تحقيقات و تقاريرعاجل

ملف خاص…حول اغتيال الميليشيات الحوثية للرئيس اليمني السابق ” علي عبد الله صالح ” والتمثيل بجثته

** في إطار المتابعة الدقيقة لمجريات الأحداث على الساحة اليمنية ، والاشتباكات المسلحة بين طرفي النزاع في اليمن  بين ( قوات صالح / الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران ) ، والتي أسفرت عن استهداف الحوثيين للرئيس السابق ” صالح ” وتصفيته والتمثيل بجثته ، بالإضافة إلى مقتل (3) من مرافقيه ( من قيادات حزب المؤتمر الشعبي ) وإصابة نجله ” أحمد ” وأنباء عن اعتقاله .

** الأمر الذي يُنذر بمستقبل

غامض ومضطرب داخل اليمن ، خاصة في ظل كميات السلاح الذي تمتلكه كافة أطراف النزاع داخل اليمن ، بالإضافة الى النزعة القبلية للشعب اليمني ، حيث ينتمي ” صالح ” لقبيلة حاشد – التي يقدر تعدادها بنحو (3) ملايين نسمة – والتي لن تتهاون في الثأر من الحوثيين الذين وضعوا أنفسهم في مواجهة مباشرة ليس فقط مع
” حاشد ” بل أيضاً مع جميع القبائل الموالية لـ ” صالح ” ، والتي ستتلقى الدعم المباشر من الحكومة الشرعية وقوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية ، التي يعتبر المحللين أن هذا الحادث يُعد إحراج لسياسة المملكة الخارجية وفشل ذريع لمخابراتها ، ولذلك ستكون أكثر رغبة في القضاء على الحوثيين وستعرض دعم مادي أكبر من ذي قبل .

** كما أنه لا يمكن أن نغفل الدور الإيراني في اليمن ودعمها للحوثيين ، الأمر الذي يجعل أحد السيناريوهات أن الصراع في اليمن لن ينتهي قريباً بل سيكون طويل الأمد .. وعلى رغم جميع التحفظات السابقة على ” صالح ” ، فإنه ظل خلال السنوات الماضية قناة سياسية لتمرير صفقات التهدئة والتفاهمات بما يملكه من خبرة في الحكم ، بالإضافة إلى تزعمه لحزب ( المؤتمر ) الذي يُعد ركيزة يسهل التحاور السياسي معه .

** وبالنسبة لاغتيال ” صالح ” بهذه الطريقة السهلة ، وخروجه في موكب صغير غير مؤمن بالشكل المناسب ، فلا يُستبعد تورط أكثر من جهة في ذلك ، والإشارة هنا ليست للحوثيين والإيرانيين فقط ، بل فإن الشبهات تطال قطر أيضاً ، حيث أكد مستشار رئيس الوزراء اليمني ” سام الغباري ” أنه يمتلك تسجيلات حصرية عن تآمر قطر مع الحوثيين لقتل ” صالح ” .. وفيما يلي رؤية للمشهد اليمني عقب الأحداث الأخيرة :

تسارع وتيرة التوتر الأمني على الساحة اليمنية قبيل اغتيال ” صالح ” :-

  • كانت الأيام القليلة الماضية قد شهدت مواجهات قوية بين ( قوات صالح الذي يمثل مقتله تطوراً هاماً في النزاع الدائر في اليمن / الميليشيات الحوثية ) في شوارع العاصمة صنعاء ، وذلك في إطار السباق على مناطق النفوذ والمشاحنات التي تتجدد بين الحين والآخر بين الطرفين ، وقد ظهر ذلك تحديداً في ذكرى الاحتفال بذكرى ( المولد النبوي الشريف ) ، عندما طلبت لجان أمنية تابعة للحوثيين ، من وحدات عسكرية موالية لـ ” صالح ” ، تسليم ( جامع الصالح ) الكبير – الذي بناه ” صالح ” عندما كان رئيساً لليمن – لدواعي أمنية على صلة بتأمين احتفالية ( المولد النبوي ) ، لكن الخلاف حوله تحول إلى اشتباكات كبيرة بين الجانبين .
  • احتشد الآلاف من أنصار الحوثيين بميدان ( السبعين ) جنوب العاصمة صنعاء لإحياء ذكرى
    ( المولد النبوي ) ، في احتفالية ضخمة تم تفسيرها على أنها استعراض للقوة ضد قوات ” صالح ” ، ووقعت اشتباكات بين الجانبين عقب انتهاء الاحتفالية ، وهاجم الحوثيين مقرات ومنازل تابعة لأنصار ” صالح ” بالعاصمة صنعاء ، مما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى بين الجانبين ، إلى أن تطورت الأحداث أمس ووصلت إلى استهداف الحوثيين لـ ” صالح ” وقتله .
  • استشعر الحوثيين بالخطر الكبير عندما أعلن ” صالح ” مؤخراً عن إنهاء الشراكة معهم وطلبه التعاون مع قوات التحالف العربي بقيادة السعودية ، للوقوف ضد الحوثيين ، الأمر الذي دفع الحوثيين للانتقام منه وتصفيته ، حيث وصف زعيم الحوثيين ” عبد الملك الحوثي ” ، اغتيال ” صالح ” بـ (( اليوم الاستثنائي والتاريخي )) ، داعياً لمسيرة كبرى اليوم في صنعاء أطلق عليها (( شكراً لله )) .. وبالتزامن مع الإجراءات التي أعلنها ” صالح ” ( إنهاء الشراكة مع الحوثيين ، وتودده للتحالف العربي بقيادة السعودية ) ، ترددت أنباء قوية حول استهداف السفارة الإيرانية في صنعاء – على الرغم من نفي إيران – ، وهو ما اعتبره كثير من المحللين بمثابة إعلان حرب ليس فقط ضد الحوثيين بل أيضاً ضد من يدعمهم وجاء اغتياله بمثابة رد قوي وقاطع من جانب الطرفين .
  • وفيما يخص الأوضاع الأمنية عقب مقتل ” صالح ” ، فقد تلاحظ الآتي :

** بالنسبة للميليشيات الحوثية : يُعد قيامهم باغتيال ” صالح ” في فترة وجيزة بعد إعلانه إنهاء الشراكة معهم ، دليلاً على تفوق الميليشيات الحوثية عسكرياً – المدعومة من إيران – ، وكذلك تأكيداً على أن زعيم الحوثيين ” عبد الملك الحوثي ” والميليشيات التابعة له كانت تستحوذ على زمام الأمور ومفاتيح العاصمة صنعاء حتى قبل اغتيال ” صالح ” .

** بالنسبة لقوات ” صالح “ : يتضح من خلال تلك العملية فشل القوات في التفوق عسكرياً على الميليشيات الحوثية وحماية زعيمهم ، ومن بين الأسباب التي أدت إلى ذلك : ( نقل مفاصل الدولة الأمنية والعميقة في اليمن ولائها إلى الحوثيين / نقص السلاح والعتاد لدى قواته / رهان صالح على القبائل المحيطة بصنعاء إلا أنها لم تتجاوب معه ) .

** إعلان الرئيس اليمني ” عبد ربه منصور هادي ” أمس ببدء عملية عسكرية تحت اسم
(( صنعاء العروبة )) لتحرير العاصمة صنعاء ، وتأكيدها على أنها تمد يد العون لكل من يقف في وجه ميليشيات الحوثي ، دفع أنصار ” صالح ” للانضمام إلى قوات الشرعية في أكثر من جبهة منها محافظات ( صنعاء / تعز / حجة / شبوة ) .

فيما يخص المخاطر على مصر والمنطقة بعد اغتيال ” صالح ” ومحاولة الحوثيين السيطرة على مجريات الأوضاع في اليمن :-

**من المحتمل أن تشهد اليمن فوضى عارمة عقب مقتل ” صالح ” وسيطرة الحوثيين على المفاصل الرئيسية في اليمن ، الأمر الذي قد يشير إلى دخول اليمن في مرحلة اقتتال طائفي ومحاولة ثأر القبائل التابعة لـ ” صالح ” من الحوثيين ، خصوصاً بعد حصول ” صالح ” على عهد أمان من الحوثيين لتأمين خروجه من مقر إقامته الى مسقط رأسه والغدر به وتصفيته .

** حدوث هذه الفوضى داخل اليمن ، من شأنها أن تمثل تهديداً لمضيق ( باب المندب ) الذي يُعتبر المدخل الرئيسي الوحيد للبحر الأحمر من الجنوب والبوابة الأولى للوصول إلى قناة السويس.. وبناءً على ذلك ، فمن المحتمل أن تأخذ الدول الأوروبية وتحديداً الولايات المتحدة هذه الأحداث ذريعة لها لفرض نفوذها على مضيق ( باب المندب ) ، بذريعة تأمينه من ميليشيات الحوثي الموالية لإيران , وذلك الأمر من شأنه إرباك حركة الملاحة في البحر الأحمر وتأثير ذلك مباشرة على قناة السويس.

** كما يوجد قطاع كبير من رجال الجيش اليمني يدينون بالولاء لـ ” صالح ” ونجليه ( أحمد / طارق ) ، ولن تغفر هذه القيادات مشهد اغتيال قائدهم السابق ، إضافة إلى ذلك لا تتوفر معلومات موثقة عن حجم ترسانة الأسلحة الواقعة تحت قبضة هؤلاء القادة ، الأمر الذي يقلق دول الجوار من بيع هذه الأسلحة في السوق السوداء لميليشيات إرهابية عابرة للحدود لهذه الدول ، كما هو الحال في ليبيا .

** سقوط مفاصل اليمن في يد ميليشيات الحوثي تُمَهد إلى تواجد إيراني على الأرض دون رقيب ، الخطوة التي قد تدفع السعودية إلى الدخول في معركة برية مفتوحة كأول اختبار للتحالف العسكري الإسلامي ، وتكون اليمن أرض لمعركة إقليمية بين ( السعودية / إيران ) .

** الفراغ الأمني الناتج عن تلك الأحداث  يمثل أرض خصبة للجماعات الإرهابية الأخرى مثل
( تنظيم القاعدة / تنظيم داعش ) ، للسيطرة على المناطق الحيوية في اليمن ، واحتمالية إعلانهم ولايات تابعة لهم .

فيما يخص السيناريوهات المستقبلية المختلفة التي قد يواجهها اليمن خلال الفترة المُقبلة ، والتي تمثلت في الآتي :-

  • السيناريو الأول : سيناريو قريب للواقع – وهو اندلاع ثورة وطنية داخل اليمن بمشاركة القبائل التابعة لـ ” صالح ” وطرد الميليشيات الحوثية ، يأتي ذلك بعدما أعلنت قيادات من
    ( حزب المؤتمر ) التابع للرئيس الراحل ” صالح ” بمواصلة قتال الحوثيين ، ومن المحتمل أن يكون هناك تصعيد كبير من جانب القوات الشرعية والتحالف العربي سواء بالطيران أو التحام الجيش الشعبي بالقبائل في مختلف المحافظات ، الأمر الذي قد يمثل نهاية للحوثيين وعودة اليمن لشرعيتها .. مما يرجح هذا السناريو هو قيام الإمارات أمس برفع الإقامة الجبرية عن ” أحمد ” نجل ” علي صالح ” ووصوله إلى الأراضي السعودية ، حيث طالب اليمنيين بالثأر لوالده واستكمال المعركة ضد الحوثيين .. ومن خلال ما قامت به الإمارات من رفع الإقامة الجبرية عن ” أحمد ” واحتضان السعودية له ، يُتَوقع أن تقوم السعودية بدعمه وتنصيبه رئيساً لـ ( حزب المؤتمر ) خلفاً لوالده ، وعلى إثر ذلك سيتم عقد اجتماعات لقيادات الحزب داخل السعودية لترتيب وتوحيد الجهود في مواجهة الحوثيين على أرض
    اليمن .

جدير بالذكر أن ” صالح ” كان يعمل على تحضير ابنه ” أحمد ” ليصبح خلفه في الحكم ، وظهرت مبادرات ودعوات كثيرة تطالب بترشيحه ليصبح خليفة لـ ” علي صالح ” ، من أشهرها مبادرة ( أحمد من أجل اليمن ) ، وأيضاً تنحيه أخيه غير الشقيق من قيادة الحرس الجمهوري ” علي صالح الأحمر” ، ليسندها لـ ” أحمد ” ، تمهيداً لخلافته في الرئاسة .

  • السيناريو الثاني : – وهو سيناريو قريب للواقع أيضاً – وهو قيام الحكومة الشرعية بدعم من التحالف العربي بعمليات عسكرية مكثفة ومكبرة ضد الحوثيين ، خاصةً بعد توجيه الرئيس اليمني ” عبد ربه منصور هادي ” أمس ببدء عملية عسكرية تحت اسم (( صنعاء العروبة )) لتحرير العاصمة صنعاء من الميليشيات الحوثية ، كما دعا ” هادي ” جميع أبناء الشعب اليمني في كل المحافظات لمقاومة هذه الميليشيات الإجرامية وأن الجيش اليمني سيكون عوناً وسنداً لهم .. من جانبه أعلن رئيس الوزراء اليمني ” أحمد بن دغر ” أن الرئيس ” هادي ” سيصدر عفوًا عاماً عن كل من يقطع تعاونه مع الحوثيين .
  • السيناريو الثالث : وهو تدخل عسكري شامل من قبل قوات التحالف العربي لضرب الحوثيين حتى لا تسقط اليمن تحت سيطرة إيران .. حيث ظهر ذلك عقب دعوة التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية المدنيين في صنعاء إلى الابتعاد عن مواقع الحوثيين مسافة لا تقل عن (500) متر ، لشن غارات مكثفة على مواقع للحوثيين ، حيث شنت مقاتلات التحالف غارات جوية استهدفت مواقع وتجمعات ميليشيات الحوثي في ( صنعاء / تعز / حجة / صعدة ) ، مما أسفر عن مقتل وإصابة عدداً من عناصر الميليشيات .
  • السيناريو الرابع : فتح جماعة الحوثيين حواراً مع السعودية عبر وسيط دولي قد يكون روسيا ، وهو سيناريو غير مُستبعد ، وقد ظهر ذلك مع تصريحات لبعض القيادات الحوثية والتي تشير إلى هذا الاتجاه قبل الإعلان عن مقتل ” صالح ” .
  • السيناريو الخامس : – سيناريو بعيد الحدوث وهو انفصال اليمن وعودته إلى ما قبل عام 1990 ، ليعيد الجنوبيون تأسيس اليمن الجنوبي ، ويبقى الشمال تحت حكم الحوثيين .. وقد ظهر ذلك عندما أكد نائب رئيس هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن ” هاني بن بريك ” أن أحداث صنعاء تؤكد أهمية تمسك وإصرار الجنوبيين بإعادة إعلان دولتهم في الجنوب .. وهذا السيناريو مرتبط بعدم وجود الرئيس الشرعي ” عبد ربه منصور هادي ” في الحكم .

نبذة عن الحروب الـ (6) الطاحنة التي شهدها اليمن بين نظام الرئيس الراحل ” علي عبد الله صالح ” وجماعة الحوثي

1 – الحرب الأولى : اندلعت في يونيو 2004 بعد مقتل جنود في صعدة على يد أنصار ” حسين بدر الدين الحوثي ” ، واستمر القتال بين الجانبين حتى سبتمبر من العام نفسه عندما تمكنت قوات الجيش من قتل ” حسين الحوثي ” وعدد من أنصاره .

2 – الحرب الثانية : اندلعت في مارس 2005 ، بسلسلة اتهامات بين ” علي عبد الله صالح ” و ” بدر الدين الحوثي ” وأنصاره ، الاتهامات للحوثي تمركزت حول سعيهم لاستئناف التمرد فيما اتهم ” صالح ” بعدم الاستعداد لإنهاء النزاع ، واستمرت حتى يوليو من العام نفسه .

3 – الحرب الثالثة : اندلعت في نوفمبر 2005 ، نتيجة استمرار المناوشات من الحرب الثانية واستمرت حتى يناير 2006 .

4 – الحرب الرابعة : اندلعت في يناير 2007 ، واستمرت حتى يونيو من العام نفسه ، واشتدت حدة القتال في هذه المعركة وامتد إلى خارج ” صعدة ” .. وفي (16) يونيو من نفس العام جرى الاتفاق على هدنة بوساطة قطرية ثم التوقيع على اتفاق الدوحة في فبراير 2008 .

5 – لم يمضي على الاتفاق سوى شهرين ، حتى قتل الحوثيين (7) جنود في كمين وفجروا مسجد في صعدة لتشتعل الحرب الخامسة في إبريل 2008 ، وتوقفت الاشتباكات في يوليو من العام نفسه عندما أعلن ” علي عبد الله صالح ” وقف إطلاق النار أحادي الجانب لمدة (3) أشهر ، وذلك في الذكرى الـ (30) لتوليه الحكم .

6 – الحرب السادسة : اندلعت في أغسطس عام 2009 ، واستمرت حتى فبراير 2010 ، بعد اتهامات ” صالح ” للحوثيين باختطاف أجانب ، واتسمت الحرب بتكثيف عمليات القصف الجوي على مناطق الحوثيين ، وتوقفت المعارك بعد انسحاب الحوثيين من شمال صعدة .

 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى