في كتاب أصدره المجلس الأعلى للفنون تحت عنوان «وداعًا توفيق الحكيم» كتبت الدكتورة نعمات أحمد فؤاد مقالًا تصف فيه جنازة الأديب توفيق الحكيم قالت فيه:
“استقبلت الإسكندرية توفيق الحكيم وليدًا سنة 1902، وودعت القاهرة توفيق الحكيم كبيرًا جليلًا في 27 يوليو 1987، وبين اليومين، أو التاريخين، أصلت حياة خصبة موفورة العطاء؛ لأن موهبة ولدت يوم ميلاده”.
وأضافت: “ولد فنانًا، والفنان نسيج أمة بموروثاتها وسماتها وصفاتها حين يكون الإنسان العادي نفسه فقط، وحتى لو تولى أكبر المناصب.. ولهذا رأيت مصر الشعبية ومصر الرسمية في وداعه، لأنه بضعة من عطائها ووفائها وصبرها وقلمها وفكرها”.
وتابعت: “رأيت البسطاء خارج السرادق في شمس الظهيرة وقوفًا ينتظرون بدء السير في الجنازة، فلما بدأت التحموا بها في خبب يوفضون، لم يكن بين المشيعين ابن توفيق الحكيم، فوقف كثيرون يستقبلون المشيعين، ولكن توفيق الحكيم، كالعقاد وطه حسين ولطفي السيد، هم مَن هم في جمعٍ كثير، وكل مصري صاحب العزاء”.
وواصلت نعمات فؤاد في مقالها: “مع هذا وددت لو أرى جموعًا أكثر، وددت لو رأيت ممثل البلاد العربية، فقد رفع قلم توفيق الحكيم الأدب العربي إلى أفق العالمية بما ترجم من روائع توفيق الحكيم، وددت لو رأيت الجامعات المصرية، فكلنا تلاميذ الريادات العظيمة التي كان من حظنا أن عشنا في زمانها، وددت لو رأيت المرأة المصرية التي يجب أن تعيش نبض الأحداث”.
وأضافت: “أستطيع أن أقول، بل إني أوقن أن توفيق الحكيم لم يكره المرأة كما شاءت صُحفنا أن تصوره، بل أنه كان سارحًا عنها، لكن المرأة لم تغفل لحظة عن توفيق الحكيم.. قرأته متأدبة، وتصدت له ناقدة، وأخيرًا أسرته زوجة.. لكنه بدوره أسر الرجل والمرأة معه أديبًا، وحكيمًا، وفنانًا عزيزًا على الحياة والناس ما امتدت الحياة وجرى النيل”.
واختتمت مقالها قائلة: “أروع ما هزني في رحيل توفيق الحكيم وسط غمرة الحزن والألم هو لفه بعلم مصر، فقد كان علمًا ومعلمًا يندر وجوده.. كان علامة وهامة، وكان أديبًا ومفكرًا، وكان رائدًا، وكان مدرسة”.