نشر موقع الشروق الإخباري مقال للكاتب “عماد الدين حسين ” بعنوان (الحوثيون.. وكيل طائفى لإيران) جاء على النحو الآتي :-
ما هى طبيعة العلاقة بين الحوثيين باليمن، وإيران؟!
منطقيا يفترض أن تكون خاضعة لطبيعة العلاقة بين الحكومة اليمنية الشرعية والجمهورية الإيرانية، التى يفترض بدورها أن تكون علاقة تراعى المصالح المشتركة بين البلدين.
لكن الواقع يقول إن جماعة الحوثيين استولت على السلطة فى اليمن بانقلاب ٢٠١٥، وحتى بعد هذا الانقلاب، كنا نعتقد أن العلاقة تحكمها المصالح السياسية المتبادلة. وما حدث الأسبوع قبل الماضى، جعلنا نستيقظ على الطبيعة الفعلية للعلاقة، وهى أن الحوثيين مجرد وكيل لإيران فى اليمن، ويا ليتهم كانوا وكيلا سياسيا فقط، بل مجرد وكيل طائفى.
يوم الثلاثاء قبل الماضى استقبل المرشد الإيرانى الأعلى على خامنئى، وفدا من جماعة الحوثيين برئاسة محمد عبدالسلام المتحدث الرسمى باسم الجماعة، وتلقى رسالة من عبدالملك الحوثى، وأبلغهم دعمه وتأييده، ووعدهم بالنصر فى معركتهم، منتقدا فى الوقت ذاته السعودية والإمارات، زاعما أنهم يعملون على تقسيم اليمن!
ما قاله المرشد يعتبر كلاما سياسيا يمكن تفهمه، حتى لو لم نقبله، لكن ما قاله المتحدث باسم الوفد الحوثى كان هو الصارخ والمفجع!
عبدالسلام قال مخاطبا خامنئى بأن: «جماعته تؤمن بولاية الفقيه وتعتبر ولايتكم على طول خط النبى (صلى الله عليه وسلم) وإمامة أمير المؤمنين على بن أبى طالب، ومواقفك الحيدرية والعلوية، فى دعم الشعب اليمنى المظلوم، هى امتداد لمواصلة خط مؤسس النظام الراحل روح الله خومينى، وأن موقفكم فى دعم المضطهدين فى العالم خاصة فى اليمن هو موقف دينى وعقدى».
ما قاله ممثل الحوثيين لخامنئى ليس مفاجئا لكنه كاشف وفج. كثيرون كانوا يقولون إن الحوثيين مجرد وكيل طائفى لإيران، وكانت الجماعة وأنصارها ينفون ذلك، طوال الوقت ويصورون أنفسهم باعتبارهم جماعة يمنية خالصة، تعمل لمصلحة كل الشعب اليمنى بغض النظر عن مذهبه.
كان كثيرون يقولون إن الحوثيين مجرد جماعة زيدية فى اليمن، ولا صلة لهم بالشيعة السياسية، فى حين أن آخرين جزموا بأنهم فى سنواتهم الأخيرة التحقوا تماما بولاية الفقيه فى قم الإيرانية، وصاروا ترسا فى الاستراتيجية الإيرانية الساعية إلى الهيمنة على المنطقة تحت شعار المذهب السيف، بل هناك من يزعم أن الحوثيين قدموا أخيرا «البيعة الدينية» الكاملة للمرشد الأعلى.
كل الاحترام للمذهب الشيعى ولاتباعه، لكن نحن هنا نتحدث عن محاولة إيران وغيرها استخدام المذهب لتحقيق أهداف سياسية وهيمنة قومية فارسية.
من حق إيران أن تدافع عن مصالحها القومية، وأن تتبنى ما تشاء من سياسات، شرط ألا تستخدم الدين فى السياسة.
ندين استخدام إيران لهذا السلاح المذهبى، مثلما أدنا فى هذا المكان كل القوى والمنظمات والدول العربية التى استخدمت المذهب السنى لنفس الغرض. ونقصد بذلك كل جماعات الإسلام السياسى خصوصا الوهابيين مرورا بكل التنظيمات السلفية المتطرفة نهاية بالإخوان.
حتى وقت قريب كان كثيرون يعتقدون أن الحوثيين يدافعون فعلا عن مصلحة يمنية مجردة، لكن اللقاء الأخيرمع خامنئى، كشف فعلا أنهم مجرد أداة إيرانية طائفية للسيطرة على اليمن، مثلهم مثل بقية الميليشيات التى تستخدمها طهران فى العراق وسوريا ولبنان.
وكما قال وزير الدولة الإماراتى للشئون الخارجية أنور قرقاش فإن «كلمات عبدالسلام لخامنئى، لا تعكس فقط التبعية والعمالة السياسية، لكنها تؤكد الالتزام والطاعة استنادا إلى مشروع طائفى يغلف مشروع الهيمنة القومية على المنطقة، وأن الزيارة الأخيرة تكشف أن ميليشيا الحوثى صناعة إيرانية بامتياز وتهدف لتنفيذ مشروع تمزيق المنطقة وضرب أمنها واستقرارها وابتزاز شعوبها».
غالبية الحوثيين صاروا يتصرفون باعتبارهم إيرانيين، حيث مجّدوا شعار الثورة الإيرانية واتخذوه رمزا لهم فى بعض الأحيان، بدلا من ولائهم لعلم بلادهم ونشيدها الوطنى.
مرة أخرى من حق الإيرانيين الدفاع عن مصالحهم وأهدافهم كما يشاءون، وليختلفوا مع دول الخليج حول الوجود الأجنبى وتدخلاته، كما يشاءون، فكل ما سبق سياسات ومصالح متغيرة، لكن عليهم أن يتوقفوا عن استخدام الدين ومذاهبه سلاحا فى هذه المعركة التى لن تبقى ولن تذر، ولن تفيد إلا إسرائيل التى تسعى لتكريس مفهوم الدولة الدينية بالمنطقة، كى تسرع من تنفيذ مشروع «إسرائيل كدولة قومية لليهود».
حينما قامت الثورة الإيرانية ١٩٧٩، ورفعت شعار تصدير الثورة والمذهب الشيعى، دفعت السعودية ودول الخليج لاستخدام سلاح المذهب السنى، وكانت النتيجة الإساءة إلى الإسلام نفسه بسبب تصرفات الوهابيين والدواعش والقاعدة وغيرهم.
حان الوقت لمحاربة استخدام الدين ومذاهبه بغض النظر عمن يفعل ذلك سنة كانوا أم شيعة!