الانتماء لتراب وطن ليس مجرد أقوال ولكنه أفعال، هذا الانتماء ليس رفاهية ولكنه مسؤولية، الانتماء لا يهبط علىَّ كما طائر استراح على الأغصان، ولكنه يعشش فى الوجدان، منذ كنت طفلًا أردد فى المدرسة نشيد الصباح وتحية العلم، انتمائى يكبر مع السنين ويملأ شرايين القلب والعقل، إنه إحساس غامر بالحب، حب من نوع آخر، يجعل معنى الفداء قريبًا إلى قلبك، وإذا دُعيت للفداء لبيت النداء.
■ ما أسهل أن تدعى الانتماء، وما أصعب تبعات انتمائك، أن تكون منتميًا معناه الالتحام بقضايا مجتمعك، وأن تكون شريكًا فى الحلول، وأن تتواصل مع أى حوار مجتمعى ولا تقف متفرجًا، الفرجة سلبية وعدم انتماء، والمنتمى الحقيقى يشارك برأيه، وما الرأى العام إلا حصيلة آراء الناس على اختلاف أطيافهم، وعندما يرصد المسؤول هذه الآراء يستطيع بسهولة أن يقرأ كف المجتمع ورغباته. إن أى حكومة فى العالم تسعى لإرضاء الناس، فالناس طرف مهم فى معادلة الحكومة، والحكومات المستبدة تضرب بآراء مواطنيها عرض الحائط. فى مصر قيادة سياسية صاحية، تشم الشارع وتقرؤه، وتأجيل (الضرائب العقارية إلى حين آخر) نموذج لقياس رضا الناس أو عدم الرضا، إن أبرز ما يميز القيادة السياسية هو الرؤية الواضحة للناس، جموع الناس. وعلى ضوء التفاعل بين الحكومة والناس تقرر «الأنسب» والأفضل مراعية التوقيت. ومن هنا يشعر المواطن بالرضا. رضا الناس هو حلم أى نظام سياسى، وعلامات الرضا تلمحها فى العيون. فالفرحة ترجمتها عيون ناس مصر عندما زادت مرتبات العاملين، ودلالة ذلك إدراك خسائر الناس من جراء الوباء عابر القارات.
■ أن تكون منتميًا معناه أن تشعر بأن وطنك يرعاك ويربت على ظهرك بحنان أم، والمطلوب منك أن تحس بدولتك فى شتى ظروفها ولا تنثر التذمر أو الضجر وإلا كان انتماؤك من النوع الرخيص، الذى يُقاس بمدى المكاسب والمناصب!.
■ الانتماء الرخيص لا النفيس يُدمن الشكوى، ويلتحف بالسخط، ويردد الشائعات رغم نفيها وتصحيح مسارها، ولكن الانتماء يفرض عدم الضجر ونبذ السخط، والأهم من ذلك الهراء الذى نشاهده على «الفيس بوك» ساحة الباطل فى الأغلب الأعم، أنا- مثلًا- ككاتب أقول ما يمليه ضميرى علىَّ من منصة مصرية وطنية، ليس عيبًا أن أختلف مع حكومة بشرط أن أكون منتميًا حريصًا على وطنى وكل شبر فيه، وللعلم فإن أعداء مصر لا يهزون بأقوالهم وافتراءاتهم المنتمين الحقيقيين، أما المنتمى قولًا فإن سرعة تصديقه للهراء هى بسرعة الضوء أو الصوت أيهما؟!
■ حين أسافر تظل سماء بلادى فى مخيلتى، وأشعر بالغربة فى بلد آخر. إن الانتماء يتوجع، وحين تهبط طائرتى وتلامس أرض مطار القاهرة أشعر برجفة، هى فى الغالب «نشوة اللقاء بالوطن» وعناقه بانتماء. عشق غير محدود للأرض.
■ الانتماء النظيف والنفيس ليس تطبيلًا ولا سيرًا فى طابور المداحين والزفة، والقارئ الذكى يكتشف الإعلامى كاتبًا أو مذيعًا، لأن أحكام «القاضى» القارئ باترة، فهذا الأستاذ كاتب «طبال»، وهذا «منافق»، وهذا «يأخذ شكل البوق»، وهذا سطوره «تنطق بالمصلحة»، وذلك كاتب «من الأفضل لو كان قارئًا».
■ الانتماء النفيس يحلل الأرقام التى تعلنها الدولة ويتفاعل معها، خصوصًا فى قضية كالنمو السكانى.. يحلل تصريحات كل الأطراف فى قضيه سد النهضة ولا يغلق باب الحوار والتفاوض، إنه- بقلبه وعقله- مع بناء الدولة وازدهارها. لا يتربص «للسقطة واللقطة» ولا يتنمر!.
■ الانتماء الخسيس يريد- كأعداء مصر المزروعين على الشاشات- هدم الدولة. يثيرون سخط الناس بطرق ملتوية، والبعض باهت الانتماء يصدق ما يقال.
■ فى بعض الأحيان ننجح فى غلق باب الشائعات والافتراءات، وإن كان ذلك يحتاج لمهارة مهنية فى المخاطبة. نعم نحن فى حالة حرب ونريد أن نمحو ميليشيات العداء للنظام، ونحتاج لدرهم شطارة و«فدان» وعى، فالوعى يهزم هذه التركيبات. معنى أن تكون منتميًا هو أن تفهم وتعى ظروف بلدك وقضاياه، وهذا بصراحه دور إعلام مستنير تتلألأ فيه المهارات المهنية.
■ هذا نظام قوى لا ينكسر بتغريدة أو مقال أو نايت شو.. هذا نظام يعرف قائده السيسى مفردات الحياة المصرية وذاكرها جيدًا، ويعرف أخطاء من سبقوه ويبدأ من أول السطر ويريد مجتمعًا منتميًا بأصالة. معنى أن تكون منتميًا أن تكون مصريًا تحنو على مصر وتفخر باسمها، ولا تطبل بالصاجات حبًا وهيامًا.. مصر أكبر من هذا الهتاف الرخيص.
الشأن العام
أحوال المحاور الجديدة فى مدينه الأمل (عزبة الهجانة قبل التطوير) يمكن أن يقوم بها مدير إدارة أو وكيل وزارة أو محافظ أو وزير مختص، ولكن أن يذهب رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسى بنفسه يعاين ويسأل عن التفاصيل.. هو رئيس من مدرسة الإحاطة على الواقع وليس مدرسة التقارير.. هذا رئيس يقف بسيارته ويسمع ناس مصر بأذن حميمة.. إنه رئيس قلبه فى مكانه الصحيح.
الوضع في مصر