تحقيقات و تقاريرعاجل

“ملكة الدرونات” الأمريكية و”خرداد” الإيراني.. تعرف عليهما

توجهت الأنظار نحو سماء الخليج العربي وتحديداً بالقرب من مضيق هرمز الاستراتيجي، يوم الخميس الماضي، بعد أن أعلن الحرس الثوري إسقاط طائرة دون طيار أمريكية زعم أنها اخترقت المجال الجوي الإيراني، في خطوة أججت احتمالية وقوع حرب بين واشنطن وطهران، على وقع التصعيدات التي تشهدها المنطقة مؤخراً.

وكانت أعلنت وكالة “أنباء فارس” الإيرانية أن قوات الدفاع الجوي الإيرانية، أسقطت طائرة تجسس أمريكية درون من طراز “غلوبال هوك”، بنيران منظومة “خرداد 3” الصاروخية.
وعلى الرغم من نفي الجيش الأمريكي أن تكون إحدى طائراته دون طيار حلقت في السماء الإيرانية، إلا أنه أكد لاحقاً أن طائرة استطلاع تابعة للبحرية الأمريكية أُسقطت بصاروخ إيراني أرض جو فوق مضيق هرمز.
وكشفت طهران عن سلاحها المستخدم في إسقاط الطائرة الأمريكية، حيث أكدت أن عملية الإسقاط جرت من خلال منظومة “3 خرداد” الإيرانية، والتي بإمكانها الاشتباك مع أي هدف على ارتفاع 27 كيلومتراً ومدى 75 كيلومتراً.
 
“خرداد 3”
ووفق وسائل إعلام إيرانية، فإن “سوم خرداد” التي كشف عنها الستار لأول مرة عام 2014، هي منظومة دفاع جوي صنعت محلياً في مركز الأبحاث الدفاعية الرادارية للحرس الثوري، وذات قدرة تحرك عالية، مُحملة برادار متطور ما يمكنها من اعتراض 4 أهداف في آن واحد بجانب إطلاقها 8 صواريخ من طراز “طائر”.
ومن مهاماتها الرئيسية، التصدي لأنواع الطائرات التكتيكية والاستراتيجية والمقاتلات وقاذفات القنابل وصواريخ كروز، ولديها قدرة على إسقاط الطائرات، وحتى خلال حروب إلكترونية، فإن نظامها الدفاعي لا يتأثر، بحسب الجانب الإيراني.
وقارن مراقبون بين قدرات منظومة “خرداد 3” وصواريخ “إس 300” الروسية الصنع، مرجحين قيام طهران باستنساخها نظراً لتاريخها الأسود في تقليد الأسلحة الأجنبية، باستثناء المدى، إلا أن طهران تزعم أنها تعمل على تطويرها من هذا الجانب، حيث أفاد مسؤول في الحرس الثوري أن عملية تطوير المدى إلى 200 كيلومتر مازالت قيد التنفيذ.
وكانت إيران استنسخت بالفعل صواريخ إس آي 4 الروسية للدفاع الجوي، وصواريخ إس آي 2 الصينية والكورية الشمالية تحت اسم “صياد 1″، وفق وسائل إعلام غربية.

وتمتلك إيران عدة منظومات صاروخية محلية الصنع، حيث كشفت مطلع يونيو الجاري، في مراسم حافلة، عن نظام دفاع “خرداد 15″، المحلي الصنع، والمجهز بنظام رادار إيجابي يمكنه من رصد مقاتلات وأهداف شبحية وصواريخ كروز.
ويمكن لهذه المنظومة رصد المقاتلات والطائرات دون طيار من بعد 150 كم وتتبعها حتى 120 كم، ورصد الأهداف الخفية على بعد 85 كم، واستهدافها على بعد 45 كم.

 
عضلات إيرانية فارغة
وعلى الرغم من محاولات إيران الاستعراض بعضلاتها الصاروخية، إلا أن تقارير غربية، كشفت أخيراً أن طهران قد تواجه مشاكل حرجة في حال قررت الانخراط في الحرب، مع تصاعد الأزمة في المنطقة إثر هجمات استفزازية استهدفت ناقلات نفط قبالة سواحل الإمارات، ما استدعى واشنطن لاتخاذ خطوات في التصعيد شملت إرسال تعزيزات عسكرية وشن عقوبات جديدة.
ويقول تقرير لموقع “هيل”، إن على الرغم من أن إيران لديها قوة عسكرية كبرى نسبياً من حيث الأعداد الهائلة من الرجال والأسلحة، إلا أن معظم قواتها غير مجهزة تجهيزاً جيداً، حيث أنها لا تزال تستخدم أنظمة أسلحة رئيسية ترجع إلى سبعينيات القرن الماضي.
فقط خلال السنوات الأخيرة، بدأت طهران في تحديث دفاعاتها الأرضية إلى الجوية باستخدام مضادات S400، وبدأت قواتها الصاروخية الباليستية والصاروخية طويلة المدى في تطوير مستويات الدقة التي يمكن أن تجعلها دقيقة بما يكفي لتكون قاتلة ضد الأهداف.
من جانب آخر، تواجه إيران قدرات متفوقة جداً من قبل الولايات المتحدة والخليج، وبحسب الصحيفة، لدى طهران قدرة محدودة على دعم المناورة بعيدة المدى، في حين أن سفنها الرئيسية وغواصاتها لا يمكنها الصمود في مواجهة كبيرة مع البحرية الأمريكية.

 
“ملكة الدرونات”
أما بالنسبة لطائرة التجسس الأمريكية التي أُسقطت، فهي من طراز “غلوبال هوك تريتون” (MQ-4C Triton)، وتعتبر أكبر طائرة دون طيار في العالم، وبحجم طائرة تجارية صغيرة، حسب ما صرح مسؤول في البنتاغون لشبكة “سي أن أن” الإخبارية.
ويبلغ طول الطائرة التي كشف عنها لأول مرة في عام 2012، ونفذت عمليات للمرة الأولى في عام 2018، نحو 14.5 متراً، فيما يصل طول الجناحين إلى 40 متراً، ويبلغ ارتفاعها 4.7 أمتار، وتزن نحو 7 أطنان، وتصل سرعتها إلى 357 ميلاً في الساعة.
ويمكن لهذه الطائرة التجسسية خلال تحليق واحد، على قطع مسافة تتجاوز 25 ألف كم، بما يمنحها لقب “ملكة الدرونات”.
ومن مهماتها الطلعات الاستطلاعية، وأنشطة الاستخبارات والتجسس فوق المحيطات والمناطق الساحلية، على بعد 100 كم بغض النظر عن الظروف الجوية.
وتستطيع التحليق لأكثر من 24 ساعة متواصلة، وقطع مسافة تتجاوز 25 ألف كم، بما يمنحها لقب “ملكة الدرونات”، ويمكن تزويدها بصواريخ جو أرض، وهي قادرة على استهداف وحدات بحرية أيضاً.
كما يمكنها بفضل بمستشعراتها، الكشف عن الأهداف وتصنيفها من مدى بعيد باستخدام الأشعة فوق الحمراء والمسح الكهربائي الضوئي، ليصل إلى درجة 360، في دائرة نصف قطرها أكثر من 2000 ميل بحري، بحسب وسائل إعلام أمريكية.
ويصعب إسقاط الطائرة الأمريكية “أم كيو 4 سي” التي تستطيع التحليق على ارتفاع 56 ألف قدم، وقد تصل تكلفتها إلى نحو 140 مليون دولار أمريكي، إلا من خلال نظام “إس 300” الروسي، والذي استنسخته إيران.
وبحسب تقرير لروسيا اليوم، فيملك الجيش الأمريكي، 33 طائرة على الأقل من هذا الطراز، كما تؤدي “غلوبال هوك” أيضاً الخدمة في القوات المسلحة الألمانية والأسترالية والكورية الجنوبية، وفي قوات الناتو، وتسعى لاقتنائها كندا واليابان وإسبانيا ونيوزيلندا.
 
سلسلة تصعيدات
وتأتي حادثة إسقاط الطائرة الأمريكية ضمن سلسلة تصعيدات أمريكية إيرانية كان آخرها الهجمات العدائية للحرس الثوري الإيراني على ناقلتي نفط في خليج عمان، والتي أكد الجيش الأمريكي مسؤولية طهران عنها.
ويرى بعض الخبراء أن الهجمات العدائية الإرهابية التي تنفذها طهران بين الحين والآخر في بحر الخليج العربي، ما هي إلا إشارة على نفاد صبر النظام الملالي المتزايد أمام العقوبات الاقتصادية الأمريكية المتجددة وخاصة بعد انسحاب إدارة ترامب من جانب واحد من الاتفاق النووي عام 2018.
زر الذهاب إلى الأعلى