نشر موقع الشروق الإخباري مقال للكاتب “عماد الدين حسن” بعنوان «سيفون سبورت».. ومشكلة مصداقية الإعلام جاء على النحو الآتي :-
خالد محمد وجيه عبدالعزيز المواطن المصرى المقيم فى الكويت، والذى اخترع خبرا عن تعيين والده وزيرا للنقل على الرغم من أنه متوفى منذ عام ٢٠٠٨، لم يكن هو الأول عربيا أو عالميا الذى يفعل ذلك، وتقع ضحيته بعض المواقع الصحفية الإلكترونية الكبرى للأسف الشديد!!.
أشهر هذه المقالب على ما أذكر هو ما فعله أحد الأشخاص عام 2009، حينما اخترع اسما مقززا لموقع فرنسى وهمى هو «سيفون سبورت»، وكان ذلك أثناء التصفيات المؤهلة لكأس العالم فى 2010. وكانت هناك المباراة الشهيرة التى ستحدد الصاعد لكأس العالم بين منتخبى مصر والجزائر، والتى أقيمت فى أم درمان فى نوفمبر ٢٠٠٩ وانتهت بصورة مؤسفة جدا. هذا الموقع المزيف نشر تصريحا نقلا عن أحد المنتديات الشهيرة، على لسان الرئيس الفرنسى الأسبق نيكولاى ساركوزى يؤكد فيه «بأنه يصلى كل يوم حتى لا يتأهل المنتخب الجزائرى للمونديال، لكى يحافظ على نظافة شوارع باريس من الفوضى التى قد تخلفها الجالية الجزائرية، وأنه يتمنى فوز المنتخب المصرى»!!!.
الفضيحة لم تتوقف عند حدود نقل الصحف والمواقع المصرية والعربية لهذا الخبر. لم يركز أحدهم على كلمة «سيفون» التى يحمل الموقع اسمها، بل امتدت الماساة لتصل للصحافة الجزائرية التى حول بعضها الأمر لقضية قومية، وتسبب الأمر فى حالة من التوتر الدبلوماسى بين الجزائر وفرنسا، أدت إلى مطالبة بعض الإعلاميين للسفير الفرنسى بالجزائر بأن يجرى تحقيقا رسميا حول الواقعة!!.
وعندما تبين للجميع أن الأمر بأكمله مقلب سخيف، خجل البعض من وقوعه فى هذا الكمين، لكن لم يلتفت الكثيرون وقتها إلى أن هذا الفيروس سينتشر بسرعة شديدة، وسيصاب ببعض رذاذه الكثير من وسائل الإعلام التى لا تبذل جهدا كبيرا للتحقق من صحة الأخبار.
اختراع مثل هذه النوعية من الأخبار صار أمرا سهلا إلى حد كبير. يكفى أن يكون هناك شخص صحفى أو يعرف طبيعة المهنة وذوق القراء أو المشاهدين لكى يؤلف خبرا أو قصة أو حتى يؤلف حوارا على لسان أى شخصية عامة أحيانا تكون وهمية أو ميتة!!!.
وبالمناسبة فإن غالبية الأخبار المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعى هى من نفس عينة خبر وزير النقل أو موقع السيفون، والأسوأ ان العديد من رواد السوشيال ميديا يصدقون هذه الأخبار، ويتعاملون معها على أنها حقائق دامغة. هؤلاء لهم عذر كبير لأن وسائل الإعلام الأساسية والكبرى لا تصل اليهم أو لا تبذل جهدا لتقديم أخبار صحيحة فى الوقت المناسب لكى تواجه الأخبار المضروبة.
خالد محمد وجيه وغيره من مؤلفى هذه الأخبار يريدون البرهنة على أن بعض وسائل الإعلام لا تتحقق من أخبارها بالقدر الكبير، وأحيانا لا تتحقق بالمرة. وللأمانة فقد نجحوا فى ذلك. لكن السؤال وهل كان هناك شك فى أن المصداقية غائبة عن معظم ما تنشره الصحافة المصرية؟
هناك قلة قليلة من وسائل الإعلام المصرية لا تزال «تعافر وتجاهد وتناضل» من أجل الالتزام بالحد الأدنى من قواعد المهنة، ومنها التحقق والتأكد من صحة الأخبار ومصداقيتها، على الرغم من الرياح الشديدة المناوئة لذلك فى الوسط الإعلامى المصرى بأكمله الا ما رحم ربى.
لا عذر بالمرة لأى صحيفة حينما تنشر أخبارا مزيفة، لكن علينا أن نسأل بعض القائمين على أمر الإعلام المصرى: ماذا فعلتم لتساعدوا من يحاول الالتزام بقيم المهنة وشرفها وتنوعها وحريتها؟ والأهم ماذا فعلتم مع الذين ينتهكون كل يوم جميع القواعد المهنية على رءوس الأشهاد من دون أن يرمش لهم جفن؟
مرة أخرى وليست أخيرة الموضوع أكبر كثيرا من مجرد خبر مفبرك وقع ضحيته البعض، علينا جميعا أن نسأل أنفسنا: وماذا نحن فاعلون لإنقاذ ملايين المصريين الذين يتعاطون مواد إعلامية على السوشيال ميديا أخطر كثيرا من خبر وزير النقل المزيف؟!!!.