آراء أخرى

مقال للكاتب عماد الدين حسين بعنوان صراع شنودة والمسكين.. يعود للأضواء

نشر موقع الشروق الإخباري مقال بعنوان “صراع شنودة والمسكين.. يعود للأضواء” للكاتب عماد الدين حسين جاء أبرز مافيه الآتي :-
هل تسبب الصراع التاريخى بين البابا شنودة والانبا متى المسكين فى مقتل الأنبا ابيفانيوس أسقف ورئيس دير أبومقار بوادى النطرون فجر يوم الأحد قبل الماضى؟!
مرة أخرى واستكمالا للحديث المتصل فى هذا المكان طوال اليومين الماضيين، فإن هذا السؤال سوف تجيب عليه أجهزة الأمن والنيابة العامة، لكن الأخطر من معرفة القاتل هو ما فجره من قصص وحكايات كشفت عن جوانب كثيرة لم يكن يعرفها أغلب المصريين بمن فيهم الإخوة المسيحيون العاديون.
وباستثناء المتخصصين جدا فى الملف القبطى، فإن قصة وتفاصيل الصراع بين كل من شنودة ومتى المسكين لم تكن معروفة بوضوح لكثيرين، بالصورة التى عرفناها فى الأيام الأخيرة، وما كنا لنعرفها لولا جريمة القتل المروعة للأنبا ابيفانيوس بآلة حادة أخرجت جزءا من دماغه خارج رأسه بينما كان غالبية سكان الدير المنعزل يغطون فى نوم عميق.
من المعلومات التى صارت معروفة أن خلافات فكرية حادة نشبت بين الأنبا متى المسكين، وتلميذه الأنبا شنودة قبل أن يجلس الأخير على الكرسى البابوى عام ١٩٧١ بعد منافسة حادة بينهما انتهت لمصلحة شنودة، فى حين أن متى المسكين استقل عمليا بدير وادى النطرون، لدرجة أنه فرض زيا وقلنسوة مختلفة عن بقية الأديرة والكنائس. لكنها وصلت إلى ذروتها حينما استجاب متى المسكين لقرار الرئيس الأسبق أنور السادات ووافق على طلب الرئيس أن يدير الكنيسة فى أعقاب فرض الإقامة الجبرية على شنودة، عقب موقفه من أحداث الزاوية الحمراء أوائل عام ١٩٨١.
لم يغفر شنودة مطلقا هذا الموقف لاستاذه متى، وظل الخلاف يتصاعد، بل لم تعترف الكنيسة الأرثوذكسية بكل مؤلفات المسكين ومنعت تداولها.
وكما كتبت الزميلة والكاتبة الصحفية كارولين كامل على صفحتها فإن البابا شنودة له تسجيل فيديو شهير عام ١٩٩١ يكشف فيه علنا خلافه مع متى وتلاميذه بقوله: «لا يوجد حب من طرف واحد، مش ممكن». وعلقت الزميلة، بأن هذا الكلام يتناقض مع تعاليم المسيح التى تقول: «أحبوا أعداءكم»!
سيسأل سائل وما هو جوهر الخلاف بين شنودة ومتى المسكين؟!
الأسقف المقتول حاول طوال حياته أن يخفى هذا الصراع حتى لا يؤثر على الصورة العامة للمسيحيين، خصوصا أنه كان من أنصار جمع الطوائف المسيحية المختلفة. لكن جريمة مقتله اعادت إلى الضوء الحديث عن الخلاف بين مدرستين أساسيتين فى الكنيسة القبطية ومعكوسة بشدة داخل دير أبومقار.
المدرسة الأولى يمثلها الرعيل الأول داخل دير أبومقار من تلاميذ متى المسكين، ومدرسته الإصلاحية المعروفة باسم «التيار الإبائى» والمدرسة الثانية يمثلها الأنبا شنودة وتعرف باسم المدرسة التقليدية.
طبقا للمتداول من كتابات قبطية فى أعقاب الجريمة، فإن أصل الخلاف يعود إلى حقبة الأربعينيات من القرن الماضى، حينما ظهر جيل جديد من الرهبان حملة المؤهلات الجامعية، يختلفون عن «آباء البرية القدامى» الذين زهدوا الدنيا و«ذهبوا يبحثون عن الله فى الصحراء». الرهبان الجدد كانوا متسلحين بالعلم والمعرفة والإلمام باللغات الأجنبية، تزامن ذلك مع ازدهار «مدارس الأحد».
وفى تلك الفترة وتحديدا عام ١٩٤٥ انضم نظير جيد أو الراهب انطونيوس السريائى، الذى صار اسمه لاحقا البابا شنودة إلى دير السريان، ويقال إن انضمامه كان بايعاز من الراهب متى المسكين الذى كان فى دير الأنبا صموئيل، بجبل القلمون فى المنيا، قبل أن ينتقل لاحقا إلى دير السريان.
متى المسكين نافس على كرسى البابوية مرتين الأولى عام ١٩٥٦ عقب وفاة البابا يوساب الثانى، والثانى منافسا للبابا شنودة بعد وفاة كيرلس عام ١٩٧١.
فى هذا الوقت وقبله أيضا كانت الخلافات العقيدية قد بدأت تعرف طريقها بين الاثنين، لدرجة أن الاثنين اختلفا على مراجعة كتاب، ولم يعر متى المسكين آراء شنودة اهتماما، وأصر على طبع كتابه بنفس الأفكار، رغم أن شنودة كان يشغل وقتها أسقف التعليم.
والسؤال ما هى تفاصيل الخلاف بين الاثنين وهل يمكن أن يكون لهذا الخلاف أثر فى اغتيال الأنبا ابيفانيوس يوم الأحد قبل الماضى؟!

زر الذهاب إلى الأعلى