أخبار عربية و إقليميةتحقيقات و تقاريرعاجل

مشاهد سورية حية .. سكان حلب اليائسون يخشون الاعتقال والقتل

مع اقتراب حصار حلب الشرقية الذى استمر أربعة شهور من نهايته انطلق بعض الناجين بخطوات متثاقلة تحت المطر مرورا بجثث ملقاة فى الطرقات صوب الشطر الغربى الخاضع لسيطرة الحكومة أو إلى الأحياء القليلة التى كانت لا تزال فى أيدى المعارضة.

وقبع آخرون بين بيوتهم فى انتظار وصول الجيش السورى.

وفى نظر أولئك وهؤلاء كان الخوف من الاعتقال أو التجنيد أو الإعدام بعد محاكمة صورية شعورا جديدا يضاف إلى الرعب اليومى من القصف.

قال أبو مالك الشمالى فى حى سيف الدولة أحد الأحياء التى كانت لا تزال المعارضة تسيطر عليها : الناس تقول القوات عندها قوائم للأسر والمقاتلين وتسأل إذا كان لها أبناء مع الإرهابيين. وبعدها إما يتركون أو يطلق عليهم النار ويتركون ليموتون.

وقالت الأمم المتحدة إن لديها تقارير أن القوات الحكومية السورية والفصائل العراقية المتحالفة معها قتلت مدنيين فى حلب الشرقية بما فى ذلك 82 شخصا فى أربعة أحياء مختلفة فى الأيام القليلة الماضية.

قال أب لخمسة أطفال يدعى أبو إبراهيم من منطقة صغيرة مازالت تحت سيطرة المعارضة إنه يعرف أسرتين أعدمتهما الفصائل التى شكلت طليعة الهجوم فى ثانى أكبر المدن السورية.

كما قالت الأمم المتحدة إنها قلقة من جراء التقارير التى تحدثت عن اعتقال مئات الشبان المغادرين للمناطق الخاضعة للمعارضة.

واتهم خصوم الرئيس السورى بشار الأسد الحكومة بتنفيذ اعتقالات جماعية والتجنيد الإجباري. ونفت الحكومة ذلك واتهمت المعارضة بإجبار الرجال على القتال فى صفوفها.

ويوم الأحد تمت دعوة مجموعة من الصحفيين الأجانب لحضور احتفال بتجنيد 220 شابا من بينهم بعض المقاتلين السابقين فى صفوف المعارضة وآخرين من مناطق وقعت فى أيدى القوات الحكومية.

صرح العميد حبيب صافية لهؤلاء الرجال فى مقر الشرطة العسكرية بحى تسيطر عليه الحكومة فى حلب : لقد استدعيتم لأداء الخدمة الإلزامية.

وقال أحد الواقفين فى صفوف الرجال ويدعى محمد هلال فى العشرينات من عمره إنه هرب مع بعض رفاقه من الشرق مع أكثر من 60 أسرة وإنه جاهز للانضمام للجيش.

 أما الذين لا يزالون محاصرين فى الشطر الشرقى من حلب فقد لجأوا إلى وسائل التواصل الاجتماعى لبث رسائل قالوا إنهم يخشون أن تكون رسائلهم الأخيرة.

وبعث أحد المسعفين فى حلب رسالة على تطبيق واتساب للتراسل الفورى فحواها “هذه رسالة من شخص يقول الوداع وقد يواجه الموت أو الاعتقال فى أى وقت.

محاصرون من جميع الجهات والموت يأتى من السماء فى البراميل … تذكروا ما كان عندكم فى حلب. كانت هناك مدينة اسمها حلب محاها العالم من الخريطة ومن التاريخ.

قال سورى يدعى أبو يوسف فى الثلاثينات من العمر إنه هرب مع عائلته من القصف والدبابات والإعدامات فى حى بستان القصر الذى كان يعيش فيه.

وأضاف “الحمد لله مازلنا على قيد الحياة … النظام يقصفنا قصفا متواصلا. طفلاى مصابان. وأنا مصاب. النظام يريد قتلنا جميعا. نحن فى غاية الخوف.

وتابع “تقولون لى ربنا يحميك. أنا لا أريد أن يحمينا الله. نريد حلا. نريد وقف العمليات العسكرية. نريد أن يخرجنا أحد من هنا. كفى. الناس تموت.”

وطالبت الأمم المتحدة بإشراف دولى على المدنيين والمقاتلين فى صفوف المعارضة مع تولى الحكومة السيطرة على أحياء جديدة.

وقال روبرت كولفيل المتحدث باسم مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين “السبيل الوحيد لتخفيف الهواجس العميقة والارتياب فى احتمال حدوث جرائم جماعية داخل حلب وفيما يتعلق بمن هربوا أو تم القبض عليهم سواء كانوا من المقاتلين أو من المدنيين هو أن تتولى جهات خارجية مثل الأمم المتحدة المراقبة.”

وقالت جمعية وور تشايلد الخيرية لحماية الأطفال ما نشهده فى حلب كارثة إنسانية ذات أبعاد تاريخية تشبه كوارث الماضى الشائنة مثل سربرينتشا وجورنيكا.

 

قال الدفاع المدنى فى شرق حلب الذى أخرج مئات من الجثث والجرحى من تحت الأنقاض على مدار سنوات الحرب لرويترز إن خدمة الإنقاذ توقفت.

وقال إبراهيم أبو ليث المسئول بوحدة الدفاع المدنى المعروفة بالخوذ البيضاء :آلاتنا ومعداتنا كلها معطلة. لم يبق لدينا شيء. نعمل بأيدينا لإخراج الناس من تحت الأنقاض.

وكتب الدفاع المدنى على حسابه على تويتر يوم الثلاثاء أنه لم يعد بوسعه إحصاء القتلى.

وقال إنه لا يوجد عدد إجمالى للخسائر البشرية فى حلب المحاصرة اليوم وإن كل الشوارع والمبانى المهدمة مليئة بجثث القتلى ووصف الوضع بأنه “الجحيم.

وأصاب اليأس الناس فى شرق حلب بعد أن توقفت المستشفيات عن العمل بسبب القصف ونفدت المؤن والمساعدات فى ظل حملة قصف وحشى فى الأسابيع الأخيرة.

وقال المسعف فى رسالته إن الناس حتى المطلوبين منهم للنظام بدأوا يفرون إلى المناطق الحكومية من شدة القصف والجوع والبرد والإصابات التى لا تعالج بالإضافة إلى الجثث الملقاة فى الشوارع. وأضاف أن الطائرات والمدفعية تضرب بشدة الأماكن التى يتجمع فيها المدنيون.

وحذر الأمير زيد بن رعد الحسين مفوض الأمم المتحدة السامى لحقوق الإنسان من أن ما يحدث فى حلب الآن يمكن أن يحدث فى مدن أخرى خارج سيطرة الحكومة مثل دوما والرقة وإدلب.

وقال فى بيان: سحق حلب والأثر المروع البالغ على شعبها وسفك الدماء والمذابح الوحشية للرجال والنساء والأطفال والدمار – ونحن لم نقترب بأى حال من نهاية لهذا الصراع الوحشى.

زر الذهاب إلى الأعلى