ماكرون يكسر التقاليد ويلقي خطاب «سياساته العامة» بالبرلمان
أعلن الرئيس الفرنسي "إيمانويل ماكرون" أنه سيلقي خطابا يوضح فيه سياسات حكومته الجديدة اليوم الإثنين أمام البرلمان والذي يستحوذ فيه حزبه "إلى الأمام" على الأغلبية المطلقة في الجمعية الوطنية.
ومن المفترض أن يعرض الرئيس الفرنسي في كلمته أمام البرلمان في قصر فرساي الخطوط العريضة لولايته من خمس سنوات، وهو ما أدى إلى غضب كبير بين صفوف معارضيه الذين ينتقدون التوجهات "الملكية" لرئيس الدولة الجديد.
من جانبه أوضح المتحدث باسم الحكومة كريستوف كاستانير أن كلمته ستكون شبيهة بـ"الخطاب حول حال الاتحاد" الذي يلقيه الرئيس الأمريكي كل سنة أمام الكونجرس.
وقرر ماكرون أن يجعل من هذا الخطاب الرسمي والاستثنائي الذي لم يلجأ إليه سلفاه نيكولا ساركوزي وفرانسوا هولاند سوى مرة واحدة لكل منهما، تقليدا سنويا، متخليا عن المقابلة التليفزيونية التقليدية في "14" يوم العيد الوطني الفرنسي.
وتأكيدا على موقعه الطاغي، اختار ماكرون إلقاء كلمته عشية إعلان السياسة العامة الذي سيصدره رئيس وزرائه إدوار فيليب، حاجبا عنه الأضواء.
– مخاوف من الاستحواذ على السلطة:
حذر رئيس كتلة نواب حزب "الجمهوريون" اليميني كريستيان جاكوب الأحد ماكرون من ممارسة "سلطة بلا منازع"، مشددا على أن مداخلته اليوم الإثنين: "ستنسف حكما مداخلة رئيس الوزراء" الآتي من صفوف "الجمهوريون".
من ناحيته أعلن زعيم اليسار الراديكالي جان لوك ميلنشون أن نوابه الـ17 سيقاطعون اجتماع البرلمان، معتبرا أن ماكرون "تخطى عتبة في ضخامة حجم الملكية الرئاسية".
من جهته قال رئيس النواب الاشتراكيين أوليفييه فور "الرئيس يخطب، لكن لا يحق لأحد استجوابه أو مناقشته. النواب تحولوا إلى مشاهدين".
ويواجه الرئيس انتقادات الصحافة الفرنسية التي عمدت السلطات الجديدة إلى إبعادها. فكتبت صحيفة "لو باريزيان" الأحد "الرئيس الفائق، يقرر كل شيء، يحتكر الكلام، يسيطر على الاتصالات"، بعدما كانت صحيفة "ليبراسيون" اليسارية عنونت قبل ثلاثة أيام "ماكرون، ملك بلا منازع".
– محاور كلمة ماكرون:
ويلقي ماكرون خطابه بعد أيام على انتخابات تشريعية أسقطت الحزبين التقليديين الفرنسيين ومنحت الحركة الرئاسية الفتية "الجمهورية إلى الأمام" غالبية واضحة يعول الرئيس عليها لتطبيق برنامجه الليبرالي الاجتماعي.
ومن المتوقع أن يتطرق الرئيس الوسطي والمؤيد لأوروبا إلى إصلاح سوق العمل الذي يعتزم تليين قواعده من خلال أوامر رئاسية، بدون طرحها للنقاش في البرلمان.
وهذا الإصلاح الرامي إلى منح الشركات مرونة أكبرعلى أمل تحفيز الوظائف، يذهب أبعد من "قانون العمل" الذي أقر العام الماضي في عهد الاشتراكي فرانسوا هولاند وتسبب في أزمة اجتماعية خطيرة ترافقت مع مظاهرات على مدى أشهر.
وخطابه قد يذكر بخطاب شهير ألقاه غيرهارد شرودر في 14 مارس 2003 وأعلن فيه "الأجندة 2010". وكان المستشار الألماني في حينه تنبأ بدماء ودموع لمواطنيه، لكنه مهد الطريق لعودة العمالة الكاملة في ألمانيا.
وقد يذكر أيضا بـ"قانون الوظائف" للإيطالي ماتيو رنزي أو بالإصلاحات الليبرالية التي باشرها ديفيد كاميرون في بريطانيا.
من جانب اخر، سيمثل رئيس الوزراء أمام البرلمان ليعرض عليه بالتفصيل خارطة الطريق الحكومية. وصرح إدوار فيليب السبت أن "رئيس الجمهورية سيحدد التوجه الاثنين أمام جلسة الجمعية العامة. ويعود لنا نحن، أعضاء الحكومة، أن نبلغ هذه التوجه".
غير أن هذه المهمة تواجه ضغوطا مالية شديدة. وقد حذر ديوان المحاسبة الخميس بأن العجز في الميزانية الفرنسية سيصل إلى 3,2% من إجمالي الناتج الداخلي في 2017، في غياب "غير مسبوق" للمدخرات