مقال للكاتب الصحفي ورئيس تحرير بوابة الأهرام ” محمد إبراهيم الدسوقي ” بعنوان ” قوموا بدوركم ” جاء على النحو الآتي :-
الحقيقة ولا شيء سواها، هي الكفيلة بكشف الزيف والخداع المتواصل ودحضهما، والمحاولات التي لا تهدأ ليلا ونهارًا لسلب عقول و وعي المصريين ، ولا يغيب عن غالبيتنا أن مصر تواجه حربًا إعلامية أقل ما توصف به أنها شرسة ومتعددة الاتجاهات والأغراض، تقودها وتسهر على تأجيجها جماعات تبغي نشر الفوضى والعنف في ربوع بلادنا.
ويقلق تلك الجماعات الشريرة أن تنعم مصر بالهدوء والاستقرار، وتعوض ما فاتها في مضمار التقدم والنهوض الاقتصادي، وأن تعالج مَوَاطن القصور والخلل الموروثة من عهود سابقة تقاعست عن التصدي لمتاعبنا الاقتصادية والمالية في التوقيت المناسب، مكتفية بالمسكنات الموضعية، إلى أن استفحلت وأضحت وحشًا كاسرًا لا يترك شيئًا أمامه إلا التهمه.
ولا يكُف الرئيس عبدالفتاح السيسي، عن التنبيه والتأكيد – في كل مناسبة عامة يشارك فيها – على ضرورة ومحورية قيام كل منا بدوره المنوط به دفاعًا عن الوطن، وألا يُستدرج المُواطنون لفخ الشائعات والمعلومات المغلوطة والكاذبة، التي تطلقها بكثافة أبواق وقنوات جماعة الإخوان الإرهابية ، وغيرها من الجماعات التي تخدم أجندات جهات خارجية، وآخر تلك المناسبات كانت افتتاح الرئيس مصنعين جديدين لإنتاج الغازات الطبية، ومادة فوق أكسيد الهيدروجين التابعين لشركة النصر للكيماويات.
كما لا يكُف الرئيس السيسي عن الإشارة إلى أن الحرب الإعلامية أشد وأخطر بكثير من الحروب التقليدية المعلوم فيها طبيعة العدو الواقف على الضفة الأخرى، والوسائل والأسلحة المستخدمة فيها وسبل مواجهتها، على عكس الحرب الإعلامية الراهنة التي تتعدد أساليبها وطرقها الملتوية، بفضل التطور التكنولوجي الرهيب والمخيف الذي نعاصره، ويُسهم في انتشار الشائعة في ثوانٍ معدودة دون جهد يُذكر من مطلقها، لا سيما في ظل وجود من هم على استعداد دائم لنشر معلومات وأخبار عبر صفحاتهم على منصات التواصل الاجتماعي، دون تكليف خاطرهم قراءتها جيدًا وتمحيص مصادرها وأهدافها، أو خطورتها على الأمن القومي للبلاد، وتأثيرها على معنويات المواطن العادي، فهؤلاء لا يكترثون سوى باللهث خلف “اللايكات” والمشاركات والتفاعل على صفحاتهم، حتى لو كان ذلك على حساب مقتضيات وضرورات المحافظة على الأمن القومي خلال المراحل المفصلية التي تمر بها الأوطان.
فالمعركة لا تخص الدولة وحدها، بحيث ينشغل كل واحد منا بشئونه الخاصة المحدودة ومصالحه الآنية والمستقبلية, تاركين إياها بمفردها تواجه الهجمة تلو الأخرى، فذاك تفكير عقيم وعواقبه وخيمة، فنحن مطالبون بدور فاعل ونشط لتقوية ظهر الدولة المصرية في مواجهاتها الصعبة مع قوى الشر، التي تسعى لعدم ترك فسحة – ولو قليلة – لشعور المواطن بالابتهاج والافتخار بما يتم إنجازه على أرض الواقع من مشروعات قومية كبرى ـ وما أكثرها ـ بواسطة سلاح التشكيك الدائم، وإثارة الغبار حول ما يجري افتتاحه من مشروعات، وراجعوا بدقة ما فعلوه بعد افتتاح قناة السويس الجديدة، والمزارع السمكية، ومحور روض الفرج، وتشييد المدن الجديدة، وشبكات الطرق، وإزالة العشوائيات، وما سيفعلونه إثر كل مشروع ينفذ ويوفر الآلاف من فرص العمل للشباب، فالعمل والجهد والانتعاش الاقتصادي يقض مضاجعهم ويُذهب النوم من عيونهم.
والهدف الثابت في حملات التشكيك المتواصلة هو مؤسسات الدولة المصرية، خصوصًا القوات المسلحة التي حالت دون سقوط البلاد في مستنقع العنف والفوضى والتخريب، وتصدت ل جماعة الإخوان الإرهابية التي تعاونت مع الإرهابيين والمتطرفين، وكادت تدخل مصر نفق الاقتتال الأهلي، لولا عناية السماء وعيون جيشنا الساهرة على أمنها واستقرارها، فهم يستهدفون قواتنا المسلحة التي أجهضت خططهم الشيطانية، ويحاولون بشتى السبل الانتقام منها من باب زعزعة الثقة فيها بالزعم أنها منخرطة في المشروعات المختلفة المنتشرة بطول البلاد وعرضها، ولا تترك المجال للقطاع المدني لمشاركتها، وهو ما تطرق إليه الرئيس السيسي عدة مرات بصورة مباشرة بتأكيداته أن الجيش المصري العظيم يقوم بدوره، دون أن يكون ذلك على حساب القطاع الخاص، وأنه لابد من فتح الباب للمصريين للمساهمة في شركات القوات المسلحة من خلال طرح هذه الشركات في البورصة.
إن جبهة مواجهة الحرب الإعلامية يقف عليها أربعة أطراف أساسية، على كل منها الاضطلاع بدوره على الوجه الأمثل للفوز فيها، وهم المواطن، وأجهزة الدولة ومؤسساتها، والبرلمان، ووسائل الإعلام، وهذه الجهات الأربع لابد أن تكون على خط واحد طوال الوقت، فذاك سيمنحها قوة دفع، وقدرة هجومية فائقة تتفوق من خلالها على مَنْ يُقودون ويُخططون لتثبيط همم المصريين، وانطلاقتهم الواثقة نحو المستقبل.
فدور المواطن التحلي بالوعي واليقظة الكاملة، وإعمال عقله دون توقف فيما يستقبله في نهاره وليله من تدفق معلوماتي، وما سيعينه على القيام بذلك، كما ينبغي أن تحرص مؤسسات الدولة على إجلاء الحقائق، وأن تكون سابقة بخطوة عبر كشف الحقائق المرتبطة بالقضايا اليومية التي تشغل المواطن، ويستثنى من هذا ما يتعلق بملفات الأمن القومي الواجب المحافظة على سريتها، فالحقيقة هي الركيزة الداعمة لمؤسساتنا المستهدفة بغية إضعافها، والتقليل من شأنها.
وبالنسبة للبرلمان فعليه القيام بدوره الرقابي على أداء الحكومة، وبيان مواضع التقصير والخلل، وأن يتواصل النواب مع دوائرهم؛ لشرح ما يدور ويشغل أذهان المواطن، حتى لا يتركوهم نهبًا وفريسة سهلة لقنوات الإخوان المضللة والحاقدة، وواجب الوزراء والمسئولين ألا تضيق صدورهم من ملاحظات وانتقادات البرلمان ووسائل الإعلام لأعمالهم، وأن يتواجدوا للرد على التساؤلات البرلمانية المثارة، ودحض الشائعات فور إطلاقها.
وأما وسائل الإعلام فإنها مطالبة بعكس مشكلات وهموم المواطن، وإيصال صوته للجهات المعنية بالحكومة والبرلمان دون كلل، وأن تتحرك بحرية دون قيود تعوق حركتها، وأن تصبح منبرًا لإجهاض الشائعات بإظهار الحقيقة والمعلومة الصحيحة الموثقة، والحض على التمسك بفضيلة العمل والإنجاز.
فإذا قام كل طرف من الأطراف السالفة بدوره بالكفاءة والاشتراطات المطلوبة، فسوف تنهار على أسوارها كل مساعي تغييب الوعي وإيقاف مسيرة التقدم والإنجاز، وسيهزم شر هزيمة من يحركون ويقودون الحرب الإعلامية العنيفة ضد وطننا.