هاشتاج (مصر منورة بالسوريين)، الذى انتشر كالنار فى الهشيم بالامس القريب يمكن أن نستخلص منه العبر التالية:
أولا: السوريون ليسوا عالة على أحد. السوريون شعب جميل نظيف مثقف محب للفنون. تجار بالفطرة، أضافوا إلينا. وكثير من السوريين الذين نزحوا إلينا من ميسورى الحال الذى أقاموا المصانع والمتاجر ومحال الطعام، وارتقوا بالخدمة.
ثانيا: النزعات الشوفينية قد تجاوزها العالم بأسره. وإلا فلماذا نغضب إذا أساءت إلينا الشعوب الأخرى التى يعمل بها المصريون فى الخارج؟ لقد أدرك المصريون بالفطرة السليمة أن التنوع فى صالح الجميع. ومصر عاشت طيلة تاريخها متنوعة.
ثالثا: أن ما يربط مصر بسوريا علاقة خاصة تتخطى تجاذبات السياسة. ومصر- كسائر الأمم – انتابتها موجات صعود وهبوط، لكن المؤكد أنها كلما نهضت يممت أنظارها صوب سوريا. حدث هذا فى دولة الفراعنة، وأيام المماليك حين أنقذوا العالم من خطر المغول. وبتعاونهما صدوا هجمات الصليبين وطردوهم، وأثناء المد القومى الناصرى كان السوريون هم أول -وآخر- شعب فى العالم يتنازل عن حكم نفسه طوعا، ويذهب إلى جمال عبدالناصر، باعتباره زعيما للقومية العربية، ليفرض عليه الوحدة بحكم المسؤولية القومية المشتركة. ولئن أساء عبدالحكيم عامر حكم سوريا وفهم طبيعة مجتمع التجار السوريين، واضطرهم إلى الانفصال بسياسات طائشة لا تناسب طبيعة اقتصادهم، فهذا ذنب الإدارة الفاشلة.
رابعا: أن سوريا كما تأخذ تعطى. فلنذكر أن سوريا ظلت من البلاد العربية القليلة التى يدخلها أى عربى بدون تأشيرة. وأنها استضافت الفلسطينيين أثناء نكبتهم، وكذلك استضافوا اللبنانيين والعراقيين أثناء حروبهم الأهلية.
خامسا: أن مصر أولى بسوريا إذا جار الزمان عليهم. وبالفعل، وبرغم أن مصر المعاصرة فى حالة انطفاء ودورة هبوط، فقد سلكت السلوك القومى المنتظر وفتحت أبوابها لإخواننا السوريين، لا ليسكنوا فى معسكرات لاجئين، وهذه من مفاخر مصر العروبة، أن اللاجئين يعيشون بين أهلها، يضيفون إليها ويأخذون منها! ونحن بفضل الله لا نعرف الفصل العنصرى ولا مخيمات اللاجئين. فتحية لمصر الطيبة.
سادسا: لم يزعم أحد أن السوريين ملائكة. ولا يوجد أصلا ملائكة على الأرض، لا نحن ولا هم. ومن يخطئ يخضع للقانون. ومن يربح يدفع الضرائب. هكذا ببساطة.
سابعا: وأهم من كل الدروس السابقة أن مصر بخير. قلبها وضميرها وإنسانيتها الحقة. لقد هب الجميع يدافعون عن إخوانهم السوريين بلا سابق تخطيط. وهذا يدل أن الشعب- برغم كل عوامل التجريف- ما زال يعرف من عدوه ومن صديقه. وأنه مستعد أن يتقاسم لقمة العيش طالما يكسبها بأمانة وشرف. تبين لنا – بحمد الله- أن الأغلبية الكاسحة من المصريين رحماء وطيبون، وهذه- لعمرى- أفضل من كل كنوز الأرض.