وسط ممر شرفى وزفة، انطلقت 600 سيدة من حفظة القرآن الكريم في صفوف، مرتدين التيجان وأبهى الثياب والأوشحة، في احتفالية ضخمة اصطف فيها أهالى قرية طموة التابعة لمركز ومدينة أبو النمرس في محافظة الجيزة بكبارهم وصغارهم ابتهاجًا بموكب حفظة القرآن.
مشهد بهي لفت الأنظار، فهذه كانت المرة الأولى من نوعها الذي ينظم فيها احتفالية خاصة بالسيدات والأمهات اللاتي يحفظن القرآن الكريم وأتممن الحفظ كاملا بعد اجتيازهم جلسات تسميع استمرت لما يقرب الشهر، لدعمهن في مواصلة مسيرة حمل لواء كتاب الله وكلماته في قلوبهم.
يقول الشيخ محمود عبد السلام محمود القائم على الاحتفالية: تنظيم احتفالية لتكريم المتفوقين من حفظة القرآن الكريم ليس بجديد على قرية طموه، فقد اعتادنا منذ أكثر من 4 سنوات على تنظيم احتفالية كبيرة يحضر فيها كل أهالي القرية لتكريم حفظة القرآن الكريم من الشباب والأطفال؛ لمكافأتهم على الالتزام بالحفظ وتشجيعهم على الاستمرارية.
وتابع الشيخ محمود حديثه لـ”اليوم السابع”، قائلا: أردنا أن نميز سيدات القرية الحافظات للقرآن الكريم، ونقيم لهن حفلا خاصا يكافئهن على اجتهادهن وتميزهن في الحفظ إلى جانب اهتمامهن بواجباتهن الأسرية، فنظمنا ممرا شرفيا وموكبا لـ500 سيدة و100 طالبة من حفظة القرآن الكريم طافت الشوارع وصولا لمكان الحفل، مرتدين أبهى الثياب والأوشحة ومرددين الآيات القرآنية وبعض الابتهالات والأناشيد الدينية، وذلك بحضور جميع أهالي القرية من الكبار والشباب والأطفال.
وأضاف: الدار تستقبل الأطفال من عمر 4 سنوات، ويتم تعليمهم القراءات المختلفة والتجويد حتى يتقنون مخارج الألفاظ والنطق السليم وآليات الحفظ والتسميع الصحيحة، وذلك تحت إشراف متخصصين من أهل العلم وتحت إشراف الأزهر الشريف، مؤكدا أن الدار تحتفل سنويا بحفظة كتاب الله، ليكونوا قدوة حسنة لغيرهم من الشباب والأطفال، فننظم مسابقة سنويا على مدار شهر، يتم خلالها اختبار المنضمين لها في أحكام التجويد والتلاوة ومن ثم الحفظ، فضلا عن الانضباط الأخلاقي والتفوق العلمي.
وقال: أردنا أن نعيد أمجاد الكتاتيب وما كانت تقوم به من دور فعّال في تنشئة الأجيال وحثهم على تلاوة وحفظ القرآن، فمع مرور السنين بدأ يختفى دور الكتاتيب والمعاهد الدينية، وما كانت خطواتنا نحو تأسيس معهد ديني لتحفيظ القرآن وتعليم أحكام وأسس تلاوته إلا لاسترجاع الكتاتيب وإتاحة الفرصة لأطفال قرية طموه والقرى المجاورة كالمنوات ومنيل شيحة ومدينة الحوامدية لحث أبنائهم من مختلف المراحل العمرية على حفظ القرآن الكريم.
وتابع: اعتمدنا على الأساليب التحفيزية والتشجيعية مع التعليم والتحفيظ، وذلك من خلال مكافأة المتفوقين عينيا وماديا، والمواظبة على إقامة حفل كبير سنويا لتكريم المتفوقين من الصبية والفتيات في التلاوة والحفظ؛ تقديرا لهم على مجهودهم طوال العام الدراسي والتزامهم واهتمامهم بالحفظ إلى جانب تفوقهم الدراسي.
وأشار أن أول حفل تم تنظيمة لحفظة القرآن الكريم كان في عام 2018، شهد تكريم ما يقرب من 60 طفل وطفلة من الخاتمين للقرآن والحافظين لبعض أجزاءه، أما الحفلة الثانية فتم تنظيمها في العام التالي وشهدت تكريم 600 طالب وطالبة من المتفوقين في التلاوة والحفظ، وفي عام 2020 نظم المعهد حفل كبير كُرم فيه 1200 طالب وطالبة من مختلف المراحل العمرية، منوها إلى أنهم قرروا في العام الحالي إقامة حفلتين كبيرتين واحدة منهم للسيدات والأمهات فقط وذلك بعد أن ازداد عدد الحافظات منهم للقرآن، إلى جانب الحفل الأساسي الذي ينظم لتكريم الطلبة والطالبات والمقرر إقامته قبل شهر رمضان الكريم.
وقال: بدأنا منذ عام تقريبا فتح المجال لكبار السن من المتعلمين وغير المتعلمين للانضمام إلى المعهد لتعلم تلاوة وحفظ القرآن الكريم وأحكام تجويده، مشيرا أن الأمر لم يعد مقتصرا على الأطفال فقط، بل يوجد الكثيرات من المسنات الأميات واللاتي تصل أعمارهن لـ70 عام يواظبون على تعلم القراءة والحفظ عن طريق السمع، مؤكدا أن أهالي القرية بكبارهم وصغارهم يتسابقون الآن لحفظ القرآن وختمه، بل والمشاركة في مسابقة الحفظ والتي أصبحت تمثل لهم عرسا دينيا يجمعهم سنويا قبل حلول شهر رمضان الكريم.