شارك الرئيس عبد الفتاح السيسي مساء اليوم في الجلسة الختامية للمؤتمر الدوري الأول للشباب، حيث قام بتكريم عدد من الشباب الذين تميزوا في مجالات مختلفة.
وقد طلب الرئيس من الحضور الوقوف دقيقة تحيةً وتقديرًا لشعب مصر العظيم في ضوء ما تحمله خلال الفترة الماضية من ظروف صعبة وحفاظه على مصر من الضياع، وما أبداه من عزة وكرامة وكبرياء بلا كبر.
كما ألقى كلمة فيما يلي نصها:
” بسم الله الرحمن الرحيم
السيدات والسادة.. الحضور في هذا الجمع الكريم
بناتى وأبنائى.. شباب مصر العظيم
اسمحوا لى في مستهل حديثى إلى هذا الجمع الكريم، والذي يضم كوكبة من رموز الدولة وشبابها من مختلف أطياف المجتمع المصرى أن أطلب منكم أن نقف جميعا تحية وتقديرا لشعب مصر العظيم المثابر الواعى، الذي أثبت بلا أدنى شك أنه شعب عبقرى وصانع للحضارة وقادر على الصمود ومواجهة التحدى.
السيدات والسادة..
أتحدث إليكم وأنتم تمثلون مختلف أطياف ورموز المجتمع المصرى وممثلى مؤسساته المختلفة وفى نهاية يوم ذى طابع مصرى منفرد مارسنا خلاله فضيلة الحوار، تناقشنا واستمعنا لبعضنا البعض وتبادلنا الرؤى بكل شفافية وفى إطار من الوطنية من أجل تحقيق الغايات العليا لمصرنا الحبيبة التي تجمعنا على العمل من أجلها بكل تجرد وإخلاص وكان شبابنا هم درة اليوم كما عهدناهم دائما ممتلئين حماسة ونقاء.
إننى لا أذيع سرا إن أعلنتها لكم بأننى أكون في منتهى السعادة وأنا وسط أبنائى وبناتى شباب مصر أملها ومستقبلها، استمع إليهم وأدون ما يقترحونه من ملاحظات وتوصيات.
وأؤكد لكم جميعا أننا حققنا مكتسبا هاما بهذا الملتقى الجامع للحوار والذي كان من أهم نتائج المؤتمر الوطني الأول للشباب، والذي انعقــد بمدينة شرم الشيخ في نهاية شهر أكتوبر الماضى.
وقد كانـت هـذه الصيغة الحوارية الناشطة والفعالة نجاحا للدولة المصريـة، والتي نسعى بإرادة حقيقية للارتقاء بأداء مؤسساتها في إطار من المدنية والديمقراطية الحديثة.
السيدات والسادة.. شبابنا الوطني المتحمس:
لا يخفى على أحد حجم التحديات التي يواجهها الوطن على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والمجتمعية، فها نحن نواجه جماعات إرهابية ظلامية تسعى إلى خراب وتدمير الوطن وترتبط أيديولوجيا وماديا بقوى خارجية تسعى لبث الفوضى والعنف إقليميا من خلال دعمها للتنظيمات الإرهابيـة فـى عدد من الدول المجاورة والتي تعانى من حالات اضطراب يسعى البعض لأن تطـــول مصرنا العزيـزة وأيضا نواجه فسادا يحاول أن يعرقل كل جهود التنمية والتطوير ونحن عازمون بمشيئة الله ومن خلال إستراتيجية منظمة للمضى قدما نحو القضاء على مسبباته من خلال تكثيف جهود الأجهزة الرقابية، وكذلك من خلال توسيع نطـاق الاعتماد على التكنولوجيا الحديثة وتطوير المنظومة التشريعية والقانونيـة.
ونواجه أيضا تحديات اقتصادية ضخمة نتجت عن مسببات عديـدة تراكمت على مدى عقود وأدت إلى ارتفاع حجم الديـن العام وازدياد مطرد في عجز الموازنة وانخفاض الناتج القومى وتراجع حجم الصادرات إلى الخارج وانكماش قاعدة الإنتاج الصناعى والزراعى وتراجع في القطاع السياحى، ولذلك كانت المواجهة حتمية تفرضها علينا المسئولية السياسية والضمير الوطنى والتجرد مــن أيـة اعتبارات إلا اعتبارات الصالح العام ومستقبــل أبنـاء الوطـــن.
وبناء على ما سبق فقد اتخذنا حزمة مـــن الإجــراءات الإصلاحية فـى مجــال الاقتصــاد تسعى إلى تحسين المؤشـرات الاقتصـادية وتحفيز مناخ الاستثمار وتهيئة البنية التحتية للدولة كى تكون مركـزا اقتصاديـا إقليميا وبما تنعكس آثاره إيجابيا على مستوى معيشة المواطن وعلى جودة الخدمات المقدمة إليه.
ولأن العهد معكم كــان الصدق والشفافيــة فإننى أقـول لكم بكل صدق إن إجراءات الإصلاح الاقتصادى الأخيرة كانت تستلزم من القائمين على أمر هذا الوطــن قدرا من الشجاعة لاتخاذها، خاصة فـى ظل وجــــود بعـــض الآثار السلبية على المواطن. والحق أقول أيضا إن معاناة المصريين أمر لا يمكن تجاهله أو إغفالـــه. ولذا فقد كانت توجيهاتى للحكومة بضرورة اتخاذ مجموعة من إجراءات الحماية الاجتماعية بالتوازى مع إجراءات الإصلاح الاقتصادى، بحيث تضمن تخفيف حجم الآثار المجتمعية السلبية التي قد تعانى منها الطبقات الاجتماعية الأكثر تعرضا لمخاطر الإصلاح من الطبقتين الفقــيرة والمتوسطــة.
ومن هنا.. أخاطب أبناء الشعب المصرى العظيم العبقري، مؤكدا لهم أن ما دفعنى إلى السعى لحل هذه المعضلة هو هدفى الذي لا أحيد عنه بأن أرى هذا الوطن عظيما يليق بكم وبتضحياتكم، ولم أكن يوما أسعى إلى حصاد شعبية أو الحصول على تقدير، بقدر ما كان شاغلى وهمى الأول هو أن نقتحم مشكلاتنا المتراكمة وحلها بما يمليه علينا الواقع والضمير.
وأظنكم – وظنى بكم يقين – بأنكم ستكونون على قدر المسئولية مثلما كنتم دائما واعين بما يحيق بالوطن من مخاطر وما يواجهه من مشكلات.
السيدات والسادة.. الحضور الكريم
لقد كان خط السياسة المصرية وثوابتها واضحا جليا للعالم كله منذ أن وليتمونى المسئولية، وهو أن علاقات مصر بكل دول العالم بصفة عامة ودول الجوار الإقليمى بصفة خاصة هي علاقات قائمة على الاحتــرام وتبــــادل المصالح وعدم التدخل في الشئون المصرية الداخلية أو قيام مصر بالتدخل فــى الشئون الداخلية لأى دولة أيا ما كانت.
وكانت هذه المبادئ الحاكمة سر النجاحات المتحققة في ملف السياسة الخارجية المصرية، والذي أعاد لمصر مكانتها السياسية إقليميا ودوليا، وأصبح صوت مصر وشعبها مسموعا في كل العالم.
ولتعزيز هذه المكانة فإننى أؤكد للجميع داخل وخارج هذه القاعة بأن مصر الجديدة هي دولة مستقلة تحقق إرادتها السياسية النابعة من إرادة شعبها الحر وتؤمن بأن أحلامها ستصنع – فقط – بأيدى أبنائها // كما ستظل مصر تؤدى دورها التاريخى تجاه أشقائها العرب مؤمنة بأن الأمن العربى هو جزء لا يتجزأ من الأمن القومى المصرى، وفى إطار من الشراكة الإستراتيجية
والاحترام المتبادل.
كما أن مصر تطمح إلى تعزيز علاقاتها مع كافة القوى الدولية، ولاسيما الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا الاتحادية والصين والاتحاد الأوروبي، وتنمية حجم التبادل التجارى وجذب الاستثمارات من كافة دول العالـم.بناتى وأبنائى – شباب مصر.. أوجه حديثى إليكم مباشرة ودون وسيط، فليس بينى وبين شباب مصر وسطاء
إنكم في طليعة اهتمام الدولة المصرية أنتم الأمل في صناعة الحاضر
وأيقونـــــــة المستقـــــــــبل الواعــــــــــد للوطـن.
إن ما يتم على أرض مصر من إنجازات هو لكم ولمستقبلكم وبعزيمتكم نصنع سويا تاريخا مضافا لتاريخ أمتنا العظيم.
إن توسيع نطاق مشاركتكم في العمل العام فرض علينا وتهيئة المناخ اللازم لانطلاقكم
واجب تحتمه التركيبة الديموغرافية المصرية، والتي جعلت من أمتنا أمة شابة حقيقية. ولأننى على يقين بأن قضايا الشباب
وطموحاته هي التي تشكل رؤية المستقبل
وتصنع هوية الأمة. فقد وضعت قضايا الشباب على رأس أولويات العمل الوطــنى، ويأتى في مقدمتها قضايا التعليم والصحة والبطالة، والمشاركة السياسيــة وتجديــد الخطاب الدينى والثقافى.
وأؤكد لكم أننا نمتلك الإرادة السياسية والعزيمة الوطنية على اقتحام هذه الملفات والقضايا والعمل على إيجاد صيغ وحلول لها تتناسب مع آمالكم وأحلامكم. ولعل هذا الجمع شاهد على إرادتنا لضمان
استمرار قنوات الاتصال بين الدولة وشبابها بشكل فاعل وحقيقى. كما أن المصداقية التي حققتها سرعة تنفيذ توصيات مؤتمر شرم الشيخ تعد بمثابة دلالة أخرى على صدق سعينا نحو تحقيق
آمال وطموحات شبابنا.ولقد تابعت بنفسى كافة التوصيات الصادرة عن هذا المؤتمر، حيث استخدمت سلطاتى الدستورية فــى إصدار عفو عن عدد من الشباب المحبوسين كدفعة أولى تليها دفعات أخرى. وقد التقيت باللجنة المشكلة لفحص حالات المحبوسين واطلعت على جهودهم المبذولة فــى هذا الشأن.
كما استضافت رئاسة الجمهورية عددا من الاجتماعات لمبادرة العمل التطوعى لشباب الأحزاب السياسية للقضاء على الأمية، حيث شكلت مجموعة عمل تضم مجموعة من الوزارات المعنية لتفعيل هذه المبادرة وتحقيق نتائج ملموسة لها. وفى إطار بحث تعديلات القانون 107 لسنة 2013 والخاص بتنظيم الحق في التظاهر والتجمعات العامة وعلى ضوء الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا، فقد اطلعت على المقترحات المقدمة من المجلس القومى لحقوق الإنسان والأحزاب السياسية وشباب البرلمان ووجهت الحكومة بسرعة تقديم مشروع لتعديل قانون التظاهر إلى مجلس النواب خلال خمسة عشر يومًا كما تم تشكيل مجموعة عمل برئاسة الجمهورية من عدد من المتخصصين وأساتذة الجامعات لبحث سبل الاستفادة من التجارب الدولية فـى مجال تدريب وتأهيل الشباب لإنشاء هيئة وطنية للتدريب تكون بمثابة وعاء لتجميع الكفاءات الشبابية وضخ دماء جديدة فــى أوصال قطاعات الدولة.
وأيضا تم الانتهاء من تدريب عدد خمسمائه شاب من الدفعة الأولى من البرنامج الرئاسى لتأهيل الشباب على القيادة وجار حاليا الانتهاء من موقف توزيعهم للعمل في قطاعات الدولة المختلفة.
ويتوالى تدريب الدفعات المتتالية من هذا البرنامج لتكون بمثابة نواة لقاعدة شبابية من الكوادر القادرة على القيادة من خلال تأهيل علمى راق وحديث.
شباب مصر العظيم،
أدعوكم إلى مزيد من العمل والاجتهاد من أجل تحقيق أحلامكم اصنعوا الأمل بالعمل واخلقوا مساحات مشتركة على أرض الوطن
بعيدا عن مناطق الاختلاف والصراع
حولوا حماسكم إلى قيمة حضارية مضافة لما
صنعه الآباء والأجداد من أجلنا.
اجعلوا العلم والعمل بتجرد وإخلاص من أجل الوطن هو دستوركم اجعلوا مصر هي الهدف وعزتها وكرامتها هي الغاية وثقتى في حماسكم وطهارتكم ونقائكم بلا حدود وبقوة وعزيمة الشباب ستحيا مصر.
السيدات والسادة..
في نهاية جمعنا الكريم ونتيجة لما استمعت إليه من مناقشات ورؤى مختلفة، فلقد قررت الآتــى:
أولا: تكليف الحكومة بإعداد مشروع لتعديلات قانون التظاهر على ضوء الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا، مع الوضع في الاعتبار المقترحات المقدمة من المجلس القومى لحقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدنى والأحزاب، على أن تنتهى الحكومة من تنفيذ ذلك خلال خمسة عشر يوما.
ثانيا: التوجه بالطلب إلى مجلس النواب بإعادة مناقشة قانون الجمعيات الأهلية بما يتناسب مع طبيعة عملها ودون الإخلال بالدستور واعتبارات الأمن القومي.
ثالثا: استمرار عمل اللجان المشكلة لبحث حالات الشباب المحبوسين وكذا مبادرات العمل التطوعي والحوار المجتمعى لبحث قضايا التعليم والخطاب الديني”.