تعيش المملكة العربية السعودية حالة صراع مكتوم، قابل للانفجار الكبير، بين الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد، ومفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء، وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبد العزيز بن عبدالله آل الشيخ.
خصومة الشيخ والأمير
الخصومة المخفية بين الشيخ والأمير، بدأت تظهر إلى العلن مع توجه ولي العهد ونجل ملك البلاد الطامح بزعامة البلاد، من خلال ضخ أفكار شبابية، تلقى قبولا في المجتمع، بهدف خلخلة القبضة الحاكمة لرجال الدين، الذين حولت فتاويهم البلاد- من وجهة نظر الشباب- إلى سجن كبير.
الأمير الصغير، حرص منذ بيعته على تقديم نفسه للغرب، كشاب منفتح، مثل وجوده في منظومة الحكم، نقله نوعية كبيرة في دماغ السلطة، التي ظلت لعقود طويلة رهينة لرأي الشرع في المناحي السياسية والاجتماعية.
رؤية السعودية 2030
استراتيجية ولي ولي العهد السعودي، الذي أطلق عليها «رؤية السعودية 2030»، مثل المجتمع الحيوي أهم محاورها؛ لخلق وطن جديد يعيش أفراده وفق المبادئ الإسلامية، ومنهج الوسطية والاعتدال، في بيئة إيجابية وجاذبة، تتوافر فيها مقوّمات جودة الحياة للمواطنين والمقيمين.
وبحسب الخطة، فإن الثقافة والترفيه أمران جوهريان، فيما يتعلق بجودة الحياة.
وفي تصريحات، نقلتها مجلة «فورين أفيرز» الأمريكية، يناير الماضي، ذكرت المجلة أن الأمير محمد قال: إنه يثق بأن نسبة قليلة فقط من رجال الدين في المملكة لديهم جمود فكري، في حين أن أكثر من نصف رجال الدين يمكن إقناعهم بدعم الإصلاحات، التي يسعى لتنفيذها من خلال التواصل والحوار».
دور السينما والحفلات
ومع البدايات الأولى، من التلويح بافتتاح دور سينما، ونوادي للحفلات؛ لدفع المواطن إلى عالم الرفاهية، تصدر مفتي المملكة بقوة لهذه الأخبار الواردة من الدائرة المقربة من ولي ولي العهد، ما دفع آل الشيخ للإفتاء، بأن الحفلات الغنائية لا خير فيها، فالترفيه بالأغاني ليل نهار، وفتح صالات السينما في كل الأوقات، هو مدعاة لاختلاط الجنسين، فأولا سيقال تخصيص أماكن للنساء، ثم يصبح الجميع رجالا ونساءً في منطقة واحدة، فهذا كله مفسد للأخلاق ومدمر للقيم.
وترددت أنباء في الداخل السعودي عقب هذه الفتوى، عن صدور قرار من ولي ولي العهد، بمنع ظهور مفتي المملكة في الفضائيات؛ لمعاقبته على لهجة التصعيد بلسان الدين ضد القرار.
الحاكم السري
مفتي المملكة الذي يعد الحاكم السري في البلاد، نظرا لعدم صدور قرار من الذات الملكية في الشئون السياسية والحياتية، دون العودة إليه، والحصول على مباركته قبل الإعلان، يبدو أنه استشعر مؤخرا بالهجمة الشبابية، التي يقودها الأمير ضد صولجان رجال الدين؛ لكسب تأييد الشباب والنساء في رؤيته المتحررة، وخرج يوم أمس الأحد، معلنا عن وضع استراتيجية جديدة لهيئة كبار العلماء، ترتكز على ثلاثة محاور: «علمية وتقنية وإعلامية»، تهدف في الأساس لتقديم الهيئة كبديل لمكافحة التطرف والإرهاب، بهدف تفويت الفرصة على ولي ولي العهد، في تقديم نفسه كبديل منفتح على التحرر، بهدف إنقاذ العقل السعودي من السقوط في براثن التطرف، في ظل ارتفاع معدلات العناصر الإرهابية، الحاملة للجنسية للسعودية، وتحول الأمر إلى ظاهرة مفزعة للغرب.