرنسية والدها “مغربي فرنسي” ومستشار الملك محمد السادس وكان مستشارا مقربا للملك الحسن الثاني ووالدتها “تونسية فرنسية”، وهى تلعب على وتر تلك الأصول الثقافية العربية.
“إسرائيل لا تريد مرشحا عربيا، ويعتبرون اليونسكو من منظمة العالم الثالث ومعادية لإسرائيل، على عكس الأمم المتحدة التى يتحكم فيها مجلس الأمن والتى يتحكم فيها الفيتو”، يكمل الشوباشي، موضحا أنه كانت هناك معركة على الأسماء وإسرائيل كانت تريد تسمية حائط المبكى ولكن العرب نجحوا فى فرض حائط البراق، وهو ما يؤكد أن هناك صراعا ثقافيا وله مردود سياسي قوي للغاية، مشيرا إلى أن إسرائيل ستدعم بدورها المرشحة الفرنسية، لأنها يهودية الأصل. وكانت، الجولة الأولى من الانتخابات لاختيار مدير عام جديد للمنظمة الدولية للعلوم والثقافة «اليونسكو» خلفا لمديرة المنظمة الحالية إيرينا بوكوفا، قد انطلقت أمس الإثنين، بالعاصمة الفرنسية باريس.
ويتنافس على المنصب 7 مرشحين بعد انسحاب مرشح دولة العراق لصالح مصر، وهم السفيرة مشيرة خطاب مرشحة مصر والقارة الإفريقية، وفولاد بلبل أوجلو من أذربيجان، وفام سان شاو من فيتنام، وحمد بن عبد العزيز الكوارى من قطر، وكيان تانج من الصين، وفيرا خورى لاكويه من لبنان، وأودريه أزولاى من فرنسا. وكان عدد كبير من الدول سواء العربية والإفريقية قد أعلن دعمه بشكل صريح للتصويت لصالح المرشحة المصرية السفيرة مشيرة خطاب من بين 58 دولة لهم حق التصويت، حيث أعلنت كل من السعودية والإمارات والبحرين «أعضاء في مجلس التعاون الخليجى» دعمهم للمرشحة المصرية في ظل خوض 3 مرشحين عربا المنافسة على هذا المنصب، ومن بينهم دولة قطر، كما أعلنت كل من الهند وغانا وموزمبيق والسودان وجنوب إفريقيا وغينيا، دعمهم للمرشحة المصرية فى تصريحات رسمية صادرة عن مسئولي تلك الدول.