شارك المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء فى فعاليات القمة العربية رقم 27 المنعقدة حاليا فى العاصمة الموريتانية نواكشوط، بتكليف من الرئيس عبد الفتاح السيسي، ويحضر معه القمة وزير الخارجية سامح شكري، وألقى خلالها كلمة نيابة عن رئيس الجمهورية جاء نصها : ” بسم الله الرحمن الرحيم.. أصحاب الجلالة والفخامة والسمو والمعالى، معالى السيد أمين عام جامعة الدول العربية، الضيوف الكرام، الحضور الكريم.. يسعدنى فى بداية حديثى أمامكم اليوم، أن أنقل إليكم تحيات وتقدير فخامة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيس جمهورية مصر العربية، الذى كان يتطلع للمشاركة فى فعاليات هذه القمة، كما أنقل إليكم، خالص أمنياته لهذا الاجتماع بالنجاح، وتحقيق كل ما تصبو إليه الأمة العربية من استقرار وعزة وتقدم .
ويشرفنى أن ألقى على حضراتكم البيان التالى، نيابة عن فخامته :” أصحاب الجلالة والفخامة والسمو والمعالى، .. معالى السيد أمين عام جامعة الدول العربية، ..الضيوف الكرام، …الحضور الكريم، ..يسعدنى فى بداية حديثى أمام جمعكم الموقر اليوم، أن أنقل إليكم تقدير ومودة أبناء الشعب المصري/ هذا الشعب الأبى العظيم الذى طالما شكل فخره بانتمائه إلى أمته العربية، أحد أهم مكونات هويته الوطنية والثقافية، حيث بذل على مدى تاريخه كل غال ونفيس من أجل تحقيق استقلالها، وصون كرامتها، والحفاظ على مقدرات شعوبها الشقيقة وحقوقها، إيماناً منه بوحدة الهدف والمصير بين الأشقاء من المحيط إلى الخليج. كما يطيب لى فى افتتاح أعمال مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة فى دورته السابعة والعشرين، أن أتقدم بخالص الشكر والتقدير للجمهورية الإسلامية الموريتانية الشقيقة، ولأخى صاحب الفخامة الرئيس محمد ولد عبد العزيز، على حسن تنظيم فعاليات القمة، والجهد الكبير الذى بُذل حرصاً من فخامته على عقدها فى نواكشوط/ ولما لمسه الجميع من كرم الضيافة وحفاوة الاستقبال، وهو أمر ليس غريباً على شعب موريتانيا الشقيق. ولا يفوتنى فى هذه المناسبة، أن أقدم أسمى آيات الشكر والامتنان للدكتور نبيل العربى، الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية على ما قدمه من عطاء خلال فترة ولايته . والتهنئة كذلك واجبة للسيد أحمد أبو الغيط، الأمين العام الجديد للجامعة، على الثقة الكبيرة التى حظى بها من بين الدول الأعضاء/ إذ عهدت إليه بالإجماع بمسؤولية منصب الأمين العام، ثقة من الدول الأعضاء فى أن مسيرته وتجربته الدبلوماسية الحافلة وخبرته الواسعة، ستكون له خير عون فى أداء مهمته . وإننا إذ ندعو له بالتوفيق فى مهمته، فإننا نؤكد مجدداً التزام مصر الذى لا يفتر، بتقديم كل الدعم والمساندة لبيت العرب، جامعة الدول العربية، وبما يمكنها من الاضطلاع بدورها الأساسى فى تنمية وتعزيز روابط التكامل والتضامن العربي. واوضح فى كلمته أن مصر تولت رئاسة القمة العربية، خلال ما يزيد على العام/ تركزت فيه جهودنا بشكل عام على تعزيز آليات العمل العربى المشترك/ فى المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، إيماناً بأن التكامل العربى الفعال لم يعد ترفاً /وإنما قد أضحى ضرورة ملحة إذا ما كان لهذه الأمة أن تترجم تطلعات أجيالها الصاعدة، إلى خطوات عملية /باتجاه بناء مستقبل مشرق طال انتظاره. وإدراكاً من مصر لمسؤوليتها، تجاه متطلبات الأمن القومى العربى، عبر استعادة الدور الصحيح للدولة ومؤسساتها فى المنطقة/ فى وقت تشهد فيه الساحة الإقليمية تحولات وتطورات استراتيجية عميقة، تمس أمن الأمة فى الصميم . فلقد حرصت مصر خلال فترة رئاستها للقمة، على توظيف علاقاتها المتوازنة وتحركاتها النشطة على الساحة الدولية، وتنسيق المواقف مع الدول العربية الشقيقة، بهدف التأثير الفعال فى التناول الدولى لقضايا عالمنا العربي. وانه فى هذا الإطار فقد عملت مصر أيضاً، منذ بداية العام الجارى بصفتها العضو العربى فى مجلس الأمن، على تحقيق نقلة نوعية فى تناول المجلس للشأن العربى /والمساهمة فى توحيد الرؤى والمواقف العربية، تجاه ما يطرح عليه من قضايا ومستجدات تمس المصالح العربية. واشار فى نص كلمته إلى أن الظرف التاريخى الدقيق الذى يشهده العالم العربى /يتطلب تكاتفنا جميعاً من أجل الحفاظ ليس فقط على مصالح دولنا، بل على تماسك مجتمعاتنا ووحدة شعوبنا، وحق أبنائها فى التطلع إلى اللحاق بركب الحضارة الإنسانية /والحصول على فوائد تطورها القيمى والتقنى المذهل خلال العقود الأخيرة، كما يتطلب منا السعى بصدق نحو بلورة رؤية واضحة لمعالجة مختلف التحديات، ووضع مبادئ متوافق عليها لإدارة ما تشهده منطقتنا من تحولات. إن نظرة سريعة على خريطة الأزمات الممتدة فى المنطقة وتداعياتها، لكفيلة بأن توضح بجلاء الدرجة غير المسبوقة /التى باتت شعوبنا تعانى بها من مآس يتألم لها الوجدان الإنساني…فكيف وصلنا إلى هذه المرحلة؟، ولماذا تحول الحلم العربى الذى ولد فى النصف الثانى من القرن العشرين لتحقيق الاستقلال الوطنى والتضامن من أجل تحقيق التنمية والتقدم والرخاء، إلى مشهد تُجاهد فيه بعض الدول العربية، إما للحفاظ على تماسكها فى مواجهة مخططات تهدف للعبث باستقرارها وأمنها وتوجهات مستقبلها، أو للدفاع عن مقدرات شعوبها أمام تدخلات خارجية سافرة/تبتغى إعمال الفرقة وإزكاء النعرات الطائفية والقبلية للقضاء على أى تصور لهوية وطنية، تقود مجتمعاتها إلى مستقبل يقوم على المواطنة والتكاتف بين أبناء الوطن الواحد، أو لمكافحة التطرف والإرهاب على أراضيها، وتقويضها لمؤسسات الدولة الوطنية، وما تجلبه معها من خوف وترويع ووحشية. واضاف” لا يخفى أن الإجابة الصريحة والصادقة على هذه التساؤلات/ تقتضى استخلاص عبر الماضى، ومحاولة الاستفادة من دروس تاريخنا القريب، فإننا نرى أن التصدى لهذه المهمة الشاقة ضرورة لا غنى عنها لبناء المستقبل .. وتتطلب منا هذه المهمة، أن نقف بصفة خاصة أمام المسارات التى أسهمت تراكمياً فى تكوين ملامح المشهد المضطرب، الذى تعانى منه حالياً الأمة على امتداد الخريطة العربية، وتأتى فى مقدمتها التحديات السياسية والاقتصادية، التى واجهتها بعض الدول العربية منذ نيل استقلالها، لبناء دولة وطنية حديثة وقوية قادرة على احتواء كافة أطياف المجتمع، بمختلف انتماءاتهم الطائفية والقبلية والأيديولوجية، وتُرسخ من قيم المواطنة والعدل وسيادة القانون والمساواة فى الحقوق والواجبات . ” ومن ثم فإن بناء الدولة ذات المؤسسات القوية القادرة على تحقيق التنمية المستدامة، والقائمة على تعزيز قيم المواطنة والعدل بين مواطنيها، بصرف النظر عن انتماءاتهم العرقية او الطائفية ورعاية مصالحهم، خيار لا غنى عنه لمستقبل الأمة .. كما تُعد التدخلات الخارجية فى الشأن العربى، أحد أهم العوامل التى ساهمت أكثر من غيرها على مدى عقود /فى تقويض البناء العربى، ويتعين علينا التنبه لها ومواجهتها، والعمل على تقوية الداخل العربى ليتمكن من مجابهة التحديات الإقليمية والدولية الراهنة. ويكون ذلك بالتواكب مع تصويب الخطاب الدينى /وتنقيته مما علق به من أفكار مغلوطة، تستغلها التنظيمات الإرهابية لاستقطاب عناصر جديدة إلى صفوفها، وذلك فى إطار استراتيجية شاملة لمكافحة التطرف والإرهاب. وقال رئيس الوزراء أن الصدق مع النفس واستخلاص عبر الماضى، على أهميته ومحوريته، لا يجب أن يصرفنا عن استشراف مسارات المستقبل الذى نبتغيه لشعوبنا وأمتنا، وعن رصد ما نملكه من مقومات النجاح ومن موارد بشرية وطبيعية /يمكننا الاستناد إليها فى مهمة تحقيق الرفاهية لدولنا. إلا أن المستقبل الذى نبتغى تحقيقه لشعوبنا، يتطلب فى المقام الأول تهيئة البيئة المناسبة لبنائه، والتى لن تتأتى دون التوصل إلى تسويات سياسية للأزمات التى تواجه عدداً من دوله، وفى مقدمتها القضية الفلسطينية /التى تحتفظ بأولوية متقدمة فى السياسة الخارجية المصرية/ والتى لا تدخر مصر جهداً من أجل تسويتها . وفى هذا الإطار جاءت جهودها الأخيرة، التى تحذر من عواقب تفاقم الأوضاع، وتؤكد على أهمية إحلال السلام العادل والشامل وآثاره الإيجابية على مستقبل المنطقة وأجيالها القادمة . كما تمثل الأوضاع فى كل من سوريا وليبيا قضيتين أساسيتين من قضايا العرب، ويتعين تسويتهما من خلال حلول سياسية تحقن دماء الشعبين الشقيقين وتصون مقدراتهما، وتحفظ كيان هاتين الدولتين الشقيقتين ومؤسساتهما الوطنية. وينطبق ذات الأمر على عدد من الدول العربية الشقيقة /سواء التى تواجه ظروفاً مشابهة، أو تلك التى تكافح الإرهاب وتجتهد من أجل ترسيخ مؤسساتها الوطنية. إن تأسيس مسارنا نحو مستقبل أفضل، لن تكون بأى حال من الأحوال مهمة سهلة أو يسيرة، فتراكمات الماضى ثقيلة وصعبة، ومعطيات الواقع الراهن معقدة ومتشعبة . ومع ذلك، فلا غنى اليوم عن التوافق على أطر ومبادئ لإعادة الاستقرار، وتسوية الصراعات والاضطرابات التى تعصف بمقدرات عالمنا العربى، وتهيئة الأجواء لعملية واسعة وطموحة لرأب الصدع/ وترميم بناء البيت العربى من الداخل، وبما يمهد الطريق أمام ميلاد ثان لمشروع التضامن العربى، الذى يظل المنطق الذى حكم ميلاده الأول سارياً حتى يومناً هذا، وهو أن قوتنا فى وحدتنا وتكاتفنا/بالاستناد إلى هوية مشتركة ومصالح متوافقة، وتطلعات شعوبنا/ وذلك لتتبوأ أمتنا العربية مكانها اللائق بين الأمم. وقال ” تبقى رسالة أرى أن ثمة أهمية بالغة لتوجيهها إلى القوى الإقليمية والدولية، التى تراقب المشهد الاستراتيجى الحالى فى المنطقة عن كثب، بل وتتداخل فيه مدفوعة بمصالحها واهتماماتها.
إننى أؤكد أن تهيئة الأجواء المواتية للانخراط فى حوار جاد، وفى عملية تشاورية وتوافقية، تستهدف إعادة الاستقرار إلى ربوع المنطقة، والحفاظ على مؤسسات دولها من خطر التفكك، ودعمها فى مساعيها للتقدم الاقتصادى والاجتماعى، لهى مسألة تتجاوز فى أهميتها المصلحة العربية المباشرة، وتتعداها بكل تأكيد إلى الحد الذى يمكن معه اعتبارها محوراً أساسياً، من محاور تحقيق السلم والأمن الدوليين، على المديين المتوسط والبعيد.
وبالتالي، فإن العالم فى أمس الحاجة إلى شرق أوسط آمن ومستقر/ خال من الصراعات، متجه نحو تحقيق طفرة تنموية واقتصادية، تمكن شعوبه من استحضار مخزونها الحضارى الوفير/ وتطوير إسهامات جديدة وعظيمة فى مسيرة الحضارة الإنسانية. ” أن الأمة العربية أمة فتية، ضاربة بجذورها الحضارية فى عمق التاريخ، مستقرة على أرض إقليمها منذ مئات السنين، وبعزم شبابها وبإرادة شعوبها، ستكون بإذن الله تعالى قادرة على مواصلة طريقها نحو الاستقرار والتقدم /والتنمية والرخاء. وفى هذا السياق، فإننى إذ أتحدث باسم الشعب المصري/ أتعهد أمامكم اليوم بأن مصر/ انطلاقاً من مسؤوليتها التاريخية أمام أمتها، لن تدخر جهداً للمساهمة فى تحقيق مزيدٍ من التضامن العربى، وتعزيز العمل العربى المشترك، تحقيقاً للتطور الحضارى الذى يقودنا نحو المستقبل المأمول. وختاماً، فإننى أعرب عن أملى، فى أن تنعقد القمة العربية المقبلة ومنطقتنا العربية أكثر أمناً واستقراراً، ودولنا العربية أكثر تقدماً ورخاءً، وشعوبنا العربية أكثر أماناً وإخاءً، ووحدتنا العربية أكثر قوة وتضامنا.ً
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته”.