موصليون يبحثون عن جثث أقاربهم في المدينة القديمة
84 إعجاب – 54 تعليق A A عراقيون في شارع مدمر غرب الموصل أول من أمس (أ.ف.ب) على أبواب الموصل القديمة التي دمرتها المعارك، يقف عبد الرزاق سلمان ويعرف أنه فقد كل شيء، إلا أنه ما زال لديه شيء من الأمل في العثور على جثث أقاربه الذين قتلوا بتفجير منزلهم.
يقول سلمان، وهو كردي، أثناء جلوسه وسط الأنقاض على أحد أرصفة المدينة القديمة: «كان لدي متجر صغير، عملت بكد مذ كنت في العاشرة لبناء بيتي، ولم يبق منه إلا كومة أحجار».
وحسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية، فإنه رغم إعلان السلطات العراقية الاثنين تحقيق «النصر» على تنظيم داعش في الموصل، فإن من شبه المستحيل حتى الآن الوصول إلى المدينة القديمة، حيث لا تزال عمليات التمشيط وإزالة الألغام مستمرة. رغم ذلك، فإن بعض السكان الذين فروا من المعارك في المدينة القديمة، أقدم الأحياء في الجانب الغربي من مدينة الموصل، يريد تخطي الحواجز للدخول إلى المدينة، دون جدوى.
وكان سلمان قد فر مع زوجته وأطفاله الستة، ولجأوا إلى منزل أقارب لهم في محافظة دهوك الواقعة في إقليم كردستان، وها هو يعود اليوم إلى الموصل للبحث عن جثث خمسة من أقاربه، بينها جثة والده (90 عاما) ووالدته (70 عاما) وشقيقه الأصغر (22 عاما). ويذكر أنه «تم إجلاء جثتين والبحث متواصل عن الجثث الأخرى»، مشيرا إلى أن الدخول ممنوع، ولكنه يستعين بأحد أصدقائه العاملين في البلدية للقيام بالبحث. ويوضح الرجل الأربعيني أن «صاروخا سقط على منزل جاري ما أدى إلى مقتله وجميع أفراد العائلة، كما قتلت والدة صديقي».
انهمرت دموع سلمان وهو يتحدث عن ابنه البالغ ثلاث سنوات، قائلا: «لقد أصبح عدوانيا، فقد شاهد أمواتا. عندما تتحدث إليه أخته الكبيرة لتطلب منه شيئا لا يرغب فيه، يضربها بأي شيء يجده أمامه». ويتابع: «أخاف أن يصبح جميع هؤلاء الأطفال مجرمين عندما يكبرون».
في غضون ذلك، تخرق أصوات عجلات مدرعة تتنقل بسرعة كبيرة، سكون الموت الذي يسود المكان. يمر موكب عجلات عسكرية لقوات الحشد الشعبي للخروج من الحي، فيما تتعالى أصوات أناشيد وطنية عبر مكبرات صوت.
يقول سلمان بحزن واضح: «في البداية، كان لدي أمل في العودة، لكن الآن لا أفكر في ذلك أبدا»، متسائلا: «لماذا يجب أن أعود؟ الذكريات الجميلة؟ لرؤية كل هذا البؤس؟».
في هذه الأثناء، يقاطعه جاره قاسم جاسم الذي جاء من شرق الموصل مع اثنين من أعمامه، على أمل الدخول إلى المدينة القديمة، متسائلا: «هل نستطيع العبور؟». ويذكر جاسم الذي فر مع شقيقه نهاية شهر مايو (أيار)، من المدينة القديمة حيث فقد أربعة من أبناء إخوته وأخواته أن «قناصا (من المتشددين) أصابهم عندما كنا نركض» هاربين من هناك.
يعيش جاسم وعائلته على أمل العودة للعيش في المدينة القديمة، فيما فر مئات آلاف المدنيين هربا من المعارك التي بدأت في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وباتت غالبية مناطق المدينة اليوم «مدمرة بشكل كامل تقريبا»، وفقا للأمم المتحدة.
يقول علي محسن، وهو أحد أعمام جاسم، إن «منازلنا دُمرت، لكننا نريد أن نبقى هناك». ويضيف: «نستأجر حاليا شققا، وهي مرتفعة الثمن. إلى متى نبقى في المنفى؟». ويتابع محسن، وهو أب لثلاثة أطفال: «نحن هناك (في شرق الموصل)، لكن أرواحنا هنا».
بدوره، يحاول أحمد (26 عاما) في وقت لاحق الدخول إلى المدينة القديمة للبحث عن جثث أقربائه، لكن دون جدوى. وقبل أسبوع، استطاعت شقيقتاه الهرب من منزلهما، قبل أن يستهدف بضربة جوية. ويذكر الشاب الذي كان مهتما بمظهره وبدا شعره مصففا: «فقدنا إحدى أخواتي وزوجها وأبناءهما». ويضيف بحسرة: «ليس لدينا مستقبل في العراق، خصوصا للشباب، الجميع يريد الموت ولا رغبة لديه في الحياة». العراق