تحقيقات و تقاريرعاجل

نمو اقتصادي في إيران يقضي على نظام الملالي

ليست الاحتجاجات التي اجتاحت مدناً إيرانية عدة، قبل أكثر من أسبوع، وتحولت إلى أعمال شغب ومصادمات بين مدنيين إيرانيين ورجال أمن وشرطة إيرانية، ما هي، برأي باتريك بوكانان، كاتب سياسي أمريكي، إلا جرس إنذار للنظام الإيراني برمته.

فمع أن قائد الحرس الثوري الإيراني، محمد على جعفري، أعلن عند خروج آلاف المؤيدين إلى شوارع طهران، أن” الفتنة قد انتهت”، رأى بوكانان في مجلة “كومنتري” أن القائد الإيراني يتجاهل حقيقة ثبتت عندما هتف محتجون بوجوب “إنهاء نظام الملالي في إيران”.

فقد هاجم المتظاهرون سياسات الرئيس الإيراني، حسن روحاني، الذي أعيد انتخابه في العام الماضي بنسبة 57 ٪ من أصوات الناخبين، وذلك لإخفاقه في تحقيق تقدم اقتصادي وعد به، عندما وقعت إيران على الصفقة النووية.

كما هوجم المرشد الأعلى، آية الله على خامنئي، ووصفه متظاهرون بـ ” الديكتاتور”، واستنكروا تدخلات إيران في حروب خارجية، في العراق وسوريا ولبنان واليمن.

فرق كبير

ويقول بوكانان إن انتفاضة عام 2009، التي خرج فيها ملايين في طهران من أبناء الطبقة المتوسطة الغاضبين من سرقة الرئيس الشعبوي محمود أحمدي نجاد انتخابات أجريت آنذاك، تختلف عن الانتفاضة الحالية. فقد بدأت احتجاجات اللأخيرة على أيدي أبناء الطبقة العاملة الذين رفعوا شعار” إيران أولاً”.

ويرى الكاتب أن المتظاهرين الإيرانيين هم أشبه بأمريكيين جمهوريين، وهم يطالبون بنسختهم من “عودوا إلى الوطن، و إيران أولاً”.

اتهامات

وتركزت انتقادات المتظاهرين لروحاني على فشله في تحقيق تنمية وتحسين ظروف المعيشة، كما وعد. وأما التهم التي وجهها إيرانيون ضد آية الله والملالي فقد تركزت على سيطرتهم على السلطة، وجني ثروات طائلة، فضلاً عن المشاركة في حروب خارجية، يرفضها معظم الإيرانيين.

الخطر الأكبر

وبحسب بوكانان، تشكل الاحتجاجات خطراً طويل الأجل على الجمهورية الإسلامية ذاتها. فإذا كانت الاحتجاجات بشأن حرمان الشعب من حريات وسلع ينعم بها الغرب، فإن المحتجين يطالبون بأشياء لا تستطيع السلطة الدينية توفيرها. إذ كيف لآية الله والملالي، الذين يقيدون الحريات باسم حكم إلهي، أن يقبلوا بممارسة الإيرانيين حريات ديموقراطية، دون أن يعرضوا ديكتاتوريتهم الدينية للخطر؟

من ثم يقول بوكانان، كيف يمكن للحرس الجمهوري أن يتنازل عن حصته من الاقتصاد الإيراني وينهي تدخلاته الخارجية، دون أن يعرض للخطر السبب الأصلي لوجوده، حماية الثورة الإسلامية؟

جيل جديد

ويشير الكاتب إلى أن نصف الشعب الإيراني من الشباب في عمر 30 أو أقل. وهذا يعني أن الجيل الجديد لم يولد إلا بعد عشر سنوات على قيام الثورة التي أطاحت بالشاه.

وكيف يمكن لنظام ديني التحدث باسم شعب يحمل 40 مليون من أبنائه هواتف ذكية متصلة بالعالم الخارجي، ويطلعون من خلالها على الحريات والرفاه الذي يتوقون إليه، لا تستطيع حكومتهم توفيرها لهم؟

معضلة روحاني

ويشير بوكانان أيضاً لرسائل المحتجين إلى إصلاحيي روحاني، الذين تسلموا السلطة قبل خمس سنوات، والتي تقول إنهم فشلوا.

هنا تكمن، بحسب الكاتب، معضلة روحاني. إنه بحاجة لاستثمارات أجنبية ولمزيد من السلع الاستهلاكية، كي يتحقق نمو اقتصادي، ويتحسن مستوى المعيشة في إيران.

ولكن من المؤكد أن أي نمو يحققه روحاني سيؤدي إلى تقويض أسس النظام الديني في طهران. وعلاوة عليه، سيأتي أي انتقال للسلطة على حساب رجال الدين والحرس الثوري، وهو ما لا يقبل به روحاني.

زر الذهاب إلى الأعلى