حذر مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة التابع لدار الإفتاء المصرية –في تقرير حديث– من مغبة الوقوع في خطأ استخدام مصطلح “الإرهاب الإسلامي” في وسائل الإعلام والصحافة اليومية والاستقصائية، وكذلك في المجال الأكاديمي والبحث العلمي، مؤكدًا على أن استخدام المصطلح فيه كثير من المغالطات وقلب للحقائق؛ مما أنتج العديد من السلبيات التي تعاني منها كافة الشعوب.
وأكد تقرير المرصد -الذي سعى إلى تقديم نقد معرفي للمفهوم- بأن استخدام وتوظيف المفهوم إعلاميًّا وأكاديميًّا في تشويه حقائق ومبادئ الإسلام عمل على تدعيم الإرهاب وسعار الإسلاموفوبيا، فهو يغذي إرهاب الجماعات المتطرفة، ويزيد من سعار الإسلاموفوبيا.
وأشار تقرير المرصد إلى أن بدايات استخدام المصطلح تعود إلى أحداث 11 سبتمبر عام 2001، وتم ترسيخه لاحقًا بعد أحداث تفجيرات (لندن 2005، مدريد 2004، تفجيرات ستوكهولم 2010،..) وما تبعها من سلاسل للعمليات الإرهابية في الولايات المتحدة الأمريكية والعواصم الأوروبية بعد صعود تنظيم داعش 2014. وأوضح التقرير أنه في تلك السنوات تم توظيف المصطلح بشكل إعلامي وأكاديمي وأدبي بدرجة أكبر ولصق تهم الإرهاب والعنف بالإسلام كدين، وتم استخدامه وتوظيفه لتنميط صورة سلبية عن الإسلام والمسلمين بشكل عام، ورفض أي شكل من أشكال التعايش مع المسلمين في الغرب.
واستشهد تقرير المرصد بالعديد من الدراسات الاستقصائية والأكاديمية والتطبيقية التي أجريت مع أشخاص يروجون للإسلاموفوبيا، تورط العديد منهم في اعتداءات على المسلمين والمساجد، حيث أكدت تلك الدراسات أن الدافع الرئيسي لتلك الاعتداءات والنظرة السلبية للمسلمين، تعود إلى الإيمان بـ” الإرهاب الإسلامي” خاصة فيما بعد 11 سبتمبر.
وتابع أن التوظيف الإعلامي والأكاديمي للمصطلح تحول إلى مغالاة مفرطة أفضت إلى تدعيم المصطلح لكافة أنواع التمييز والعنصرية ضد الإسلام والمسلمين، وعملت هذه المغالاة على تشويه مبادئ الإسلام الحقة التي أقيمت عليها أسس كافة الحضارات القديمة والمعاصرة في التعايش السلمي والمؤاخاة والإنسانية والسلام العالمي، كما أن المغالاة في ذلك نفت سماحة الإسلام في التعامل مع كافة البشر في إطار من المساواة والعدالة دون تمييز، وبناءً عليه تحول المصطلح لأداة ومبرر يستخدمه اليمين المتطرف في تبرير عنصريته وعنفه ضد المسلمين ومساجدهم في العواصم المختلفة.
وأشار تقرير المرصد أيضًا إلى أن مصطلح “الإرهاب الإسلامي” لم يكن فقط وقودًا لسعار الإسلاموفوبيا، ولكنه كان أيضًا سببًا رئيسيًّا في ارتفاع خطاب التطرف لدى الجماعات الإرهابية، ومبررًا للمتطرفين لجذب واستقطاب عناصر جديدة، وفي أعقاب استخدام المصطلح، راح كثير من الجماعات المتطرفة وعلى رأسها القاعدة وتنظيم داعش في استخدامه بشكل معكوس في محاولة لإقناع المتعاطفين معها بأن الغرب يتهم الإسلام بالإرهاب والتطرف وبكراهية الإسلام، كما أوضح المرصد أن استخدام المصطلح إعلاميًّا يأتي كدعاية مجانية للجماعات المتطرفة لجذب عناصر جديدة.
وأكد تقرير المرصد بأن مصطلح “الإرهاب الإسلامي” استخدم في قلب الحقائق وربط العنف بدين معين وهو الإسلام، مع أن الإرهاب ليس نتاج الأديان ولا يرتبط بدين معين، وإنما الإرهاب نتيجة سياسات خاطئة أوجدت بيئات حاضنة للتطرف والعنف، كما أن مصطلح الإرهاب الإسلامي فيه تحيز وتخصيص غير موضوعي لمفهوم الإرهاب، حيث إن مفهوم الإرهاب مفهوم عام وفضفاض وفقًا لكافة المفاهيم المستخدمة في كافة المواثيق الدولية والقانونية وكذلك في القواميس الاصطلاحية.
في السياق ذاته، طالب المرصد بضرورة تحري الدقة والموضوعية في استخدام المصطلحات والتعبيرات المتعلقة بالتطرف والإرهاب، في وسائل الإعلام والصحافة والكتابات الأكاديمية، وطالب ببرنامج ووثيقة إعلامية تعمل على منع وتجريم اتهام الأديان أيًّا كانت بالتطرف والإرهاب، واتباع الحيادية والمصداقية في توصيف الأحداث.