رغم تتابع الفشل في مساعي إسرائيل في حصولها على صفة مراقب في الاتحاد الأفريقي ، إلا أنها لازالت مصرة على تقديم الطلبات للحصول على عضوية في الاتحاد الأفريقي ، لتحسين مكانتها الدولية وقدرتها على مواجهة التحركات الفلسطينية دولياً ، كما تسعى من خلال تلك العضوية أن تمكنها من المشاركة في كل القمم والجلسات ، للتأثير على القرارات الأفريقية وتغيير مواقف الاتحاد الأفريقي الثابتة تجاه القضية الفلسطينية ، في ظل وجود مواجهة شديدة لعدم حدوث ذلك .
وفي هذا الصدد كشف سفير فلسطين لدي إثيوبيا ومندوبها لدى الاتحاد الأفريقي ” ناصر أبو الجيش “ عن وجود وفد إسرائيلي يزور إثيوبيا بشكل سري حالياً ، بهدف حصول إسرائيل على عضوية مراقب في الاتحاد الأفريقي ، موضحاً أن إسرائيل قدمت في الـ (4) سنوات الماضية نحو (10) طلبات عضوية مراقب في الاتحاد – الذي يضم (82) دولة بينها ( فلسطين / الصين / تركيا / ألمانيا ) كصفة مراقب ، لكنها أخفقت في ذلك .
أهمية تلك الزيارة للجانب الإسرائيلي
تكتسب الزيارة أهمية كبيرة ، حيث تأتي قبل انعقاد قمة الإتحاد الأفريقي المقبلة التي ستعقد بالعاصمة الموريتانية ( نوكشواط ) في يناير المقبل 2018 ، حيث كان قد وعد رئيس المفوضية التشادي ” موسى فكي ” بالقيام بإصلاحات على مستوى الهيكلة وآليات اتخاذ القرارات وتنفيذها .
مواصلة جهود التوغل في قارة أفريقيا رغم المحاولات العربية والإسلامية والأفريقية لمناهضة التوغل الإسرائيلي ، حيث تقوم عدة دول من بينها ( مصر / المغرب / الجزائر / نيجيريا ) ، ودولاً إسلامية أخرى بمجابهة إسرائيل في هذا الإطار ، لأنه يضر بمكانة تلك الدول في أفريقيا .. وفي هذا الصدد نشير إلى أنه ، تاريخياً وفي أكثر من قمة وبيان كان قد أعلن الاتحاد الأفريقي إنحيازه للقضية الفلسطينية ، داعياً إلى إنحاء الاحتلال الاسرائيلي وإعادة الأراضي المغتصبة لأهلها .
تمتع فلسطين بوضعية الدولة المراقب بالاتحاد الأفريقي يجعل إسرائيل ترى أن هناك حاجة ملحة لإيصال صوتها خلال اجتماعات الاتحاد الأفريقي ، لتحدث حالة من التوازن مع الخطابات التي يلقيها الرئيس الفلسطيني ” أبو مازن ” الذي يحرص على إلقاء خطاب في كل اجتماع للإتحاد الأفريقي ، فضلًا عن أن التواجد الإسرائيلي في الاتحاد سيقوض جهود الدول العربية وعلى رأسها ( مصر ) والتي طالما نجحت في استمالة مواقف الدول الأفريقية للتضامن مع القضية الفلسطينية .
الجهود المبذولة لمناهضة التحركات الاسرائيلية
كانت الخارجية الإسرائيلية قد أعلنت الشهر الماضي عن تأجيل القمة ( الإسرائيلية – الأفريقية ) التي كان مزمعاً عقدها في عاصمة توجو ( لومي ) في أكتوبر الجاري ، والتي كان من المقرر أن يشارك فيها عدد من قادة الدول الأفريقية ، وأكدت حينها أن تأجيل تلك القمة جاء بطلب من رئيس توجو ” فور جناسينجبي ” بعد التشاور مع ” نتنياهو ” .
في حين ، أكدت الخارجية الفلسطينية أن قرار تأجيل القمة جاء نتيجة لضغوط فلسطينية ، وأضافت في بيان أن ضغوطاً مورست مع كافة الفرقاء لتبني العمل المشترك لإفشال عقد هذه القمة التي كانت تهدف لتعزيز سطوة إسرائيل في قارة أفريقيا .. الأمر الذي جعل ” نتنياهو ” يجعل التوغل في تلك القارة هدفاً أساسياً في سياسته الخارجية ، حيث سبق أن قام بزيارة عدة دول بالقارة الأشهر الماضية ، ولطالما أكد أنه يريد انطلاقة في العلاقة الإسرائيلية مع الدول الأفريقية توقف ما أسماه ( الدعم الأفريقي التلقائي ) للفلسطينيين بمؤسسات الأمم المتحدة .
وفي هذا الصدد تلاحظ أن هناك مواجهة محتدمة لعدم حصول إسرائيل على صفة مراقب ، حيث تتصدر جنوب أفريقيا الجهود بهذا الصدد ، وقد لحقت بها دول عربية .
تداعيات حصول إسرائيل على عضوية مراقب بالإتحاد الأفريقي
يحق للدولة المراقب أن تقدم المقترحات والتعديلات وأن تشارك في المناقشات التي يشهدها الاتحاد ، كما يحق لها أن تطلب الانضمام للكثير من الاتفاقيات العالمية التي يعد الاتحاد طرفًاً فيها .. أيضاً حصول إسرائيل على صفة مراقب سيقود إسرائيل لتغيير استراتيجي في مركزها على الصعيد الدولي ، حيث ستستفيد من كتلة التصويت الأفريقية الضخمة التي تضم (54) دولة في المحافل الدولية لتأييد القرارات التي في مصلحة إسرائيل ، خاصة في الجمعية العامة للأمم المتحدة وغيرها من المحافل التي لا تتمتع فيها الولايات المتحدة ، الحليف والراعي الأول لإسرائيل بحق النقض ( الفيتو ) .
رغم كثافة الوجود الإسرائيلي الاقتصادي في أفريقيا حالياً ، إلا أن وجودها بصفة مراقب يتيح لها العديد من القنوات الشرعية إلى الكثير من المنظمات التي تهتم بموارد قارة أفريقيا مثل ( التجمع الاقتصادي لوسط أفريقيا / تجمع دول الساحل والصحراء ) وهي منظمات تتحكم وفق بعض التقديرات في (30%) من موارد أفريقيا ، وهو ما يجعل وجود إسرائيل في الاتحاد الأفريقي له مكاسب اقتصادية مباشرة بالنسبة لتل أبيب .. أيضاً يكون بمقدور إسرائيل عقد بعض الاتفاقيات الاقتصادية بتسهيلات يوفرها الاتحاد للدول التي تنضوي تحت لوائه بشكل أو آخر .
و لا يمكن إغفال التداعيات ذات الأبعاد الاستراتيجية التي ترتبط بشكل مباشر بملف مياه النيل ، والذي يشهد خلافات متصاعدة بين دول المنطقة بسبب اتفاقية عنتيبي التي تهدد الحقوق التاريخية لدولتي ( مصر / السودان ) ، فضلاً عن قضية سد النهضة .