أخبار عالمية

محاولات أوروبا الأخيرة لتجنب الحرب التجارية مع أمريكا

محاولات أوروبا الأخيرة لتجنب الحرب التجارية مع أمريكا

"أصبحت أمرًا واقعًا"، هكذا وصف وزير المالية الفرنسي برونو لومير، الحرب التجارية مع أمريكا خلال اجتماع وزراء مالية قمة العشرين في بروكسل.

لومير أضاف أن السياسة التجارية الأمريكية الحالية، المعتمدة على فرض الرسوم الجمركية من جانب واحد، تقوم على "قانون الغاب"، حيث وصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الأسبوع الماضي، الاتحاد الأوروبي، بأنه "عدو".

إلا أنه يبدو أن هناك ضوءا في نهاية النفق، حيث أشارت صحيفة "فاينانشيال تايمز" إلى أن بروكسل تقوم بمحاولة أخيرة لإقناع ترامب بعدم المضي قدمًا في فرض الرسوم الجمركية العقابية على قطاع السيارات في الاتحاد الأوروبي، وسط انهيار الآمال في إمكانية تجنب حرب تجارية شاملة مع الولايات المتحدة.

ومن المقرر أن يجتمع جان كلود يونكر رئيس المفوضية الأوروبية، مع ترامب في واشنطن يوم الأربعاء، في اجتماع قال مسؤولو الاتحاد الأوروبي إنه يهدف إلى "إزالة التوتر" من خلال استكشاف "السبل المختلفة" لمحادثات التجارة.

ولكن في إشارة إلى الجدية التي تتخذ بها بروكسل التهديد الأمريكي لصادراتها من السيارات، فإن المفوضية الأوروبية تمضي قدما في العمل لتحديد المنتجات الأمريكية التي يمكن أن تُفرض عليها رسوم جمركية انتقامية إذا فشلت المبادرة.

اقرأ المزيد: هل تنشب حرب تجارية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي؟

حيث ذكر أحد كبار المسؤولين في الاتحاد الأوروبي أن المفوضية الأوروبية تدرس خيارات مختلفة، بما في ذلك احتمال أن تفرض رسومًا جمركية بنسبة 20% على منتجات أمريكية بقيمة 10 مليارات يورو.

أو اختيار قائمة أكبر تشمل منتجات أمريكية بقيمة 18 مليار يورو مع فرض الحد الأدنى من الرسوم الجمركية عليها، وتشمل هذه المنتجات الحقائب ومركبات البناء وآلات التصوير الضوئي.

وتأتي زيارة يونكر بعد تهديدات متكررة من ترامب بفرض رسوم جمركية على نحو 50 مليار يورو من السيارات وقطع غيار السيارات المصنعة في الاتحاد الأوروبي، وهو ما أشار إليه رئيس الولايات المتحدة بأنه يمكن تحديده بنسبة 20%.

وتصاعد هذا الخطاب العدائي بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في الأيام الأخيرة، حيث وصف الرئيس الأمريكي الاتحاد الأوروبي بأنه "عدو" استغل "الولايات المتحدة" في التجارة.

وكان ترامب قد طبق بالفعل رسومًا جمركية على صادرات الاتحاد الأوروبي من الصلب والألومنيوم، وفي الوقت الذي تخوض فيه الإدارة الأمريكية حربًا تجارية آخذة في الاتساع مع الصين، تقوم حاليًا بالتحقيق فيما إذا كانت واردات السيارات الأوروبية تشكل تهديدًا للأمن القومي.

اقرأ المزيد: بريطانيا تحذر أمريكا وأوروبا من مخاطر حرب تجارية انتقامية

وتأتي استعدادات بروكسل للرد على الرسوم الجمركية الأمريكية، في إطار تقديرها بأن أي تحرك أمريكي لضرب صناعة السيارات من شأنه أن ينتهك قواعد منظمة التجارة العالمية، مما يسمح للاتحاد الأوروبي باتخاذ إجراءات مضادة في حدود قانونية معينة.

وصرحت المفوضة التجارية بالاتحاد الأوروبي سيسيليا مالمستروم، التي سترافق يونكر في الرحلة إلى واشنطن، الأسبوع الماضي، أن الهدف هو "محاولة رؤية كيف يمكننا العمل معا" لمعالجة المخاوف التجارية.

وأضافت: "دعونا نتعامل مع هذا الأمر من منطلق كوننا حلفاء وشركاء نعيش معًا"، مشيرة إلى أن الزيارة ستشمل أيضا اجتماعات مع أعضاء في الكونجرس الأمريكي ومسؤولين آخرين في الإدارة.

وتشمل الأفكار التي رسمتها بروكسل إمكانية إجراء محادثات "متعددة الأطراف" بين الدول الرئيسية المصدرة للسيارات في العالم، بشأن اتفاق لتخفيض الرسوم الجمركية، أو عقد مفاوضات ثنائية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق تجاري من شأنه خفض الرسوم الجمركية على نطاق أوسع من السلع الصناعية.

إلا أن مسؤولي الدول الأعضاء في الاتحاد، ومسؤولي الاتحاد الأوروبي، قللوا من احتمال حدوث انفراجة في الأزمة، لأسباب عدة من ضمنها أن الولايات المتحدة لم تعط أي إشارة تذكر على أنها مهتمة بأي من المفاوضات التي تقترحها بروكسل.

اقرأ المزيد: هل تتأثر مصر بالحرب التجارية بين الصين وأمريكا؟

حيث أكد أحد الدبلوماسيين الأوروبيين البارزين أنه "لا يوجد أحد متفائل".

وأشارت "فاينانشيال تايمز" أن يونكر يواجه أيضًا عملية توازن دقيقة بعد أن أوضح عدد كبير من الحكومات، بما فيها فرنسا وهولندا، خلال اجتماع كبار الدبلوماسيين الأسبوع الماضي أنه يجب على الاتحاد الأوروبي ألا يتفاوض تحت التهديد.

وقال دبلوماسيون أوروبيون إن هذا يعني أن المحادثات التفصيلية لا يمكن أن تبدأ إلا بعد أن يسقط ترامب الرسوم الجمركية التي فرضها على الصادرات الأوروبية من الفولاذ والألومنيوم وينهي تهديداته بفرض رسوم جمركية على السيارات الأوروبية، وأن أي صفقة مع الولايات المتحدة يجب أن تقدم منافع متساوية لكلا الطرفين.

من جانبها، اتخذت ألمانيا، التي يتحمل قطاع صناعة السيارات الضخم الخاص بها، العبء الأكبر من الرسوم الجمركية الأمريكية، خطًا أكثر مرونة بشكل ملحوظ.

حيث شددت الحكومة الألمانية على ضرورة استكشاف جميع الخيارات لمنع نشوب الحرب التجارية، التي حذرت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، الأسبوع الماضي، من أنها تمثل "خطرًا حقيقيًا على رخاء كثير من الناس في العالم".

زر الذهاب إلى الأعلى