كتب آدم تايلور في صحيفة “ذا واشنطن بوست” الأمريكية أن إسرائيل خطت أكبر خطوة لها باتجاه الحرب السورية إلى الآن. ومع أن التحولات لم تغب عن النزاع السوري هذه السنة، فإن ما حدث يوم السبت قد يكون التحول الأكبر من حيث التداعيات.
فقد أعلن الجيش الإسرائيلي شنّ هجوم جوي على نطاق واسع بعد صدامات وقعت ليل الجمعة-السبت شهدت إسقاط الإسرائيليين لطائرة إيرانية دون طيار وإسقاط الدفاعات السورية لمقاتلة أف-16 إسرائيليّة.
وقفت تل أبيب بعيداً عن طرفي النزاع السوري طوال السنوات السبع الماضية، لكن هجمات السبت يمكن أن تسحب إسرائيل إلى صراع فوضوي بعد هزيمة داعش، قد تكون له تداعيات على النزاع السوري وعلى المنطقة برمتها.
يشير تايلور إلى أن إسرائيل شنّت عشرات الهجمات السرية ضدّ قافلات أسلحة لحزب الله، لكن هذه الهجمات كانت محدودة النطاق. وامتنعت القوات السورية وحلفاؤها عن الرد مخافة أن تفتح جبهة أخرى في نزاعٍ سبق له أن أصبح فوضوياً، لكنّ الأمور بدأت بالتغير السنة الماضية مع خسارة داعش للأراضي واستعادة الأسد سيطرته على مزيد من المناطق.
استفزاز
خلال السنة الماضية، وقفت إسرائيل ضدّ وقف إطلاق نار جزئيّ توصّلت إليه موسكو وواشنطن لأنه سمح لإيران بالتمدد إلى مساحات قريبة من حدودها. كما قال مراقبون إنّ حزب الله كان يستغل الميدان السوري معسكراً للتدريب، فيما يمكن لإيران أن تكون قد ساعدته على تطوير صواريخ أكثر دقة.
ويختلف ما حصل السبت عن أحداث سابقة مع إعلان إسرائيل أن ما جرى بدأ في ساعات مبكرة من اليوم نفسه حين عبرت طائرة إيرانية دون طيار الحدود في اتجاه الداخل الإسرائيلي فأسقطت مروحية تابعة لتل أبيب تلك الطائرة. لكن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية نفى ذلك واصفاً الكلام بـ “السخيف”. وإذا كان الخبر صحيحاً فهذا يعني أن إيران استفزت تل أبيب لإجبارها على رد الفعل.
شعور النظام السوري
بعدها، أرسلت إسرائيل مقاتلات إلى سوريا للهجوم على قاعدة التيفور قرب تدمر من حيث انطلقت الطائرة الإيرانيّة. فردت الدفاعات السورية التي أصابت أف 16 إسرائيليّة وأسقطتها.
وقال الصحافي الخبير في الشؤون العسكرية عاموس هرئيل إن هذا الحدث هو الأول منذ 30 سنة على الأقل، مضيفاً أن الرد يعكس شعوراً متجدداً بالقوة لدى النظام. بينما قال حزب الله في بيانه إن هذه العملية مؤشر على مرحلة استراتيجية جديدة. بعد إسقاط المقاتلة عاد الجيش الإسرائيلي ليهاجم 12 موقعاً عسكرياً في سوريا للنظام وإيران في أهم هجمات لها على سوريا منذ حرب 1982 في لبنان كما قال العميد في الجيش الإسرائيلي تومر بار لصحيفة هآرتس.
لا استعداد للتراجع
إن نزاعاً على الحدود السورية لن يصب على الأرجح لمصلحة الإسرائيليين أو القوات الحليفة لإيران في هذا الوقت. لكن القصف المتبادل يظهر أن الطرفين غير مستعدين للتراجع. وإذا تصاعد النزاع يمكن أن يصل إلى مفترق خطير في النزاع السوري الذي يمكن أن يتورط فيه عدد من القوى الإقليمية وقوى أبعد منها.
وقال بعض الإسرائيليين إنه من الصعب تخيل جهل الروس بالطائرة الإيرانية أو النيران السورية التي أسقطت المقاتلة.
وقد زار نتانياهو موسكو الشهر الماضي لدفع روسيا إلى تقييد حلفائه الإيرانيين في سوريا.
نزاعات جديدة
وتنخرط الولايات المتحدة، حليفة إسرائيل، في الصراع السوري داعمة ثواراً سوريين ووجدت نفسها في مسار متناقض مع روسيا. وخلال الأسبوع الماضي، قصفت طائرات أمريكية قوات موالية للأسد بعدما هاجمت فصائل مدعومة من الأمريكيين في محافظة دير الزور.
وقال وزير الدفاع الأمريكي جايمس ماتيس إنّه من غير الواضح ما إذا كان متعاقدون روس متورطين في الهجوم البري. إن روسيا وأمريكا تحاربان داعش عدواً مشتركاً، لكن بعد نهاية الحرب ضده يبدو أن هنالك نزاعات جديدة في سوريا، حيث شنت تركيا مثلاً هجومها الخاص ضدّ المقاتلين الأكراد في الشمال السوري.
وبذلك، تكون قد وضعت نفسها في مواجهة واشنطن بحكم الأمر الواقع. إن نزاعاً مفتوحاً بين إسرائيل وقوات مدعومة من إيران قد يسحب الدول العربية المجاورة إلى حرب جديدة أيضاً.