أعلنت المملكة العربية السعودية اليوم الثلاثاء، عن تشكيل تحالف إسلامي عسكري مؤلف من 34 دولة من بينهم مصر لمحاربة الإرهاب، ومقره الرياض.
وجاء في البيان أنه “تأكيدًا على مبادئ وأهداف ميثاق منظمة التعاون الإسلامي التي تدعو الدول الأعضاء إلى التعاون لمكافحة الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره، وترفض كل مبرر أو عذر للإرهاب، فقد تقرر تشكيل تحالف عسكري لمحاربة الإرهاب بقيادة المملكة العربية السعودية.
وخلال التحليل التالى نرصد في نقاط مكاسب وخسائر مصر من المشاركة في هذا التحالف الذي غلبته السعودية بطابع إسلامى ومررته تحت سقف منظمة التعاون الإسلامى بعيدا عن جامعة الدول العربية بهدف ضم دول أسيوية أخرى من بينهم تركيا.
المكاسب
تتخلص مكاسب مصر في الانضمام إلى هذا التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية في أربع نقاط وهى.
أولا، يحقق التحالف مكاسب سياسية للنظام المصري ويطوي صفحة الخلافات مع دول عربية وإقليمية خاصة قطر وتركيا، وينهى الحديث عن دعم جماعة الإخوان التي يعد وجودها على طاولة أي حوار الآن بمثابة عقبة في طريق موافقة مصر على المشاركة، ما يعد خسارة كبيرة للتحالف المزمع تشكيله، في ظل الحديث عن تكفلها بمعاونة الأردن في الإشراف على التدريبات.
ثانيا، يحق لمصر مطالبة قوات التحالف في الحرب على الإرهاب بسيناء حسبما أعلن ولى ولى العهد السعودي ووزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، بأن هدف التحالف محاربة جميع التنيظمات الإرهابية المسلحة وليس “داعش” فقط.
ثالثا، في ظل تنامى الإرهاب في ليبيا، يوفر التحالف سقف أمان عسكري لمصر وتوفير آلية دولية لشن هجمات بمشاركة قوات التحالف على معاقل التنظيمات الإرهابية في ليبيا “داعش” وغيرها من التنظيمات الأخري.
رابعا، ضمانة تعاون السودان في غلق الحدود الجنوبية ومنع تهريب أسلحة وعناصر جهادية عبر الجبهة الجنوبية لضمان صيانة الأمن القومى لدول جارة وشريكة في تحالف عسكري إسلامى.
الخسائر
بعيدا عن المكاسب السياسية والعسكرية التي تحققها مصر، يبقى هناك مخاوف من خسائر تلحق الضرر للقاهرة وهى كالتالى.
أولا، احتمالية تورط مصر في المستنقع العراقى والسوري، لمحاربة تنظيم “داعش” أمر بات وارد بقوة في ظل رغبة دوائر صنع القرار بالغرب بتشكيل قوة عربية مكونة من 90 ألف جندي للتدخل البري ضد التنظيم الإرهابى في سوريا والعراق عقب فشل الضربات الجوية في القضاء على التنظيم، وهو الأمر الذي جاء على لسان الرئيس الأمريكى باراك أوباما ووزير دفاعه اشتون كارتر الذي أبلغ العراق بأمر هذه القوات مبكرا قبل الإعلان عن ميلاد التحالف.
ثانيا، في ظل الخلافات القائمة بين السعودية وإيران، هناك احتمالية لدخول القوات المصرية المشاركة في التحالف العسكري الإسلامى الذي اتخذ الطابع “السنى” في مواجهة عسكرية مع إيران التي تتهما المملكة بدعم التنظيمات الإرهابية المسلحة من الشيعة على غرار الحشد الشعبى بالعراق وحزب الله في لبنان، والنظام السوري نفسه غير بعيد عن هذا الاتهام.
ثالثا، المملكة العربية السعودية لديها قناعة بضررة إزاحة الرئيس السوري بشار الأسد من رأس السلطة في سوريا، وتخوض حربا ضد “داعش” ونظام الأسد في ذات الوقت لقناعة الرياض بضرورة رحيله عن السلطة، في حين تري القاهرة بقاء الأسد خلال عملية انتقال سياسي ضرورة لصيانة التراب السوري، تعد دمشق تحديدا الآن نقط خلاف إقليمية ودولية والمراهنة غير المحسوبة على هذا الملف ربما تنسف حلف “القاهرة موسكو” الذي تولد عقب ثورة 30 يونيو ويسير إلى الأمام بقوة.
رابعا، استهلال بيان تأسيس التحالف العسكري بالتأكيد على إسلاميته، يحمل خطورة على عقيدة الجيش المصري البعيدة عن الطائفية والتي تم تأسيسها على القومية منذ عهد محمد على مؤسس مصر الحديثة، الأمر الذي يشكل خطورة بالغة الأثر في ظل تركيبة جيش وطنى يجمع بين الجنود المسلمين والمسيحيين دون تميز تحت راية الوطن.
هذه العقيدة ميزت الجيش المصري عن غيرها من الجيوش العربية التي انهارات بسبب الغرق في مستنقع الطائفية، وهو الأمر الذي سعت مصر لتجنبه حينما دعت لتشكيل قوة عربية مشتركة تحت مظلة جامعة الدول العربية لإبعاد شبح المسميات الطائفية عن المعادلة.