أصدرت هيئة مفوضى الدولة، تقريرًا قضائيا، أوصت فيه الدائرة الأولى بمحكمة القضاء الإدارى، بعدم قبول دعوى طالبت بإلزام وزارة الصحة بالاعتراف رسميا وإصدار تراخيص بمزاولة ما يسمى بـ”الطب البديل التكميلى أو الطب الشعبى التقليدى” أو غيرها من المسميات، والاعتراف به واعتماده ضمن السياسات العلاجية المعترف بها من قبل الوزارة.
كان الدكتور مصطفى صابر – طبيب بشرى – أقام دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإدارى رقم 24617 لسنة 70 قضائية، طالب فيها وزارة الصحة بالاعتراف بالطب البديل واعتماده ضمن السياسات العلاجية المعترف بها من قبل الوزارة.
أكد التقرير الذى أعده المستشار خالد عصام الإسلامبولى، تحت إشراف المستشار الدكتور محمد الدمرداش العقالى نائب رئيس مجلس الدولة على أن الدستور المصرى شجع البحث العلمى فى كافة مجالات العلوم ومنها العلوم الطبية، وإيمانًا بما لجسم الإنسان من حرمة مطلقة، فقد أحاط المشرع الدستورى بالتجارب الطبية والعلمية عدة قيود منها عدم جواز إجراء أية تجربة إلا برضا الشخص الحر الموثق، وبشرط أن تكون هذه التجارب فى إطار الأسس المستقرة للبحث العلمى الأكاديمى عمومًا والعلوم الطبية والصيدلية خصوصًا.
وجاء فى التقرير: “وقد أخذ المشرع ذات المبدأ حتى قبل إصدار الدستور الحالى، فأصدر حزمة من التشريعات التى تنظم المهن الطبية، كلاً فى مجال تخصصه، وحرص على فصل هذه المهن عن بعضها البعض نظرًا لما تحتاجه من تخصص دقيق فى كل مجال، وما لها من خطورة بالغة على جسد الإنسان والصحة العامة بالمجتمع بوجه عام”.
واستطرد التقرير: “المقصود بكل من مصطلحات الطب البديل (Alternative or Fringe Medicine)، أو الطب التكميلى (Complementary or Integrative Medicine)، أو الطب الشعبى التقليدى (Traditional or Indigenous or Folk Medicine)، أو التداوى بالأعشاب (Herbalism or Herbology or Herbal Medicine)، أو الطب الصينى أو الأسيوى (Chinese or Asian Medicine)، أو الوخز بالإبر الصينية ((Acupuncture، أو العلاج بالطاقة أو العلاج الروحى (Energy Medicine or Spiritual Healing) هى ممارسات يزعم ممارسوها أن لها آثار شفاء الطب الحديث، على الرغم من عدم ثبوت صحتها، أو عدم إثبات صحتها بشكل علمى، أو من غير الممكن إثبات صحتها بشكل علمى، أو أن لها ضررًا معروف، أو أن هناك اتفاق علمى عام على أن هذه الممارسات ليس لها أثر شفائى ملموس أو ليس من الممكن أن يكون لها أى أثر شفائى من الأساس.
وأشار التقرير، إلى أن هذه الممارسات تقوم على وسائل لا تعتمد على المنهج العلمى الصارم المتبع فى كليات ومدارس الطب والصيدلة الحديثة المعترف بها، حيث لا تخضع هذه الممارسات والعلاجات لقواعد القابلية للفحص والتجريب والاختبار (Testability) المشروطة فى المنهج العلمى، وغالبًا ما تكون هذه الممارسات أو العلاجات قائمة على التقاليد والموروثات والثقافات الشعبية، أو الخرافات والمعتقدات المحلية أو العقائد أو الأديان أو قوى خارقة للطبيعة، أو المغالطات العلمية الجسيمة أو وسائل الإحتيال والتدليس أو الدعاية الإعلامية الموجهة الكثيفة.
وأتبع التقرير: “هذه الممارسات لا تعد من قبيل الطب العلمى الحديث المعترف به أكاديميًا فى الجامعات والمعاهد الطبية الحكومية أو المستقلة المعترف بها عالميًا أو أنظمة الصحة الحكومية القائمة على نسق علمى مثل منظومات الراعية الصحية والتأمين الصحى، مؤكدًا على أنه وتعد هذه الممارسات من قبيل العلوم الزائفة (Pseudoscience) أو العلوم الطبية الزائفة (Pseudomedicine)، بل وتعد فى كثير من دول العالم من قبيل أعمال النصب والغش والتدليس أو الدجل الصحى (Quackery)”.
وقالت المفوضين، إنه لا يمكن التذرع بأنه طالما أن صناعة الأدوية تقوم بالأساس على الأعشاب، فما يمنع استعمال هذه الأعشاب فى صورتها الطبيعية دون الحاجة للتعرض لمواد كيميائية، إذ أن هذا قول غير سديد، مردود عليه بحسبان أن علم الأدوية يتبع منهجًا علميًا صارمًا حال تطوير عقار أو دواء جديد من الأعشاب، بحيث يجنب الإنسان التعرض لمخاطر جمة مثل التسمم بفصله المواد الفعالة اللازمة للعلاج فى صورة عقاقير وأدوية مصنعة بشكل علمى.
وأكد التقرير، على أنه من غير المقبول إلزام وزارة الصحة بالاعتراف واعتماد مثل هذه الممارسات استنادًا إلى إحدى دراسات منظمة الصحة العالمية المنشورة خلال عام 2013، إذ أن المنظمة العالمية نصت بشكل صريح فى بداية هذه الدراسة على أن هذه الدراسة لا تعبر عن رأيها وإنما تعبر عن رأى الباحثين، وأن القارئ هو المسؤول عن تفسير واستعمال المواد المنشورة بالدراسة، وأنها ليست مسؤولة بأى حال عن الأضرار التى تترتب على استعمال هذه المواد، وأن ما ذكره المدعى بصحيفة دعواه وما قدمه من مستندات لا يعدو أن يكون كلامًا مرسلاً، يخلو من الدليل العلمى الذى يمكن التعويل عليه بحسبانه دليلاً علميًا معترف به فى أساليب الطب المعترف بها عالميًا على أسس علمية مجردة يمكن أن يستنهض معه إلزامًا على وزارة الصحة باعتماد هذه الممارسات والترخيص لمزاولتها من الناحية القانونية أو العلمية الأمر الذى يتعين معه التقرير بعدم قبول الدعوى لإنتفاء القرار الإدارى.