
ترأس الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، صباح اليوم، مائدة نقاش مستديرة تحت عنوان “تحول مستقبل مصر الطاقى”، وذلك بمقر مجلس الوزراء فى العاصمة الإدارية الجديدة، بحضور الدكتورة ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة، والمهندس محمود عصمت، وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، وأحمد كجوك، وزير المالية، والمهندس كريم بدوى، وزير البترول والثروة المعدنية، ومسئولى ورؤساء تنفيذيين لعدد من شركات الطاقة الإقليمية والعالمية، العاملة فى مصر، هي: شركة بترول أبو ظبى الوطنية للتوزيع “أدنوك”، وشركة “أركيوس” للطاقة، وشركة اكسنس، وشركة “كابريكورن إنرجي”، وشركة “شنايدر”، وشركة “شيرون”، وشركة “دراجون أويل”، وشركة “إنرجيان”، وشركة “فيرتيجلوب”، وشركة “هيلينيك” للطاقة، وشركة “هوغ إيفي”، وشركة “سكاتك”، وشركة “ثيسيان”، ومجموعة “يونايتد إنيرجي”، وشركة “فولكان جرين إنيرجي”، وشركة “سيمنز” للطاقة، وشركة “إكسون موبيل”، وشركة “هاربور إنرجي”، وشركة مبادلة للطاقة، وشركة “شيفرون”، وشركة “شيل”.
واستهل رئيس مجلس الوزراء الاجتماع، بالترحيب بالحضور على هذه المائدة المستديرة التى تجمع عددا من السادة أعضاء الحكومة ورؤساء وممثلى كبريات الشركات العاملة فى مصر، وذلك فى مقر مجلس الوزراء بالعاصمة الإدارية الجديدة، معربا عن سعادته بهذا اللقاء بالشركات العاملة فى قطاع الطاقة بمجالاتها المتنوعة؛ سواء البترول أو الغاز، أو الطاقة المتجددة.
وقال الدكتور مصطفى مدبولي: كان هناك حرص كبير على انعقاد هذه المائدة المستديرة؛ لطرح مختلف الآراء والتوجهات حول مختلف قضايا الطاقة الحالية والمستقبلية، بجانب استعراض ومناقشة الفرص المتاحة التى يتيحها هذا القطاع الواعد فى الدولة المصرية، وكذلك طرح خططكم للاستثمار فى هذا القطاع خلال الفترة المقبلة.
وفى هذا الإطار، أكد رئيس مجلس الوزراء أن الطاقة تمثل إحدى أهم السبل لتحقيق تطلعات الشعوب نحو مستقبل أفضل فى مختلف المجالات، كما أنه مما لا شك فيه فإن الطاقة المتجددة ـ على وجه الخصوص ـ باتت تمثل المستقبل الذى تعول عليه مختلف دول العالم، إلا أنه رغم ذلك يبدو أن الوقود التقليدى سيظل العالم يعتمد عليه لفترات طويلة مقبلة.
وفى الوقت نفسه، تحدث رئيس مجلس الوزراء عن أن الدولة المصرية شرعت فى وضع استراتيجية متكاملة قائمة على عدة محاور تتوافق مع متطلبات المرحلة الحالية، وتتلخص فى توفير الاحتياجات المحلية من المنتجات البترولية، وذلك من خلال زيادة الإنتاج وتكثيف برامج الحفر والاستكشاف، وتعظيم استغلال البنية التحتية والطاقات الفائضة فى قطاع التكرير والبتروكيماويات لتحقيق قيمة مضافة، وزيادة مساهمة قطاع التعدين فى الناتج المحلى الإجمالي.
وأضاف رئيس الوزراء أن الحكومة تسعى إلى توفير بيئة استثمار أكثر جاذبية فى مجال البترول والطاقة، من خلال تبنى حزمة من الإصلاحات تتسم بالواقعية والشفافية والقابلية للتنفيذ، بما يحقق أهدافنا ويراعى مصالح شركائنا، لافتا فى هذا الصدد إلى أن هذه الاستراتيجية تحمل العديد من الفرص الواعدة للشركات العاملة فى مجال الطاقة، وقال: نحن نعوّل عليكم لتعزيز الإنتاج فى مصادر الطاقة المختلفة.
وفى السياق نفسه، أشار الدكتور مدبولى إلى أن هذا الأمر يتطلب التآزر والتعاون بين الحكومة وممثلى الشركات لضمان التحول الفعال فى قطاع الطاقة، حيث أن التحول فى قطاع الطاقة أمر معقد يتطلب العمل الجماعى والتعاون على نطاق عالمى، فى إطار مناقشات واقعية وشاملة ومتوازنة، مضيفا أن مصر أصبحت مركزا مهما لعقد المؤتمرات الدولية المهمة التى يجتمع فيها قادة الشركات العالمية فى مجال الطاقة، بهدف مناقشة كيفية تمكين الدول من الاستفادة من مواردها وبنيتها التحتية، من خلال شراكة قوية وتعاون وثيق بين مصر وشركائها لتحقيق منفعة مشتركة فى هذا الشأن.
وقال رئيس الوزراء: فى إطار ذلك أدعوكم جميعًا للمشاركة فى مثل هذه المناقشات المثمرة للموضوعات المختلفة اليوم؛ للاتفاق على السياسات المستقبلية التى تسمح لنا بالتغلب على أية تحديات قد نواجهها وضمان مستقبل أكثر إشراقًا.
وواصل رئيس الوزراء حديثه حول قطاع النفط والغاز المصرى، موضحا فى هذا الإطار أن الدولة منحت الأولوية لهذا القطاع؛ سعيا لزيادة الإنتاج وتسريع تطوير الاستكشاف، مع التركيز على التقنيات الرقمية الجديدة، بما فى ذلك الذكاء الاصطناعي؛ من أجل تسريع الاكتشافات الجديدة وتعزيز الإنتاجية.
وحول التحول فى مجال الطاقة وجهود الطاقة المتجددة، لفت رئيس مجلس الوزراء إلى أن مصر تدرك التهديدات المتزايدة الناجمة عن التغير المناخى وتدعم الحاجة إلى اتخاذ إجراءات عالمية جادة لمكافحة آثاره السلبية، لافتا إلى تأكيد الرئيس عبد الفتاح السيسى، رئيس الجمهورية، فى مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين أن مصر تعترف بالحاجة الملحة للعمل نحو تعزيز العمل الجماعى والعاجل لمعالجة تحديات تغير المناخ.
وأضاف الدكتور مدبولي: تواصل الحكومة المصرية قيادة الإصلاحات الاقتصادية ودفع جهود البلاد نحو الاقتصاد الأخضر، من خلال العديد من الجهود والخطوات، ومنها تحسين مناخ الاستثمار ودعم القطاع الخاص لجذب المزيد من الاستثمارات فى مشروعات الطاقة النظيفة.
من جانبه، تحدث المهندس كريم بدوى، وزير البترول والثروة المعدنية، عن القدرات التى تتمتع بها مصر كمركز إقليمى لتداول الطاقة، مشيرًا إلى البنية التحتية القوية التى تم تطويرها فى مختلف مجالات صناعة البترول والغاز، خلال السنوات الماضية.
وفى هذا السياق، أوضح الوزير أن استراتيجية وزارة البترول تستهدف الاستفادة من الموقع الجغرافى المتميز لمصر، بجانب بنيتها التحتية المتطورة، لتعزيز دورها كمركز إقليمى للطاقة، ولتكون مركزًا لإنتاج الطاقات المتجددة والخضراء، بالإضافة إلى أن تكون مركزا لإنتاج البتروكيماويات، وقال الوزير أن هذه الاستراتيجية تُنفذ بالتعاون مع الشركاء، مشددا على التزام الوزارة بتذليل التحديات أمامهم لضمان نجاحهم فى هذا الشأن.
وساق المهندس كريم بدوى نموذجا تجاريا فى إطار الشراكات مع الشركات العاملة فى مصر، وقال: النموذج التجارى سيحقق استفادة مشتركة لكل من الحكومة المصرية والشركات العاملة فى مجال الهيدروكربونات، ونحن ننظر بجدية فى كيفية التوصل إلى نموذج تجارى جيد مُرضٍ فى هذا الشأن.
وقال وزير البترول: إدراكا للدور المتنامى للتكنولوجيا الحديثة فى مجالات الاستكشافات والحفر، فقد سعينا بالتعاون مع شركائنا إلى تطبيق أحدث الأساليب التكنولوجية لتعظيم إنتاج البترول والغاز، إلى جانب الاهتمام باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي؛ لزيادة كفاءة عمليات الحفر والاستكشاف لتسريع عمليات الإنتاج وتقليل تكلفتها، وقال موجها حديثه لرؤساء وممثلى الشركات: نرغب فى مساعدتكم فى استخدام المزيد من التقنيات، وهو ما يسهم فى تسهيل زيادة الإنتاج المأمولة.
واستعرضت الدكتورة ياسمين فؤاد، وزير البيئة، جهود الحكومة التى تستهدف خفض الانبعاثات الكربونية عبر تقنيات التقاط الكربون واحتجازه قائلة: قطعنا شوطًا مهمًا فى هذا المجال، لكننا لا نزال بحاجة إلى المزيد من التقنيات والدعم، بما يُسهم فى تحقيق نتائج أفضل فى مجال التقاط الكربون واحتجازه.
كما استعرض المهندس محمود عصمت، وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، عددا من النماذج التى تم الاعتماد عليها لخفض الانبعاثات الكربونية فى مصانع الأسمدة.
بدورهم، أعرب مسئولو الشركات عن سعادتهم بهذا اللقاء الذى يناقش عددا من المحاور المهمة فى مجال الطاقة بمختلف أنواعها، والذى يسمح بطرح الآراء ووجهات النظر حول القضايا المتعلقة بها.
وفى هذا الإطار، أكد مسئولو الشركات ثقتهم فى السوق المصرية، مشيرين إلى نجاح الحكومة المصرية خلال السنوات الماضية فى حل المشكلات ومواجهة التحديات التى كانت تواجه قطاع الطاقة، خاصة فى مجال الاستكشافات البترولية والغاز، لافتين فى الوقت نفسه إلى أن عددا من الشركات يعمل فى مصر منذ ما يزيد على مائة عام، وحرصهم على مواصلة العمل والاستثمار فى الدولة المصرية.
وخلال اللقاء، تطرق مسئولو الشركات إلى ملف سداد المستحقات، مشيرين إلى ضرورة الالتزام بدورية سداد مستحقات الشركات فى توقيتاتها؛ حتى يتسنى للشركات إعادة استثمار هذه الأموال فى السوق المصرية مرة أخرى، مؤكدين فى الوقت نفسه ضرورة تعزيز التعاون مع الحكومة المصرية فى جلب المزيد من التقنيات الحديثة بقطاع البترول والغاز، بما يسهم فى زيادة الإنتاج.
واستعرض مسئولو الشركات التجارب التى خاضتها شركاتهم فى عدد من الأسواق الأخرى التى تم فيها تجربة تقنيات حديثة ومبتكرة، بما فيها تقنيات الذكاء الاصطناعى، معربين عن رغبتهم فى زيادة التعاون مع الحكومة المصرية فى هذا المجال، كما طالبو الحكومة بضرورة إقامة منشآت لتخزين ثانى أكسيد الكربون ضمن جهود خفض الانبعاثات الكربونية عالميًا وزيادة القدرات الاستيعابية لهذه المنشآت.
ولفت مسئولو الشركات، إلى أن هناك بعض العوائق التى تمنع نقل ثانى أكسيد الكربون بين البلدان المختلفة، ولذا فهناك حاجة لتقنين هذه السياسات عالميًا، مستعرضين خطط زيادة كفاءة الطاقة وخفض استهلاك الطاقة، لاسيما فى المبانى الحكومية، مؤكدين أن مصر لديها إمكانات هائلة؛ لكى تصبح مركزا للطاقة المتجددة والهيدروجين، وهو ما يتماشى مع التوجهات العالمية لخفض الانبعاثات.
كما أكد مسئولو الشركات أن مصر لديها فرص مهمة لتصدير الكهرباء من الطاقة المتجددة، وكذا تصدير الهيدروجين بما يسهم فى جلب العملة الصعبة للبلاد.
وفى ختام الاجتماع، جدد رئيس مجلس الوزراء ترحيبه برؤساء وممثلى شركات الطاقة، مشيدا بأعمالهم المتميزة فى مصر، مؤكدا استمرار التزام الدولة المصرية بسداد المستحقات فى توقيتاتها المحددة، مشيرا إلى أنه وجه وزير البترول بعرض تقرير شهرى حول موقف سداد تلك المستحقات وفقا للخطط الموضوعة فى هذا الشأن.
وفى هذا الإطار، أكد الدكتور مدبولى أننا نؤمن بأن الالتزام بسداد هذه المستحقات أمر حتمى، لضمان استمرار الاستثمار وبالتالى مواصلة عمليات الإنتاج فى مصر، لافتا فى الوقت نفسه إلى انفتاح الدولة المصرية للاعتماد على التقنيات المختلفة، التى من شأنها تعزيز عمليات الاستكشاف وزيادة الإنتاج.
وأعرب رئيس مجلس الوزراء عن تطلعه للقاء مجددا برؤساء وممثلى الشركات العاملة فى مجال الطاقة بمصر، وذلك فى اجتماعات ثنائية، موجها وزير البترول لترتيب عقد تلك الاجتماعات، معربا عن أمله فى أن يحظوا بجولة حرة فى أرجاء العاصمة الإدارية الجديدة.