نشر موقع الشروق الإخباري مقال للكاتب “عماد الدين حسين” بعنوان ” كيف نواجه الإعلام المعادى؟ ” جاء على النحو الآتي :-
فى قاعة فسيحة بالدور السابع من مبنى التليفزيون المصرى «ماسبيرو» كان هناك عدد كبير من الإعلاميين المصريين مجتمعين صباح الاثنين الماضى، للإجابة على سؤال هو: «دور الإعلام فى مواجهة الحملات المعادية لمصر».
الدعوة وجهها كرم جبر رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، بمشاركة حسين زين رئيس الهيئة الوطنية للإعلام وعبدالصادق الشوربجى رئيس الهيئة الوطنية للصحافة، وعدد كبير من كبار رجال الإعلام ومنهم معظم رؤساء التحرير، وكبار مقدمى البرامج الفضائية وكتاب كبار وقيادات مبنى ماسبيرو.
كرم جبر رصد فى كلمته بالأسماء والتفاصيل الشبكة الإعلامية التى تستهدف مصر من الخارج، والمدعومة من قطر وتركيا وجماعة الإخوان. ثم ترك مقعده فى منصة إدارة الندوة، وهبط إلى القاعة ليعطى الكلمة لمن يطلبها، وليوجه لهم الأسئلة بنفسه، وكان السؤال الجوهرى هو: كيف تواجه مصر هذه الحرب الممنهجة؟
الإجابات بعضها كان حماسيا وعاطفيا جدا، وبعضها كان واقعيا وعمليا ومحددا.
لفت نظرى ما قاله بعض الحاضرين، ومنهم عبدالمحسن سلامة رئىس مجلس إدارة الأهرام عن أهمية معركة الوعى، وضرورة قيام الدولة بدعم وسائل الإعلام، لأنها تقوم بتنمية وعى الشعوب وتشكيل وجدانها، كما تفعل فرنسا، التى تدعم الإعلام بعشرة مليارات يورو، آملا فى وجود نسخة دولية من الأهرام بدعم من الدولة.
محمود مسلم قال إنه ثبت أن فكرة الترفع عن الرد على الحملات المعادية ثبت فشلها.
نشأت الديهى طالب بضرورة أن تتم إدارة الإعلام بحالة وعى حقيقية، وتحديد آلية لمواجهة الإعلام المعادى.
محمد الباز طالب بضرورة «تشكيل مجلس حرب إعلامى من الخبرات الإعلامية لوضع استراتيجية واضحة لمواجهة الإعلام المعادى».
خالد ميرى طالب «بالتوقف عن تناول ما حدث فى الفترة الأخيرة» وهو يقصد بالطبع الجدل حول دور الإعلام ومدى تأثيره.
أحمد موسى أعرب عن حزنه من حال مبنى ماسبيرو، وطالب بضرورة توفير المعلومات السريعة والصحيحة للإعلام حتى يكون قادرا على الرد على الإعلام المضاد.
عبده مغربى أكد على ضرورة الحرص على وجود تميز واختلاف بين وسائل الإعلام. وسأل: «ما الذى يمنع الإعلام من أن يختلف مع أى وزير، أو حتى رئيس الوزراء، طالما أن ذلك فى إطار القانون؟».
أعجبنى أكثر وجود نبرة هادئة وموضوعية بين غالبية من تحدثوا عن عدم التفريق بين الإعلام الحكومى والإعلام الخاص، لأن الجميع شركاء فى الوطن. هذا المعنى أمر جديد ومهم، ويصلح خطأ كبيرا كان يقع فيه الجميع. وظنى أن الإعلام الخاص لعب دورا شديد الوطنية فى العديد من المحطات المهمة، وبصورة مهنية أكثر تأثيرا.
حينما طلب منى كرم جبر الحديث قلت فى عجالة لا تزيد عن دقيقتين، «إن الحل الحقيقى للموضوع الذى نتحدث عنه اليوم، هو الإيمان بأن الإعلام المهنى والحر والمتنوع والصادق والجذاب، الذى يقدم المعلومات والحقائق ووجهات النظر المختلفة، فى إطار القانون والدستور، هو أفضل علاج لمواجهة الحملات المعادية لمصر سواء جاءت من الداخل أو الخارج وسواء كانت بجهل وحسن نية أو ممهنجة وخبيثة».
هذا ما قلته صباح أمس الأول، وأضيف أن إعلامنا لايزال قويا ومؤثرا فى المنطقة بأكملها، لكنه ليس فى أفضل حالاته، ويحتاج إلى الدعم والمساندة والإصلاح حتى يتخلص من العديد من التحديات والعقبات والعراقيل، ليصبح أكثر قوة وتأثيرا وفعالية.
القصة ليست فى التفريق بين الورقى والإلكترونى ولكنها أساسا فى التأثير.
ظنى الشخصى أيضا أن الحكومة لا ينبغى أن تتعامل مع الإعلام باعتباره مشروعا ربحيا، لأنها لو فعلت ذلك، فعليها فى هذه الحال أن تترك الإعلام يدير نفسه كمشروع ربحى على أسس اقتصادية، فى حين أنه على أرض الواقع يحقق العديد من الأهداف للدولة المصرية.
على الحكومة أن تدعو المؤسسات القومية أن تتقشف فيما يمكن التقشف فيه إداريا وماليا وترفيا، لكن عليها فى المقابل أن تدعم المحتوى المهنى فى كل وسائل الإعلام الوطنى العام والخاص خصوصا المؤثر منه.
الإعلام المصرى يمتلك العديد من الكوادر والكفاءات فنيا وتحريريا، ويمكنه أن يكون أكثر فاعلية وتأثير، إذا تم استغلال كل الإمكانيات المتاحة وأحسنت إدارته. ولو حدث ذلك، فلن نشكو يومها من الإعلام المعادى، لأنه سوف يضمحل من تلقاء نفسه ويتلاشى، حينما تلتف غالبية الناس حول إعلامها الوطنى، الذى سيقدم إليها وجبات إعلامية متنوعة وجذابة والأهم صادقة ودقيقة.