هل ساهمت أمريكا في تعيين «القوة القاهرة» وليًا للعهد بالسعودية؟
لم يكن تعيين محمد بن سلمان بن عبد العزيز، وليًا للعهد مفاجئة للكثير، حيث أنه كان متوقعًا في ظل التطورات التي تشهدها المملكة العربية السعودية خلال الآونة الأخيرة، لتصبح بذلك ولاية العهد هي البداية الفعلية لانتقال الحكم من جيل أبناء ابن سعود المؤسس إلى جيل الأحفاد.
رؤية خادم الحرين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز، مهدت لتأسيس جيل جديد من (آل سعود) للعمل وسط تناغم كامل ويتيح لهم مستقبلًا بدفع عجلة الإنتاج بعيدًا عن الصراعات التي شهدتها السعودية منذ 1965 وانتهت بعزل الملك سعود.
الانقلاب الأبيض
52 عامًا مضت منذ الانقلاب الأبيض على الملك إثر مرضه، ليتولى العرش بعدها ولي عهده فيصل بن عبد العزيز، بعد صراع طويل، فهل يعتبر تعيين محمد بن سلمان وليًا للعهد هو انقلاب على الأمير محمد بن نايف؟
لا يمكن الجزم بذلك الأمر، فلطالما كان محمد بن سلمان يسعى لإظهار نفسه أمام الشباب السعودي، كقائد مصلح ووطني مخلص، ليصبح في الصفوف الأولى.
القيصر
"بروس ريدل" الضابط السابق في المخابرات الأمريكية والمتخصص في شؤون الشرق الأوسط، كشف في وقت سابق عن تدهور صحة ولي العهد السعودي محمد بن نايف المفضل لدى أمريكا، جراء استهدافه بعملية تفجير انتحاري نفذه أحد عناصر تنظيم "القاعدة" الإرهابي عام 2009، مُرجحة أن الكفة أصبحت تميل نحو ولي ولي العهد محمد بن سلمان القيصر الاقتصادي كما عُرف في الإدارة الأمريكية.
الرجل الثالث في الحكم سابقًا، اتخذ خطوات جدية ومكلفة منذ تصعيده، كتدخله في إطلاق الحرب باليمن ضد الحوثيين، والتي كبدت الخزينة السعودية نحو 200 مليون دولار يوميا، إضافة إلى قرار زيادة إنتاج النفط لإغراق الأسواق العالمية، ومسؤوليته عن تدهور العلاقات بين السعودية وإيران.
دعم أمريكي
الأمر الذي دفع الإدارة الأمريكية حينها إلى الاعتراف بأن خلافة محمد بن سلمان للسعودية هي "قوة قاهرة واقعية جدًا"، لتبدأ من هنا مراحل التقرب الأمريكي إلى الرجل الثاني حاليًا، إضافة إلى التجهيزات الملكية لتحويل آلية انتقال السلطة تباعًا عبر "هيئة البيعة" التي ساهمت في إضعاف التراتبية العمرية، منذ تأسيسها عام 2006 على يد الملك فهد بن عبد العزيز.
لم يكتفي خادم الحرمين الشريفين بإبعاد الأمير محمد بن نايف من منصبه، بل عكف على تعديل إحدى النصوص المرتبطة بنظام الحكم في السعودية منذ 1992، والتي لم تعد تقتصر على تولي أبناء الملك المؤسس وأحفاده الحكم، بل تم إضافة شرط بأنه لا يكون من بعد أبناء الملك المؤسس ملكاً وولياً للعهد من فرع واحد من ذرية الملك المؤسس.
ومن هذا المنطلق أصدر الملك قرارات بتعيينات خارج نطاق الأسرة، وتم استقطاب عدد كبير من الشباب الأكفاء المؤهلين من خيرة شباب الوطن ووضعهم بمناصب قيادية لتكون نواة أساسية لمستقبل أفضل.
البيعة
وأخيرًا وليس آخرًا قرار هيئة البيعة بتأييد محمد بن سلمان وليًا للعهد بنسبة أصوات بلغت 31 من أصل 34، كانت القاسم الأكبر للمملكة، وأظهرت تلاحم الأسرة وثقتهم بمستقبل البلاد.
وكان قد أصدر الملك سلمان بن عبد العزيز، أمرًا ملكيًا بتعيين الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز وليًا للعهد، ونائبًا لرئيس مجلس الوزراء مع استمراره وزيرًا للدفاع، وتم تعيين عبد العزيز بن سعود بن نايف وزيرًا للداخلية.