والسبب الذي يبرز أكثر من غيره هو أن المرأة تشتكي من زوجها الخمول الذي لا يساعدها بشيء والذي يتوقع منها القيام بكل شيء. أما الزوج فمن جهته يشتكي من زوجته التي تتذمر حول كل شيء، والتي تحاول التصرف معه كما لو كانت «الرجل» في العلاقة، بحيث تأمره وتتوقع منه التنفيذ. فلا شيء يرضيها ومهما فعل فهي تتوقع المزيد، يضاف إلى ذلك واقع أنها لا تملك العاطفة والشغف الذي يريدهما أو يطمع بهما.
العلاقات الزوجية غير الصحية وغير الفعالة تبدأ من سبب أساسي هو تحول الزوج إلى «الطفل» في العلاقة، بينما تلعب المرأة دور الأم. والغريب في هذا الأمر هو أن الغالبية تعرف أن المشاكل موجودة ولكنهم ما ينفكون حتى يقعوا ضحيتها، وذلك لأن قلة قليلة تفهم فعلاً الأسباب التي تؤدي إليها.
عودة إلى أساليب التربية العربية
كما هو معروف سنوات الطفولة لها تأثيرها البالغ على حياتنا الزوجية، فغالبية معرفتنا هي معرفة مكتسبة من تلك المرحلة، حيث نراقب أهلنا وعلاقتهم ونقوم بتقليدها حين نصبح أزواجاً.
في أي منزل عربي نجد المهام تتوزع بشكل تلقائي، الأم تقوم بكل المهام المرتبطة بالأولاد، سواء لناحية مواعيد الأطباء أو المساعدة في الفروض المنزلية أو مواعيد اللقاء واللعب مع الأصدقاء، وعليه الصورة المرتبطة بالأنثى هي «المسؤولية». في المقابل الصورة المرتبطة بالأب هي صورة «اللعب» والمرح.. فحتى حين يريد الأب تولي مهام ترتبط بالأولاد فهو ينفذها بطريقة مختلفة ترتبط بشكل أو بآخر بمفهوم المرح.
بنت البيت.. وسي سيد
الفتاة تتربى على مبدأ أن تكون بنت بيت، وهذا المصطلح يعني أن تعتني بزوجها وأولادها وتهتم بهم وتحرص على راحتهم..المشكلة مع هذا المفهوم هو أنه معمم.. فباستثناء تعليم الفتاة أنه ستكون هناك علاقة جنسية مع زوجها فإن آلية الاهتمام لا يتم تمييزها عن مفهوم «الأمومة». في المقابل الذكر يتربى على مبدأ أن الرجل لا يبكي ولا يظهر مشاعره تحت أي ظرف من الظروف. أي طفل يأتي لوالده وقد جرحت يده أو ألحق الضرر بنفسه سيتم مقابلته بتعابير تحثه على عدم البكاء والتعامل مع الأمر كرجل.. وهكذا يتعلم الطفل الذكر من البداية أن عليه أن يقمع مشاعره وألا يعبر عنها وألا يناقشها مع أحد. ومن هنا تبدأ المشكلة.
مشكلة مرحلة النضوج
بعد الخروج من مرحلة الطفولة والدخول في مرحلة المراهقة والنضوج، ما يحصل هو أن الذكر سيتمكن من استخدام تصرفاته الطفولية من أجل كسب ود النساء.. فحينها الأمر سيكون ساحراً. في المقابل الفتاة العربية وعند نضوجها يتم تدريبها على تحمل المسؤوليات، وذلك لأنها ستصبح زوجة وعليها أن تكون على قدر المسؤولية.
المشكلة تبرز وبشكل كبير عندما تتحول العلاقة من علاقة حب عابر إلى علاقة جدية، حينها ستبدأ هي بمطالبته بالنضوج والتوقف عن التصرف بطريقة طفولية، وبالتالي تحاول تغييره، أما هو فسيبدأ بالشعور بالضغوطات وربما الخوف، وبالتالي قد نجده يتراجع عن فكرة الارتباط الجدي أكثر من مرة.
ما بعد الزواج.. تقمص الأدوار
هي تربت وتم تأهيلها على تحمل المسؤوليات وتعلمت منذ طفولتها بأن تهتم وترعى كما كانت تفعل والدتها تماماً. وهو تربى على أن يلعب دور الطفل وترك مهمة الاهتمام به لوالدته التي كانت تمنحه كل شيء. وعليه لا يمكن لأي منهما الخروج من هذه الأدوار التي حفرت في عقولهما.
خلال المراحل الأولى للزواج ستبدأ هي بمحاولة «تقليص وقت اللعب» الخاص به من خلال محاولة منعه من إمضاء الكثير من الوقت مع أصدقائه أو ممارسة هواياته التي كان يمنحها الكثير من وقته.
في المقابل هو سيمانع ثم سيجد العقاب بانتظاره، والذي قد يكون «الزعل» أو الحرمان من الجنس.
أكبر دليل على تقمص أدوار الأم والأب هو حين يكون هناك مطالبة من الزوجة لزوجها بالتصرف كرجل ناضج وتحمل مسؤولياته.. وحين يفكر هو بأنها كانت أكثر مرحاً قبل أن يتزوجها وبأن العلاقة معها انتقلت من كل ما هو جميل إلى كل ما هو ممل ومحبط.
الإنجاب يضاعف المشكلة
عند إنجاب الطفل الأول الزوج سيشعر بأنه بات في المرتبة الثانية، وبما أنه تعلم أنه عليه عدم الحديث عن مشاعره أو إظهارها، فهو سيكبت كل شيء ويتعامل مع الأمر كما لو كان لا أهمية له.
ولكن المزيج هنا خطير؛ لأننا نتحدث عن شخص يشعر بأنه مهمل ويقمع مشاعره كما أنه يشعر بأنه فقد اهتمام زوجته كشريكة وكأم وعليه الضرر مضاعف. ولذلك نجد أن معظم العلاقات تبدأ بالتدهور بعد الإنجاب.
ثانياً: الدلائل
بعد فهم الأسباب حان الوقت للحديث عن الدلائل والتي هي في الواقع عديدة جداً ما يجعل فكرة عدم ملاحظة وجود مشكلة من الأمور المستغربة. الدلائل تبدأ من الأمور البسيطة كغضبها الشديد حين لا تلتزم بالموعد الذي حددته أنت للعودة إلى المنزل، أو حين تكترث أكثر مما ينبغي لرأيك بشكلها أو ملابسها، أو حين تجدها تعيد ترتيب ما قمت أنت بترتيبه قبل لحظات. ثم ننتقل إلى ما هو أهم والذي يتنوع بين غيرتها من والدتك التي بشكل تلقائي تعتبرها منافستها في مجال «الأمومة» وصولاً إلى فقدانها الرغبة الجنسية وإرسال رسائل لاجنسية لجعلك تفقد أنت بدورك الرغبة بها.