أكد مركز المعلومات الإسرائيلى لحقوق الإنسان فى الأراضى المحتلة “بتسيلم”، استمرار استهداف جنود الاحتلال الإسرائيلى للأطفال الفلسطينيين، مستشهدا بتحقيق ميدانى له، يثبت أن جنود الاحتلال أصابوا أطفالا “كان من الواضح وضوح الشمس أنهم لم يشكلوا أى خطر على سلامة الجنود أو حياتهم”.
وحسب تقرير أعده المركز بهذا الخصوص، “فهذا التصرف ليس سوى مثال آخر على سياسة “اليد الخفيفة على الزناد” التى يتبعها الجيش، وهى سياسة يدعمها ويعززها جهاز تطبيق القانون العسكرى، من حيث أنه يضمن فى كل مرة وفى هذه المرة أيضا عدم مساءلة ومحاسبة أحد على إطلاق النيران المخالف للقانون”.
ووثق شهادات حية لأطفال، كانوا قد تعرضوا للإصابة المباشرة خلال مواجهات فى مخيم الجلزون شمال رام الله قبل نحو شهر، على النحو التالى:
فى السابع عشر من نوفمبر الماضى، ومع انتهاء اليوم الدراسى فى مدرسة البنين الواقعة عند مدخل مخيم الجلزون اندلعت مواجهات مع قوات الاحتلال، وفى هذا الوقت كانت مجموعة من الأطفال تشاهد المواجهات من مكان يبعد أكثر من 100 متر عن المدرسة ومن بينهم التلميذان رامى أبو نصر (13 عاما) وأمير زبيدة (11 عاما)، وبعد مضى نصف ساعة أخذ الجنود يتقدمون نحو المخيم ففر الفتية والأطفال إلى داخل المخيم وكذلك المجموعة التى كانت تشاهد عن بعد.
واختبأ أبو نصرة وزبيدة وأطفال آخرون خلف أسوار منزل يبعد نحو 150 مترا عن الجنود الذين كانوا آنذاك قرب مدرسة البنين، وفى هذه الأثناء وصل إلى المكان جنود آخرون فى جيب عسكرى ومعهم على الأقل شخص واحد بلباس مدنى وأخذوا يطلقون الرصاص الحى نحو الأطفال والفتية أثناء فرارهم، إضافة إلى الرصاص “المطاطي” وقنابل الغاز.
وقال الطفل رامى أبو نصرة، إنه وبعد مضى نصف ساعة على المواجهات رأيت المتظاهرين يفرون فى اتجاه المخيم، عندما أصبح الجنود قريبين جدا من المدرسة هربنا من هناك أنا والأطفال الذين كانوا يشاهدون المواجهات معي، كان معى صديقى أمير زبيدة ويبلغ عمره 11 عاما، ابتعدنا مسافة 150 مترا تقريبا أى أننا وصلنا إلى المكان الذى استشهد فيه محمود نخلة قبل سنة، اختبأنا خلف سور بناية مع ثلاثة أو أربعة أطفال لا أعرفهم ولكن السور كان منخفضا بحيث بالكاد كان يسترنا.
وأضاف، “هبط المتظاهرون فى اتجاه المخيم ونحن كنا بعيدين عنهم، كان الجنود وبعضهم بلباس مدنى يطلقون الرصاص الحى والرصاص المطاطى وقنابل الغاز، سمعت طلقتين أو ثلاث طلقات متتالية من الرصاص الحي، قلت للأطفال الذين كانوا بجانبى “لا ترفعوا رؤوسكم لئلا تصابوا”، جميعنا أخفضنا رؤوسنا، بعد أن توقف إطلاق النار قررنا أنا وأمير الفرار إلى داخل المخيم، ركضت أنا أولا ولكن ما أن بدأت بالركض حتى سمعت إطلاق رصاص حى وربما أيضا رصاص المطاط.
وتابع الطفل أبو نصر، “أدركت أننى أصبت عندما رأيت دماء كثيرة تسيل من ذراعى اليمنى، كانت يدى قد ارتخت وأحسست أنها كسرت، ركضت نحو الشارع وأنا أصرخ “لقد أصبت! لقد أصبت!”، ساعدنى طفل لا أعرفه فاستندت إليه وركضنا معا وهو يصرخ “إسعاف! إسعاف!”. فى تلك اللحظات لم أتنبه لما يحدث مع أمير.
أما الطفل أمير زبيدة، فقد قال “سمعت عدة طلقات، لم أر من الذى أطلقها وعندما توقف إطلاق الرصاص رفعنا رؤوسنا لكى نفحص إن كان باستطاعتنا الفرار فى اتجاه المخيم حيث كنا خائفين من البقاء فى نفس المكان، فر رامى قبلى واختفى، ترددت بضع ثوان فى اللحاق به ولكنى انطلقت عندها راكضا، عندما قمت أحسست أننى أصبت ببطنى، وضعت يدى على مكان الإصابة وعندها أصابتنى رصاصة أخرى فى سبابة يدى اليمنى وتقريبا قطعتها تماما، اخترقت الرصاصة يدى وأصابت شظية منها صدرى، علمت لاحقا أنها استقرت تحت الجلد، خفت كثيرا وأخذت أركض بسرعة تجاه المخيم وأنا أصرخ!”.
وجددت “بتسيلم” تأكيدها أن إسرائيل أنشأت منظومة لا تنتج سوى صورة زائفة توهم بتطبيق القانون، فى المستويين الجنائى والمدنى معا، ونتيجة لذلك لا يعاقَب المسئولون ولا تحظى الضحايا بالتعويض عن إلحاق الأضرار بهم، هكذا هو الوضع سوى فى حالات قليلة واستثنائية تستخدم فقط لتضخيم الإيحاء بأن جهاز تطبيق القانون يعمل كما ينبغى.