تحقيقات و تقارير

ملف خاص .. حول زيارة ” ماكرون ” للصين خلال الفترة من (8 : 10) يناير 2018

قام الرئيس ” ماكرون ” بزيارة إلى الصين خلال الفترة من (8 : 10) يناير الجاري ، رافقه خلالها وفد رفيع المستوى ضم وزير الخارجية ” جون إيف لدريان ” ، إضافة إلى أكثر من (50) رئيس شركة بينها ( أكور-أوتيل / إل في إم إش / إيرباص / أريفا / سافران / بي إن بي باريبا ) ، وتُعد تلك الزيارة هي الأولى لرئيس أوروبي إلى بكين منذ انعقاد مؤتمر الحزب الشيوعي الصيني في أكتوبر 2017 ، الذي تم خلاله تجديد الثقة في الرئيس ” شي جين بينج ” لتولي فترة رئاسية ثانية .. ويعرض موقع الحدث الآن تفاصيل  الزيارة وذلك على النحو الآتي :-

  • جاء اختيار الرئيس ” ماكرون ” لمدينة كسيان غرب البلاد ، التي كانت عاصمة الصين القديمة ومنطلق طريق الحرير ، ليبدأ منها زيارته الرسمية وتكون محطته الأولى في تلك الزيارة لعدة أسباب منها ، أولاً تكريم الرئيس الصيني ” شي جين بينج ” ، والذي ينحدر من تلك المدينة ، ثانياً إبداء اهتمامه بمشروع الرئيس الصيني الضخم ( طرق الحرير الجديد ) الذي سيمر عبر (65) دولة ، والتأكيد على رغبة بلاده على أن تكون جزءاً من المشروع ، لكن موافقة ” ماكرون ” على طريق الحرير الجديد مشروطة بأن تكون لصالح البلدين وليس لصالح الصين أو لفرض هيمنتها التجارية والاقتصادية ، وتغلغلها بشكل كبير في تلك الدول التي سيمر عليها هذا الطريق ، حيث أكد ” ماكرون ” – خلال المؤتمر الصحفي المشترك مع نظيره الصيني – على أن مشروع ( طرق الحرير ) يفترض أن تكون تشاركية وليست في اتجاه واحد ، فهذه الطرق لا يُمكن أن تكون وسيلة لهيمنة جديدة تُخضع الدول التي تمر بها .
     
  • تعكس تصريحات ” ماكرون ” تجاه مشروع طريق الحرير ، ازدواجية النظرة الأوروبية إلى المشروعات الصينية ، فعلى الرغم من ترحيب الرئيس ” ماكرون ” بـالمشروع ، إلا أن الاتحاد الأوروبي التزم بموقف متشكك ، وهو يتخوف من أن يكون ذلك الطريق الوسيلة المثلى لبكين لفرض نفوذها .
    هناك العديد من الأسباب التي دفعت فرنسا للمبادرة في الدعم والمشاركة في بناء ” الحزام والطريق ” ، منها الآتي :
  • تُفضل فرنسا أن تكون التجربة الأولى في العالم بتطوير علاقاتها مع الصين ، كما تلعب العلاقات ( الصينية ـ الفرنسية ) دوراً مثالياً وقيادياً للعلاقات الصينية ـ الأوروبية ، حيث أقامت فرنسا علاقاتها الدبلوماسية مع الصين في عام 1964، وتُعد أول دولة كبيرة في العالم الغربي تقيم علاقات دبلوماسية مع الصين ، وتتطلع فرنسا إلى قيادة الدول الغربية لتعزيز التعاون مع الصين في إطار مبادرة ” الحزام والطريق ” ، والحفاظ وتعزيز مكانة فرنسا في أوروبا والعالم ، ويتضح ذلك من خلال تأكيد الرئيس ” ماكرون ” على أن التنسيق بين أوروبا والصين في مبادرة ” الحزام والطريق” أمر بالغ الأهمية ، وفرنسا ستضطلع بدور نشط .
  • رغبة فرنسا في توسيع الأسواق الخارجية لها ، حيث أعرب الرئيس ” ماكرون ” عن تقديره لمبادرة ” الحزام والطريق ” التي اقترحتها الصين ، ويتوقع أن الاستثمارات الصينية ستشهد زيادة في فرنسا ، كما سينشئ المزيد من فرص العمل ، وخفض العجز التجاري في الجانب الفرنسي ، كما سينمو الطلب المحلي للاقتصاد الصيني تدريجياً ، وسيتم تخفيف شروط الوصول إلى السوق الصينية وخاصة سوق المشتريات العامة ، وسيساعد معرض شنغهاي الدولي للاستيراد الذي سيعقد في نوفمبر المقبل على زيادة الصادرات الفرنسية الى الصين .
  • تعزيز مفهوم ( أوروبا / فرنسا ) مثل تعددية الأطراف ، ومفهوم العالم متعدد الأقطاب والمتوازن ، ففرنسا تتطلع إلى انشاء ” طريق تجاري” بين ( أوروبا / الصين ) من خلال روسيا ، كوسيلة لمواجهة العلاقات التجارية غير المؤكدة بشكل متزايد مع ( الولايات المتحدة / بريطانيا ) ، وفي الوقت نفسه ، تولي فرنسا أهمية كبيرة للدبلوماسية المتعددة الأطراف وسيناريوهات التعاون في مجال حكم العالم والتعاون عبر الحدود التي أظهرها ” الحزام والطريق ” ، وتتطلع إلى المشاركة في ترويج هذه المفاهيم
  • الترويج لمعايير ( فرنسية / أوروبية ) ، حيث دعا الرئيس ” ماكرون ” إلى مشاركة أوروبا في أنشطة مبادرة ” الحزام والطريق ” الصينية ، مؤكداً في الوقت نفسه بضرورة أن يكون التعاون بين ( الصين / أوروبا ) في إطار ” الشراكة المتوازنة ” ، كما يجب أن تتوافق قواعد الاستثمار مع المعايير الأوروبية والتوقعات المشتركة .
  • حققت زيارة الرئيس ” ماكرون ” للصين العديد من الأهداف الاقتصادية المتبادلة ، وخاصة لصالح الجانب الفرنسي ، حيث حققت الزيارة اختراقات ( اقتصادية / ثقافية / إستراتيجية ) في العلاقة بين ( الصين / فرنسا ) ، فبالإضافة إلى الاتفاقيات التي وُقعت بين البلدين في القطاعات الاستراتيجية مثل ( الطاقة النووية / الكهرباء / ريادة الفضاء ) ، فقد حققت الزيارة اختراقات في مجالات تتجاوز مجالات التعاون التقليدي وفتحت آفاقاً جديدة ، حيث تم التوقيع على عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم من بينها الآتي :
  • مذكرة اتفاق تجاري تبني بموجبه شركة ( أريفا ) الفرنسية مركزاً لإعادة تدوير الوقود النووي المستخدم في الصين ، والذي قد تتجاوز قيمته (10) مليار يورو .
  • الاتفاق على مباشرة العمل في المفاعل النووي الذي تقيمه شركة كهرباء فرنسا جنوب الصين ، بعد حوالي (6) أشهر على الأكثر ، ليكون أول مفاعل نووي من الجيل الثالث قيد العمل في العالم .
  • اعتزام شركة ( ايرباص ) لإنتاج الطائرات إنتاج طائرات المسافات المتوسطة في الصين وستنتج الشركة (6) طائرات بدلاً من (4) طائرات من طراز ” ايرباص A320 ” شهرياً في مصنعها بمدينة تيانجين الصينية ، وفي هذا السياق قدمت الصين عرض لشراء (184) طائرة إيرباص ” A320 ” لـ(13) شركة طيران ومن المقرر أن يتم تسليمها ( 2019-2020 ) .
  • توقيع عقد مع المجموعة الصينية العملاقة للبيع على الإنترنت (GDM) تعهدت بموجبه بيع منتجات فرنسية بقيمة (2) مليار يورو على مواقعها خلال العامين القادمين ، مُبدية في المقابل استعدادها لإقامة مقر لها في فرنسا .
  • في المجال الاستراتيجي للزراعة حصلت باريس على رفع للحظر الصيني عن لحوم البقر الفرنسية .
  • اتفق البلدان على فتح فرع لمركز بومبيدو الفرنسي للفنون والثقافات في شنجهاي . 

 

فيما يخص حجم التبادل التجاري بين ( فرنسا / الصين ) : –

  • تُعد الصين الشريك الاقتصادي الـ (8) لفرنسا ، وذلك وفقاً للمعهد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية ( إنزي ) ، وتمثل (6 ٪ ) من التجارة في فرنسا ، وتأتي مرتبة الصين بعد دول أخرى ذات علاقات تجارية مع فرانسا مثل ألمانيا (16.8 ٪ ) ، وبلجيكا (7.8 ٪ ) ، وإيطاليا (7.1 ٪) ، وإسبانيا (6.4 ٪) ، والولايات المتحدة (6.4 ٪) .
  • توجد (700) شركة تابعة لشركات صينية في فرنسا ، وتوفر فرص عمل لما يقرب من (45) ألف شخص ، كما تجاوزت الاستثمارات الصينية (3) مليار يورو في عام 2016 ، كما تُعد فرنسا ثاني أكبر وجهة للمستثمرين الصينيين في أوروبا بعد بريطانيا ، وتقدر حصة السوق الفرنسي في الصين عام 2016 بـ (1.6%) ، كما أن فرنسا هي المورد الـ (13) للصين .
  • حققت الشركات متعددة الجنسيات في الصين عام 2015 نحو (74) مليار يورو ، ويعمل نها (498) ألف شخص .

 

يبلغ عدد الشركات الفرنسية الموجودة في الصين (1600) شركة ، ويعد هذا الرقم كبير بالمقارنة مع عام 2013 ، والتي بلغت (1200) شركة ، وذلك وفقاً لرجال الأعمال في فرنسا ، ولتسهيل الإجراءات والتعاون بين البلدين ، تنضم مجموعات فرنسية كبيرة إلى الشركات الصينية ، وفي هذا السياق أكدت السفارة الفرنسية لدى الصين أن العديد من الشركات الفرنسية بدأت في اقامة فروع كبرى لها في الصين مثل ( ألستوم / ميشلان / فيوليا / سيتروين أو لافارج ) .

زر الذهاب إلى الأعلى